تًظهر نتائج جديدة من ثلاثة استطلاعات للرأي العام أُجريت في الضفة الغربية وقطاع غزة، وجود تأييد ساحق لحكومة “الوحدة الوطنية” الجديدة المدعومة من قبل كل من «حماس» و «فتح» – حتى مع وجود أغلبية أضيق ما زالت تدعم محادثات السلام والتعايش السلمي مع إسرائيل.
وتتمتع فكرة حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، كما أُعلنت هذا الأسبوع، بدعم واسع جداً بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفقاً لاستطلاع للرأي موثوق به أجراه “معهد العالم العربي للبحوث والتنمية”، في 24-26 أيار/مايو. ويدعم ثلاثة أرباع الفلسطينيين من سكان الضفة والقطاع دمج الأجهزة الأمنية لـ «فتح» و«حماس» وضم حركة «حماس» إلى منظمة التحرير الفلسطينية. وحتى أن هناك أغلبية أكبر تؤيد المصالحة بين الحركتين حتى لو أدى ذلك إلى فرض عقوبات اقتصادية أمريكية أو ضغوط سياسية إسرائيلية. وفي نتيجة ذات صلة [بقرار المصالحة]، تصاعدت وتيرة التفاؤل العام بخمس عشرة نقطة منذ آذار/ مارس، مع زيادة كبيرة في قطاع غزة بصورة خاصة، من 46 إلى 71 في المائة.
وفي الوقت نفسه، تدعم غالبية ضئيلة جداً من الفلسطينيين في الضفة والقطاع بيان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بأن الحكومة الجديدة “ستعترف باسرائيل وتنبذ العنف، وتحترم جميع الاتفاقات الدولية السابقة.” ولكن الهامش الذي يؤيد ذلك هو أعلى إلى حد ما في الضفة الغربية (54 في المائة مقابل 40 في المائة) من مثيله في قطاع غزة، حيث ينقسم السكان بصورة متساوية تقريباً حول هذا الموضوع.
ولا تزال أغلبية ضئيلة من الفلسطينيين تقبل أيضاً بـ”مبدأ حل الدولتين، مع قيام دولة فلسطينية تعيش في سلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل”. وهنا مرة أخرى، كان هامش الدعم أعلى بكثير في الضفة الغربية (58 في المائة مقابل 39 في المائة) من نظيره في قطاع غزة (52 في المائة مقابل 47 في المائة). والأمر المثير للإهتمام، والمخالف للمنطق في هذه النتائج هو “العائق الأكبر” المُتصوّر لتحقيق هذا الحل وهو: موضوع القدس، وليس قضية اللاجئين – مع هامش هو حتى أعلى نسبة (46 في المائة مقابل 33 في المائة) بين سكان غزة الذين كانوا إلى حد كبير لاجئين في الأصل.
ومن ناحية ما يحدث حالياً، لا يزال نصف الجمهور الفلسطيني يؤيد استئناف محادثات السلام، مع وجود فارق قليل جداً بين رأي سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. وترتفع هذه النسبة إلى مستوى يدعو للدهشة قدره الثلثين إذا ما وافقت إسرائيل على شرطيْن فلسطينييْن: الإفراج عن دفعة رابعة من السجناء الفلسطينيين وتجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر. ويفضل 15 في المائة فقط من سكان الضفة الغربية، و24 في المائة من سكان غزة، “النهج الذي تنادي به «حماس»” لتحقيق الاستقلال الفلسطيني.
ويساعد الاهتمام المستمر في محادثات السلام على تفسير سبب قول ثلثي السكان، في استطلاع منفصل لـ[مؤسسة] زغبي [لخدمات البحوث في الولايات المتحدة] أجرته أيضاً في الشهر الماضي، بأنه “من المهم أن تحافظ بلادهم على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة،” على الرغم من أن 29 في المائة فقط كان لهم رأي إيجابي عن الولايات المتحدة. وقال ستون في المائة بأن الولايات المتحدة “تحاول” على الأقل تطوير علاقات جيدة مع بلادهم. وقد تم تأكيد هذه النتائج من خلال الاستطلاع الذي أجراه “معهد العالم العربي للبحوث والتنمية”، الذي يُظهر أن 55 في المائة من المستطلعين يصفون الولايات المتحدة كـ [وسيط] “مهم لإجراء المفاوضات والوصول إلى الحل النهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
لكن المهمة الأكثر إلحاحاً في نظر الفلسطينيين، وخاصة في قطاع غزة، هي إجراء انتخابات وطنية جديدة: ويشكل هذا الهدف أولوية بين 69 في المائة من سكان غزة، و 45 في المائة من سكان الضفة الغربية. وعلى عكس ذلك، أختار حوالي 10 في المائة فقط من إجمالي عدد المستطلعين، أي من الخيارات الأخرى المقدمة وهي: استئناف محادثات السلام، أو الانضمام إلى عدد أكبر من منظمات الأمم المتحدة والهيئات الدولية، أو المقاومة غير العنيفة، أو المقاومة العنيفة. واذا ما أجريت الانتخابات، سوف يتم تفضيل عباس وحركة «فتح» بصورة أكثر من مرشحي «حماس» بفارق يقرب من 45 في المائة مقابل 15 في المائة – على الرغم من أن حوالي 40 في المائة من الفلسطينيين يقولون إنهم لم يقرروا بعد من سيفضلون أو من غير المرجح أن يشاركوا في التصويت.
سوريا قبل فلسطين!
والشيء الجدير بالملاحظة أنه عندما سُئلوا عن أهم الأولويات بالنسبة للعلاقات الأمريكية العربية، اختار أقل من النصف (47 في المائة) من الفلسطينيين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كما اختار ما يقرب من (39 في المائة) من الذين شملهم الاستطلاع إنهاء الصراع السوري أو مساعدة اللاجئين السوريين. ويتماشى هذا الشعور على نطاق واسع مع نتائج استفتاء أجراه “مركز پيو للأبحاث” في الأراضي الفلسطينية في نيسان/أبريل، والذي يُبيّن أن ثلثي الفلسطينيين يرفضون نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وتُظهر هذه البيانات، أن سياسة الولايات المتحدة حول تحميل الحكومة الفلسطينية الجديدة مسؤولية احترام الالتزامات السابقة حول نبذ العنف وإجراء مفاوضات مع إسرائيل سوف تتمتع بقبول الأغلبية على المستوى الشعبي الفلسطيني. وعلاوة على ذلك، وتطلعاً للمستقبل، يبدو أن الجماهير في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة هي أكثر تقبلاً لآراء «فتح» من انفتاحها لحركة «حماس» في حكومة الوحدة الوطنية الجديدة. وبالنسبة لصناع السياسة الأمريكيين يمكن أن يقدم ذلك بعض الاحتمالات في العمل على الحفاظ على خيار حل الدولتين، على الرغم من رفض «حماس» المستمر لهذا الحل المثالي.
ديفيد بولوك هو زميل كوفمان في معهد واشنطن ومدير منتدى فكرة.