اكد المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون ليئيل ان المحادثات السرية بين إسرائيل والرئيس السوري بشار الاسد قبل اندلاع الثورة السورية، كانت ترتكز على توقيع صفقة شاملة تتضمن تغيير طبيعة العلاقة بين سورية وايران و”حماس” و”حزب الله”.
ليئيل، الذي شارك في اتصالات غير رسمية جرت بين الجانب السوري والإسرائيلي، تطرّق في حديث الى صحيفة “الراي” الكويتية يُنشر غداً الى ما كُشف أخيراً عن ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق على إجراء محادثات مباشرة مع الأسد وان اسرائيل كانت مستعدة للانسحاب الكامل من الجولان لقاء السلام الكامل، لكن تلك المفاوضات انتهت بسبب اندلاع الأزمة السورية، فقال: “منذ يناير 2004 كان الأسد يريد الحديث مع اسرائيل. وجاءت رسائله من مختلف الإتجاهات عبر الأتراك والسويسريين وأحيانا عبر الأميركيين. وباستثناء 2009 بسبب الحرب في غزة، كل الإشارات كانت تشير الى مفاوضات بغض النظر اذا كانت رسمية او غير رسمية لكنها لم تكن سرية”.
واضاف: “في جميع الأوقات كان (الاسد) يريد المحادثات وحتى انه أراد التوصل لاتفاق (..) وفريديريك هوف كان منخرطاً في صراعنا هنا مع الفلسطينيين والسوريين منذ العام 2000 عندما عمل مساعداً لجورج ميتشل في لجنة ميتشل الشهيرة. كما عمل في وزارة الخارجية الأميركية حتى قبل اسبوعين. وكانت تلك مهمته، حيث زار سورية وكان على إتصال مع الأسد والإسرائيليين”.
قال الأسد: إذا أردتم بحث قضايا إقليمية أحضروا الأميركيين، ولكن بوش رفض!
وتابع: “في جميع الأحوال لم يكن بالامكان الحديث عن قضايا اقليمية مثل ايران ولبنان لأن السوريين قالوا: “اذا اردتم الحديث عن القضايا الإقليمية احضِروا الأميركيين الى الغرفة”. وبدوره لم يسمح الرئيس جورج بوش لأي مسؤول أميركي بالحضور الى الغرفة. لهذا لم نتمكن من انجاز قضايا إيران ولبنان. والآن لم يعد الأميركيون فقط داخل الغرفة، وإنما يقومون باجراء المحادثات. لهذا، فإن القضايا مثل لبنان وايران و”حزب الله” شكلت القضايا الأساسية. وشكل ذلك تغييراً كبيراً لأن الصفقة لم تشبه تلك التي انخرط فيها (ايهود) اولمرت حول الانسحاب من الجولان والحصول على علاقات طبيعية مع سورية، وانما كانت صفقة اشمل حيث تتضمن تغيير طبيعة العلاقة بين سورية وكل من ايران و”حماس” و”حزب الله”. ومن المثير انها ليست المرة الأولى التي يقبل فيها نتنياهو الانسحاب من الجولان. لكن القصة الآن، ان احدا لا يريد الانسحاب من مرتفعات الجولان لانه لا يوجد من يأخذ تلك المرتفعات لأن الأمور تغيرت بشكل دراماتيكي”.
سوريا نحو وضع يشبه ليبيا ولكن أكثر فوضوية
وعن توقعاته لكيفية انتهاء الثورة السورية، قال: “أعتقد أنه لا توجد اي منظمة او حزب او فرد سوري قادر على قيادة سورية في العقد المقبل، لا الأسد ولا الثوار. ويمكننا التفكير بوضع ليبيا وما شابهه، لكنه اكثر فوضوية. واعتقد أنه لهذا السبب يتعين الإفتراض ان سورية لن تتمكن من ادارة امورها في العقد المقبل، مما يعني ان الحلف الذي سيقود البلاد هو الحلف الذي سيفوز في الحرب الدائرة بين الأسد والثوار”. واضاف: “الأمور لم تعد بأن الثوار يقاتلون الأسد، فالأسد مدعوم من ايران وروسيا في حين ان الثوار مدعومون من تركيا واوروبا والولايات المتحدة. فالوضع اصبح كحرب شرق اوسطية ان لم تكن حرباً دولية. والحلف الذي سيفوز بهذه الحرب هو الذي سيقود سورية (…) وأعتقد انه في النهاية سيتم الإطاحة بالأسد، واذا لم تتمّ الإطاحة به سيتحول الى ما هو أشبه برئيس بلدية دمشق أو المنطقة العلوية.”
تحالف تركي-مصري لقيادة سوريا مستقبلاً!
وتابع: “أعتقد ان كلا من روسيا وإيران ستتفهمان تدريجيا بأنهما يراهنان على الحصان الخاسر. وفي رأيي ان الأمر سينتهي بانتصار التحالف التركي – المصري – السعودي الذي سينشأ هناك. وما زلت لا أدري كيفية ظهور القيادة السورية المستقبلية واذا كانت سورية ستبقى دولة واحدة. لكنني اتنبأ بأن التحالف التركي المصري الذي يجري بناؤه الآن، وهو التغير الأكثر دراماتيكية في الأشهر القليلة الماضية، سيقوم بإدارة سورية في المستقبل. أما الإعتقاد بأن ايران ستقوم بإدارة سورية فهو ما سيشكل كابوساً بالتأكيد لاسرائيل وللمنطقة أيضاً. وأنصح بقراءة [مقالة نشرت قبل يومين او ثلاثة في “نيويورك تايمز”->http://www.nytimes.com/2012/10/19/world/middleeast/turkey-and-egypt-look-to-team-up-amid-tumult.html
] حول التحالف التركي المصري، حيث ستقوم تركيا بمنح مصر ملياري دولار في شكل مساعدات”.
وسئل: هل إسرائيل دعمت او تدعم بقاء النظام السوري؟
فأجاب: “عندما كنا منخرطين في محادثات غير رسمية مع سورية، وجدنا في بداية العام 2007 مجتمعا سلميا اسرائيليا تجاه سورية، لكن عندما بدأنا العمل مع الجمهور، اكتشفنا مباشرة ان الجمهور الإسرائيلي يعشق مرتفعات الجولان. وهذا الأمر يختلف عن الضفة الغربية. ففي الضفة الغربية يؤمن بعض الإسرائيليين بالضفة من الناحية الدينية وهناك مَن يعتقد بأن علينا الخروج منها، لكنني مع هذا لا أعتقد ان الإسرائيليين يعشقون الضفة الغربية وإنما يعشقون مرتفعات الجولان. فهي تشكل مكانا سياحيا وتمنحك أمنا وهي أراض شاسعة بالنسبة للإسرائيليين. وفي جميع استطلاعات الرأي التي أجريناها، لاحظنا ان 70 في المئة من الإسرائيليين غير مستعدين للانسحاب من الجولان حتى من اجل السلام الحقيقي مع سورية. وكل قائد انخرط في مفاوضات مع سورية كان عليه ان يتذكر ذلك”.
إذا انتصر الأسد ستقوم إيران بإدارة سوريا، ولن نعيد الجولان!
اضاف: “في عام 2000 عندما كان باراك على وشك التوقيع، أجرى استطلاعات للرأي وأدرك بأنه يرتكب عملية انتحار. فمن غير اللائق القول الآن، لكن العنصر الأساسي في التفكير الإسرائيلي، وحتى إن لم يعترف الشعب بذلك، فان الصراع الدائر حاليا في سورية يمنحنا مرتفعات الجولان الى الأبد. فهذا هو التفكير لأنه لا يوجد شخص ليطالب بمرتفعات الجولان في المدى المنظور وحتى لربما في العقد المقبل. واذا بقى الأسد وطالب اي حكومة اسرائيلية بإعادة الجولان في غضون خمس او عشر سنوات، فإن نحو 7 او 8 ملايين اسرائيلي سيبدأون بالضحك وسيقولون له مع كل جرائمك التي ارتكبتَها لا تستحق حتى المطالبة بمرتفعات الجولان (…) والشيء الوحيد الذي قد يثير قلق اسرائيل هو فوز ايران بهذه المعركة الدائرة بين التحالفين. فإذا فازت ايران وبقي الأسد واستسلمت مصر وتركيا، فهذا يعني أن إيران ستصبح على الحدود وليس في شكل “حزب الله”، حيث ان القوى الإيرانية ستقوم عمليا بادارة سورية. فوجود الإيرانيين على الحدود يشكل وضعا تهديديا. وحتى حينها ايضا لا يمكنهم المطالبة بمرتفعات الجولان”.
الأسد خطر “كيميائياً” في مرحلة الخسارة والثوّار أكثر مسؤولية منه!
وعن الأسلحة الكيميائية بسورية في ضوء ما قاله الأميركيون من انها تحت السيطرة، وبعضها قد يذهب الى لبنان، اجاب: “بحسب تفكيري فان على الغرب إحداث تغيير. فقبل بضعة اسابيع قال لنا الأميركيون ان الأسد هو الذي يشكل الخطر وليس الثوار. فكلما ضعف موقفه سيصبح اكثر خطورة من الثوار، فماذا تعني السيطرة على تلك الأسلحة؟ فإذا كان على حافة القتل، يمكنه استخدام تلك الأسلحة. وأعتقد ان السيناريو الأخطر هو سيطرة الأسد على تلك الأسلحة عندما يكون في مرحلة الخسارة”. واضاف: “عند الحديث عن الأسلحة الكيميائية فأنا اخشى ان يقوم الأسد باستخدامها وليست اي قوى اخرى يمكن ان تسيطر عليها. وأعتقد أن جميع القوى التي تحارب الأسد تتمتع بالمسؤولية اكثر منه. وأعتقد ان الهدف يجب ان يتمحور حول ازالة تلك الأسلحة وليس نقلها من جانب لآخر”.
إذا فاز “رومني” تتم مهاجمة إيران خلال آشهر
ورداً على سؤال حول امكان مهاجمة ايران بعد الانتخابات الاميركية قال: “اولا علينا الانتظار لنرى من سيكون الرئيس، اوباما أم رومني. فهما يمثلان ايديولوجيتين مختلفتين فيما يتعلق بالشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، وبالتأكيد إيران. فرومني يحمل نفس تفكير نتنياهو بالنسبة لإيران. وفي حال فوزه، أعتقد بأن ايران ستهاجَم في غضون شهر بعد تسلمه مهمات الرئاسة. وفي حال بقاء اوباما، فأنا غير متأكد من وقوع هجوم على ايران. فنحن لا نسيطر على الأمور وعلينا الانتظار لنرى من سيكون الرئيس ومن سيكون رئيس الوزراء هنا (في اسرائيل) ايضا”.