يشهد مرفأ بيروت، الذي لا يزال يعاني من آثار الأضرار والإهمال، اضطراباتٍ كبيرة منذ حوالي أسبوعين، ما أدى إلى تعطل شبه كامل للعمليات الإدارية. يتجلّى ذلك في تشغيل الأنظمة الإلكترونية التي تدير المرفأ لدقائق معدودة، ثم توقفها لساعات طويلة، ما ينعكس سلبًا على حركة إخراج البضائع ويسبب أضرارًا فادحة لكل من المستوردين والبضائع المستوردة.
تعطل الأنظمة وسوء الإدارة
منذ أسبوعين، تتعطل جميع أنظمة “شركة المرفأ” تباعًا، والتي تديرها شركة”سي أم آ ـ سي جي إم” (CMA CGM). هذا التعطيل يؤثر بشكل مباشر على أنظمة حيوية مثل نظام “كاما” (CAMA)، المسؤول عن إصدار أذونات التسليم، بونات الكشف، وقطع البور. يعمل هذا النظام بشكل متقطع، مما يسمح بالاستفادة منه لدقائق معدودة قبل أن يتوقف لسبب غير معلوم، قد يكون متعمدًا.
يؤمن نظام “كاما” خدمات أساسية لإخراج البضائع، مثل إصدار أذونات “قطع بور” التي تحدد الرسوم الواجب دفعها لكل قياس حاوية (20 أو 40 قدمًا)، حيث تبلغ رسوم حاوية الـ 40 قدمًا 550 دولارًا أمريكيًا بالإضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة ورسوم المصرف.
تحديات الفحص والنقل
كما يصدر نظام “كاما” بونات الكشف التي تسمح بفحص الحاويات. بعد إصدار “بون الكشف” ودفع الرسم، يلجأ المخلص الجمركي إلى استصدار “رصاصة” جديدة يتم ختم الحاوية بها بعد نزع الأصلية وفحص محتوياتها. المفترض أن يتم نقل الحاوية في اليوم التالي إلى بورة الكشف، إلا أنه خلال الأسبوعين الماضيين، تأخر نقل الحاويات ليومين أو ثلاثة أيام بعد الانتهاء من إجراءات “بونات الكشف“. وقبل الكشف على الحاويات من قبل كشافة المرفأ والجيش اللبناني والجهات الاخرى المعنية!
ازدحام وتوقفات مستمرة
تتفاقم المشكلة مع توقف الميزان الرئيسي، الذي توزن بواسطته الحاويات، عن العمل. أما النظام الذي يمنح الأذونات للشاحنات المحملة بالحاويات للخروج من المرفأ، فيعمل هو الآخر لدقائق معدودة ثم يتوقف، ما يعقد حركة خروج الشاحنات بشكل كبير. فبدلاً من أن تكون الحركة سلسة، أصبح خروج شاحنة واحدة يستغرق ساعة ونصف تقريبًا، ما أدى إلى فوضى عارمة في المرفأ.
مشاكل البوابات الرئيسية
تعاني بوابات المرفأ الرئيسية لخروج الشاحنات أيضًا من إشكالات. البوابتان المعتمدتان حاليًا لخروج الشاحنات، حيث تم تركيب أجهزة “السكانر”، هما البوابة رقم 9 والبوابة رقم 14. “السكانر” متوقف عن العمل عند البوابة رقم 14، ويعمل فقط عند البوابة رقم 9. ومع ذلك، تطلب الإدارة من أصحاب الحاويات التوجه إلى البوابة رقم 14 المتوقفة لقطع “الرصاصة”، ثم العودة إلى البوابة رقم 9 لإجراء الكشف. هذا يعني حركة شاحنات محملة بالحاويات تتجول من أول المرفأ إلى آخره بين البوابتين، ما يتسبب باختناقات مرورية لا مبرر لها سوى عرقلة العمل.
حضور الجيش وتساؤلات حول الأسباب
بالتزامن مع هذه الأعطال، يُكثِّف عناصر من الجيش حضورهم اليومي في المرفأ، وتحديدًا في المباني المخصصة للعموم، وليس تلك المخصصة لحملة التصاريح والأذونات. يتواجد حوالي عشرة عناصر من الجيش يوميًا لأكثر من ساعتين، حيث يقف ثلاثة منهم عند مدخل مبنى “بنك أوف بيروت”، حيث يداوم رؤساء المعاينات والكشف، وبعض مراكز شركات الشحن.
تثير هذه التطورات تساؤلين حول الهدف من هذه التدابير:
الخسائر المترتبة على الأوضاع الحالية
لقد عبر أحد المتضررين من الأعطال والإجراءات، بتهكم، قائلاً أن “ما يجري ينتظر قرار الرئيس نبيه بري بشأن سلاح حزب الله“.
يبقى السؤال الأهم: هل يدرك وزير الأشغال وسلطات الوصاية على المرفأ حجم الأضرار والخسائر المترتبة على أعطال أنظمة المرفأ؟ فكل تأخير في إخراج البضائع يعرض أصحابها لبدلات توقف في المرفأ، ما يعني بالضرورة رفع سعر البضائع المستوردة فقط بسبب الإهمال وعدم انتظام العمل.