إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
آنَ الأوانُ لوضعِ حدٍّ لهذا الابتزاز المزمن، الذي أضحى جرحاً مفتوحاً في جسد الوطن.
لقد رهنَ “الحزبُ” وحلفاؤه مستقبلَ لبنان لعقودٍ طويلة، مُحوّلين كل أملٍ بالسيادة والاستقلال إلى سرابٍ يتبدد عند أول مواجهة مع الواقع.
بدعمٍ من طبقة سياسية صمتت حين وجبَ الكلام، وتواطأت حين وجبت المواجهة، اغتيلَت الإرادةُ الوطنية، وأُطفِئت شعلة العدالة، حتى صار الإفلات من العقاب عقيدةً تهيمن على كل أركان الحكم.
إنّ الأغلبية الساحقة من اللبنانيين لم تعد تحتمل أن تكون رهينةَ حزبٍ انتحاري، محاط بجوقة من الانتهازيين والمنافقين الذين احترفوا استغلال الجراح الوطنية.
هذا الشعب، الذي أُنهِكَ حتى العظم، لم يعد يبحث عن الأحلام الكبرى؛ كل ما يطلبهُ هو حياةٌ طبيعية، بعيدة عن ثقافة خانقةٍ تقتاتُ على الاستشهاد وتحوِّل الفناءَ إلى مصير محتوم.
على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء أن يتحرّكا فوراً، مستندين إلى إرادة هذا الشعب المرهَق، لإنقاذ المصلحة الوطنية من براثن المراوحة والشلل.
لقد حان الوقت، ولأول مرة منذ انتهاء الحرب، أن تمارس الأغلبية حقها الطبيعي في الحكم، بعيداً عن المساومات القاتلة التي حوّلت لبنان إلى مختبرٍ دائم للفشل.
استعادة الدولة وسيادتها الكاملة، واحترام الدستور وقيم الجمهورية، ليست شعاراتٍ عابرة، بل ضرورة وجودية.
لا مكان هنا لـ”الميثاقية” التي تُستخدم شَمّاعةً للشلل، ولا للامتيازات الطائفية التي تكرّس المحاصصة.
النظام الديمقراطي البرلماني يضمن التمثيل العادل للجميع تحت قبة المجلس النيابي، أما الحكومة، فيجب أن تكون فريقاً متناغماً ومنتجاً، لا مسرحاً للصراعات العبثية والطموحات المدمرة.
لقد دمّر “الحزب” وحلفاؤه هذا الوطن.
وفي ظل غطائهم، تحوّل الفساد من مرضٍ إلى وباء، سحق الشعب اللبناني، بينما اكتفت الطبقة السياسية بالمشاهدة، عاجزة أو متواطئة.
إن الإشفاق على هؤلاء، أو العودة إلى نقطة الصفر، أو الوقوع مجدداً في فخ “لويا جيرغا”، يعني خيانة لدماء الشعب الذي قدّم كل شيء وبقي بلا شيء.
اللبنانيون لن ينتظروا ستة أشهر أخرى لتشكيل حكومة تُفرمل ولادتها المحاصصة وشروط الفيتو، ولن يقبلوا ست سنوات أخرى، أي مدة ولاية رئاسية كاملة، لمعرفة ما إذا كان النظام الجديد سيعيد إنتاج الخيبات نفسها.
إذا أصرّ الثنائي الموالي لإيران على تجاهل هذا الواقع وكأن شيئاً لم يحدث، فقد آن الأوان لإخضاعه، كباقي المكونات، لحكم القانون.
وربما حان الوقت أيضاً للمطالبة بانتخابات مبكرة، قبل أن يعيد فرض هيمنته على حساب الدولة والطائفة.
ارتكاب خطأ قد يكون مفهوماً.
تكراره تحت الضغط قد يُغتفر.
أما الإصرار عليه طوعاً، فهذا لن يُغتفر أبداً.
لم يسبق للرأي العام اللبناني أن وقف بهذا الشكل خلف رئيسٍ للجمهورية ورئيس وزراء في سَعيهما إلى التغيير.
لكن… عليهما أولاً أن يؤمنا بنفسيهما، فهذا هو السبيل الأوحد لإنقاذ الوطن من الفناء.