حرب: عرفته بالمثال للعدل السياسي الذي لم ينحدر الى المستويات التي نشهدها
شمعون: علمنا قيمة الوطن وكيف نحافظ عليه ونصونه وبقي كذلك حتى الرمق الأخير
رزق: ألهمنا كيف تكون الرئاسة والمسؤولية محبة وعطاء لان هذا ما يحتاجه لبنان
البستاني: حرص على التوازن وحسن الجوار مع كل الطوائف فكان يحترم ويصادق الآخر
وطنية – دير القمر – 9/10/2010 أقام حزب الوطنيين الأحرار، بالتعاون مع مجلس بلدية دير القمر، احتفالا في ساحة الشهيد داني شمعون في دير القمر، لمناسبة إزاحة الستار عن تمثال للرئيس الراحل كميل نمر شمعون.
وحضر الى جانب رئيس حزب الأحرار النائب دوري شمعون وعائلته، وزير العمل بطرس حرب ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري والحكومة سعد الحريري، ممثل الرئيس أمين الجميل نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية شاكر عون يرافقه عضو المكتب السياسي المحامي جوزف عيد، ممثل رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون الوزير السابق ماريو عون، الوزيرة منى عفيش، ممثل رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الوزير أكرم شهيب، ممثل وزير الداخلية زياد بارود قائمقام الشوف جورج صليبي، ممثل البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير الآباتي مارسيل أبي خليل، ممثل رئيس الهيئة التنفيذية في “القوات اللبنانية” سمير جعجع قرينته النائبة ستريدا جعجع، رئيسة جمعية الأمير الوليد بن طلال الانسانية والاجتماعية الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة، النواب: روبير غانم، ايلي ماروني، ايلي عون، جورج عدوان، علاء الدين ترو، محمد الحجار، فادي الهبر، ومثل النائب مروان حمادة نجله كريم، وممثل النائب نعمة طعمة طوني انطونيوس، وعدد من الوزراء والنواب السابقين، منسق الأمانة العامة لقوى 14آذار النائب السابق فارس سعيد وأعضاء من الأمانة، ووفود من أحزاب: التقدمي الاشتراكي، الكتائب، المستقبل و”القوات اللبنانية”.
وحضر ممثلون عن: قائد الجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي، وقائد الدرك، والمدير العام لأمن الدولة، ومدير المخابرات، ومدراء عامون، ونقباء بينهم نقيب الصحافة محمد البعلبكي، وممثلون عن عدد من البعثات الدبلوماسية وبلديات ورجال دين وشخصيات مختلفة.
النشيد الوطني استهلالا، وتقديم من الدكتور الياس رزق، وشريط وثائقي جرى عرضه عن الرئيس كميل شمعون وأبرز المحطات السياسية والاجتماعية له.
البستاني
وألقى رئيس بلدية دير القمر انطوان البستاني كلمة قال فيها: “كميل نمر شمعون، إبن دير القمر، المحامي والدبلوماسي والسياسي ونائب الشوف ورئيس الجمهورية اللبنانية. اجتمعنا اليوم لتكريمه، إننا نشكركم لتكبدكم هذا العناء، وأهلا وسهلا بكم في دير القمر. كميل نمر شمعون، إن شرفة سينما دير القمر تفتقدكم اليوم، هذه الشرفة التي انطلقت منها أول انتفاضة حضارية وسلمية فتحت أمام لبنان عصر التطور والانفتاح والنمو الاقتصادي، وكنت على رأسها، بحنكتك السياسية وحسن المعاملة، تصادقت مع الزعماء العرب والأجانب، التقدميين والمحافظين، من أقصى الشرق الى أقصى الغرب. ولا غرو فإنك كنت وريث العظماء الذين حكموا لبنان من هنا، من دير القمر.
تابع: “إنك وريث فخر الدين المعني الثاني مؤسس لبنان الحديث والذي انفتح على العالم وعين الرجل المناسب في المكان المناسب، ووضع أسس العلاقات الدبلوماسية مع بلاد الشرق والغرب. وريث الأمير حيدر شهاب الذي أسس لبنان المعاصر بترتيبه أوضاع المناطق وهيكلية الدولة ونظام الضرائب والاقتصاد والزراعة. وريث الأمير بشير الثاني الكبير الذي حكم بعدالة وصرامة، والذي هيأ لبنان ليماشي التطور العلمي: ففتح الموانىء وحاول أن يلعب دورا بين الشرق والغرب، وأرسل الطلاب الى معاهد الطب الفرنسية في مصر، وتلقح ولقح اللبنانيين ضد وباء الجدري، وشيد مستشفى الكرنتينا. حالف محمد علي المصري وفرنسا وايطاليا والفاتيكان. وشيد الجسور وثبت الأمن على جميع الأراضي اللبنانية. إنك وريث داوود بك عمون واوغست باشا أديب اللذين وضعا أسس لبنان القرن العشرين. وعندما انتخبت رئيسا للجمهورية مارست الحكم على طريقة أسلافك إضافة الى نظرتك المستقبلية المحدقة بالقرن الواحد والعشرين، فأعليت شأن الاقتصاد والتجار والصناعة”.
تابع: “ووطدت التعليم وأسست الجامعات وشجعت الثقافة وأنشأت المهرجانات الدولية وزرعت في العالم ممثليك في السفارات كلا حسب اختصاصه المتوازي مع الدولة المضيفة، ونشرت الأمن على جميع الأراضي اللبنانية، وعقدت المؤتمرات الدولية فصالحت الزعماء العرب في ما بينهم. والأهم الأهم أنك كإبن دير القمر والشوف، حرصت على التوازن وحسن الجوار مع جميع الطوائف، فكنت تحترم وتصادق الآخر، وكان الآخر يحترمك ويصادقك. كنت كبير القلب، فصفحت عن كل من أراد أذيتك، عملت بكل قواك لتجنب لبنان كوارث الحرب ومصائبها، ناشدت اللبنانيين والفلسطينيين أن لا ينجروا وراء أعمال تخريبية وحربية، لأنك كنت تعلم أنه إذا وقعت الواقعة كانت الكوارث ستلحق باللبنانيين وبالفلسطينيين على حد سواء”.
أضاف: “لسوء الحظ لم يكن هناك آذان لتسمع، وحين وقعت الكارثة صببت جهودك كلها لتجنب دير القمر والشوف صولات الحرب، فلم تقطع أبدا خيوط معاوية بينك وبين كل الأطراف. وعندما لزم الأمر قاومت الاحتلالات بكل قواك وصمدت بالأشرفية بين أبنائها، وحملت في الوقت ذاته هم حرب الجبل وحصار دير القمر، فخلصت الأشرفية وخلصت دير القمر. لكل هذا تقول لك الدير اليوم، أهلا وسهلا بك مجددا في ربوعها، فكنت وما زلت وستبقى رمزا من رموزها. وكذلك يقول لك الشوف ويقول لك كل لبنان، شكرا كميل نمر شمعون”.
رزق
وتحدث النائب السابق ادمون رزق، فقال: “ما دمنا معا فلا قوة تستطيع النيل من لبنان، والعزاء في وحدتنا واعترافنا كلانا بالآخر، والحرص على الوطن، إننا مدعوون لتأدية رسالة في الشرق لكي نكون نموذجا حضاريا يقول للعالم لا تخطىء تستطيع وأن تفرقنا مذاهب أن نتوحد ونشهد لحقيقة واحدة ان الانسان أخ الانسان”.
أضاف: “يا كميل شمعون ألهمنا كيف تكون الرئاسة والزعامة والمسؤولية والوفاء والولاء والتضحية محبة وعطاء وهذا ما يحتاجه لبنان، ومن يقول بأن القوة الحقيقية هي في ما نمسك من صواريخ وأسلحة وذخائر وما نمتشق من سيوف، أليس الحسين من قال “أللهم إن كنت قد منعت عنا النصر فاجعل لما هو خير منه”، كان يعرف ان النصر بالمحبة والعقل والحضارة، هو خير من النصر بالسيف والمدافع وحاملة الطائرات والقاذفات والقنابل. ان ثورة لبنان يجب أن نحافظ عليها، فليبق الجبل رافدا لكل الشواطىء البعاد وعزة إباء وسيادة وحرية واستقلال، ولتبق أقمار الدير مشعشعة من الجبل وهاجة على مدن لبنان ليظل اللبنانيون المشاعل أمام العرب والعالم”.
حرب
وقال الوزير بطرس حرب: “تقف الدولة اليوم بكاملها إجلالا للرئيس كميل شمعون، وبصفتي الشخصية، لما كانت تربطني به من صداقة ومعرفة ومواكبة، أقول عرفته بالرجل المثال للعدل السياسي الذي لم ينحدر يوما الى المستويات التي نشهدها هذه الأيام، عرفت فيه الأصالة الوطنية الشجاعة، المؤمن بلبنان وبالله وبأبدية وسرمدية وسيادة لبنان. وإن وقفت اليوم بينكم وفرض الكلام فلكي أحيي هذا الرجل والبيت الكريم، ودير القمر وجبل لبنان والشوف، وأملنا أن ينبت أمثال هذا الرجل رحمه الله وأبقاكم سالمين”.
شمعون
والقى النائب دوري شمعون الكلمة الآتية: “لما سألني أحد أصدقائي عن مواصفات التمثال، وإذا كان حجمه صغيرا أو بقامته الطبيعية، أجبته أن تمثالا لعملاق السياسة اللبنانية يجب ان يكون بحجمه، على الأقل، مرة ونصف الحجم الحقيقي، ولو كان المكان يتسع لكنا كبرناه أكثر، ولو أردنا أن نعطيه ما يستحق من عظم، لكان رأس التمثال ناطح السحاب. كميل نمر شمعون كان حقا رجلا إستثنائيا بكل ما في الكلمة من معنى، أكان ذلك بحجمة السياسي أم بنبوغه أم بإخلاقه وعلمه وطيبة قلبه، كان “يزعل” ويعاقب ثم يسامح، كان يواجه الأخطار التي تحدق بلبنان بشراسة تفوق بكثير مواجهة الخطر الذي يقع عليه وعلى عائلته”.
تابع: “لقد علمنا قيمة الوطن وكيف نحافظ عليه ونصونه، علمنا كيف نحب الناس ونحترمهم، كل ذلك ضمن أطر المودة والشهامة والأخلاق، وبقي كذلك حتى الرمق الأخير من حياته، كان رحمه الله، بالرغم أن جسده قد أنهكه السن والمرض، يأبى إلا أن يقوم عن كرسيه ليصافح كل من يزوره بالإبتسامة والكلمة المرحبة اللائقة”.
وقال: “نحن اليوم في مسقط رأسه، غير بعيدين عن منزل أبيه، ولا عن أول مدرسة تعلم فيها، وبجانب سيدة التلة التي تعلق بها وبقيت أيقونتها حول عنقه حتى آخر يوم من حياته، كما نحن على مقربة من حقول دير القمر التي اصطاد فيها وأحب طبيعتها، أحب دير القمر وحببنا فيها، مفتخرا بماضيها وحريصا على حاضرها، ولما كانت الحروب قائمة وأهلها فاقدي الثقة بالمستقبل، شيد منزلا في أعلى تلالها، ليقول للديارنة والمنطقة بأجمعها أنه واثق بالمستقبل، وينظر إليه بكل إيجابية وعنفوان وجأش وصمود، متيقنا أنه بالنسبة لسنه قد لا يأتيه يوم ليسكن فيه”.
تابع: “تعلق كميل شمعون بالشوف والجبل وبالتعايش بين طوائفه، كان دائما الزعيم السياسي الفريد من نوعه، إذ بقي حتى اليوم وبعد ثلاثة وعشرين عاما على وفاته، حيا في قلوب الناس وذاكرتهم، وإينما تنقلت في هذا الجبل أو حتى في جميع مناطق لبنان، مازال اللبنانييون يتكلمون عنه، منهم من عرفه أو من كان أهله يعرفونه كما لو أنه اليوم حيا بينهم. لا شك أنه كان لكميل شمعون أخصام كثر، كما كان له أصدقاء أكثر، ولكن كلاهما كانا يتفقان على أن هذا الرجل ليس من الرجال العاديين، وليس شخصا سيمر عليه التاريخ مرور الكرام، إن أحببته وإن بغضته فهناك واقع ليس بإمكان أحد أن ينكره، وهو ما ذخر به عهده من مشاريع وتشريعات وتطويرات حتى آخر سنة منه، عندما أصبح مشغولا بالدفاع عن إستقلال لبنان وعن بقائه كما كان دائما يردد ليبقى سيدا حرا مستقلا أبديا سرمديا”.
اضاف: “هذه العبارات لم تكن لكميل شمعون مجرد محط كلام، كان يعني ويعمل بما تعنيه كل منها، خرج من الحكم وأنشأ حزبنا، وخاض معارك إنتخابية وسياسية، وقاوم وبقي يقاوم لأخر رمق من حياته، متمسكا بهذه المبادىء ومدافعا عن لبنان واللبنانيين جميع اللبنانيين. وما كان يطلب من الدفاع عن قضايا العرب لم يتأخر يوما، وبخاصة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، حتى لقب عن حق ب “فتى العروبة الأغر”، ولكنه لم “يبد” يوما أي قضية أو مصلحة على قضية لبنان ومصالح شعبه، وهذا ما نريده قدوة يحتذى بها لتصرف جميع السياسيين كي يسلم لبنان، ونتحاشى المشاكل والحروب الداخلية التي لم تنفع أحدا سوى الآخرين”.
وختم: “كميل شمعون أسطورة، لكن لم يكن بإمكانه التوصل الى قمم النجاح والعظمة، لو لم يكن بجانبه زلفا، هذه الأم والزوجة المثالية التي بقيت صامتة مبتسمة متفهمة ما يواجهة من مشاكل وصعوبات. هنا وفي ساحة داني شمعون، لا يمكن أبدا أن أنساه وانغريد والملاكين طارق وجولين، وكل شهداء لبنان، آملا أن يصبح لبنان الدولة التي من أجلها عملوا وقضوا”.
بعدها أزاح حرب وشمعون ونجله كميل ورزق الستارة عن التمثال.