تعاني معظم وسائل الإعلام اللبنانية، وخصوصا المرئية منها، ازمات مالية خانقة تتفاوت حدتها بين محطة وأخرى. وإذا كانت أزمة “تلفزيون المستقبل” معروفة الاسباب والجذور، فقد كشفت معلومات عن ان محطة “الجديد” (“نيو تي في”)، و”المحطة اللبنانية للارسال” (“إل بي سي”) تعاني، كل واحدة منهما لاسباب مختلفة، من ازمة مالية تؤثر على أداء المحطتين.
المعلومات أشارت الى ان محطة “الجديد” (صاحبها “تحسين خيّاط” كان يُعتبر مشروع سياسي سنّي منافس للحريري)، التي شهدت إنفلاشا إعلاميا غير مبرر وغير مفهوم، بدأت تتراجع تزامنا مع إزاحة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي من السلطة. وتزعم مصادر في بغداد وبيروت أن المحطة كانت تُموَّل من مشاريع تُلَزَّم لنجل صاحب المحطة بأسعار مضخّمة، تتضمن كلفة تنفيذ المشاريع من جهة، ومالاً سياسي من جهة ثانية!
وتضيف المصادر التي يصعب التحقّق من صحة أقوالها انه، بعد سقوط المالكي وإنكشاف حجم فساده المالي، بدأت السلطات العراقية بإعادة النظر في المشاريع التي كانت قيد التنفيذ او تلك التي تم تلزيمها في عهد المالكي، ومن ضمنها المشاريع التي كانت تساهم في تمويل قناة “الجديد”، وتم إعادة حجم البدلات المالية المرصودة من الحكومة العراقية لتنفيذ المشاريع الى أصولها، ما افقد المحطة تمويلها السياسي وأثّر على آدائها التلفزيوني. فأوقفت عددا من الاقسام من بينها قسم الرياضة، وصرفت العديد من العاملين لديها، كما اوقفت تمويل برامج ترفيهية بأكلاف مالية لا تتناسب مع حجم هذه البرامج. كما ان المحطة تتخلف عن سداد التزاماتها المالية لمقدمين ومعدّين وشركات انتاج تلفزيوني كانت تعاقدت معها قبل عزل المالكي وتوقف ضح الاموال.
اما “المحطة اللبنانية للإرسال“، فقد وصل النزاع القانوني بين رئيس مجلس إدارتها بيار الضاهر، وصاحب المحطة الذي أنشأها “حزب القوات اللبنانية”، الى نهايته، حيث يرتقب ان تعود ملكية المحطة لـ”حزب القوات”، في الجلسات المرتقبة. فقد خرج الضاهر من آخر جلسة بخفي حنين وأعذار واهية، مطالبا بعزل القاضي الناظر في النزاع على ملكية المحطة، في سابقة غريبة من نوعها في نزاعات مشابهة بعد ان اصبح الضاهر على يقين من ان المحطة ستؤول ملكيتها للقوات.
مصادر مطلعة على اوضاع المحطات التلفزيونية في لبنان أشارت الى ان من ضمن اسباب الازمة المالية التي تعصف بجميع المحطات تراجع السوق الاعلاني باكثر من 30%، الامر الذي انعكس سلبا على عائدات المحطات، حيث سعت مجتمعة الى اعتماد سياسة إعلانية مشتركة وخلق مساحات مشتركة للافادة من التغطيات الخارجية المباشرة التي ترفع كلفة انتاج التلفزيونات. إلا أن هذا الامر اصطدم بعقبات من طبيعة سياسية على صلة بهوية كل محطة. ففي حين التزمت بعض المحطات تأييد ما يسمى “الحراك” المدني واوقفت برامجها اليومية المعتادة وعمدت الى نقل مباشر للتظاهرات على مدى 24 ساعة إلى 24 للهرب من كلفة البرامج اليومية، نأت محطات أخرى عن المنافسة والانجرار الى سياسة الشارع، وأبقت على برامجها المعتادة وتعاطت مع خبر التظاهرات بالحدود المهنية.