خلال قيام الشرطة البلدية في مدينة صيدا بإزالة احدى المخالفات قرب المرفأ القديم، صباح السبت 6 كانون الاول 2025، بعد محاولات عديدة جرت سابقاً، تعرَّضَ رئيس بلدية صيدا المهندس مصطفى حجازي لمحاولة اعتداء من قبل بعض المخالفين وتم التهجم على سيارته ورمي افراد الشرطة البلدية بمادة البنزين، ما دفع قائد الشرطة البلدية الى إطلاق النار في الهواء لردع المعتدين.
هذه الحادثة دفعت حجازي الى رفع دعوى قضائية بحق المعتدين، كما اصدرت هيئات ومجموعات وجمعيات أهلية ومدنية بيانات استنكار لما حدث من تعدٍّ على رئيس البلدية والشرطة البلدية خلال محاولتهم تطبيق القانون وإزالة المخالفات، على الرغم أن بلدية صيدا امّنت أماكن بديلة لعرض بسطات السمك المجلد خارج الشارع العام.
وتشير الوقائع الى انتشار حالات التعدي والمخالفات على الأملاك العامة خلال السنوات الماضية، وهي حالات تحظى بحماية سياسية واضحة تمنع اي جهة تطبيق القانون بحجة تأمين فرص عمل للمخالفين وحاجة عائلاتهم للعيش بكرامة.
فمنذ إعادة العمل بالمجالس البلدية عام 1998، ومجالس صيدا البلدية المتعاقبة تعمل على إشاعة الفوضى في مختلف الميادين بقصد او بدون قصد, ولعل ابرز ما جرى خلال ربع القرن الماضي من فوضى هو استخدام الأملاك العامة والاملاك البلدية الخاصة لمصلحة جهات، وعلى حساب مؤسسة البلدية نفسها.
وعلى الرغم من الوعود التي اطلقتها المجالس المتعاقبة بمعالجة المخالفات، الا ان الوصاية السياسية على المجالس كانت الحاجز الذي يمنع مؤسسة البلدية من ممارسة دورها بتطبيق القانون والمحافظة على تنظيم شوارع وأسواق المدينة.
وفي الانتخابات البلدية الاخيرة، رفعت اللوائح المتنافسة اهدافاً تتعلق بتنظيم الأسواق وإزالة المخالفات، وتقديم الحلول البديلة للمخالفات، وخلال الأشهر الستة الماضية لم يستطع المجلس البلدي المنتخب وضع آلية واضحة وقابلة للتنفيذ بشأن المخالفات من بسطات الخضار واحتلال الأرصفة وصولاً الى بسطات السمك المجلد.
ومن مراجعة بيانات الاستنكار لما حصل، يُلاحظ ان الهيئات المستنكرة من جهات أهلية ومدنية بعضها ينتمي الى جهات مؤيدة لرئيس البلدية واخرى معارضة له، ولكن المساحة المشتركة بينها هي دفاعها عن مؤسسة البلدية ودورها في تنظيم المدينة،
لكن المفارقة كانت في غياب اي موقف من القوى السياسية الاساسية التي تحضّر نفسها للانتخابات النيابية القادمة وما تستلزمه الإنتخابات من”زبائنية سياسية” ما يفرض عليها ممارسة شعبوية يجعلها تتجاهل المخالفات وتغطيها من خلال الترويج بان اساس المخالفات يكمن بالحاجة الاجتماعية. وبعضها يحاول استغلال الحادثة من خلال استقبال المخالفين ومحاولة تدوير الزوايا تجاه المشكلة.
ان نجاح المجلس البلدي في تقديم حلول مناسبة لمنع تكرار الاعتداء على الأملاك العامة والمخالفات في هذه المشكلة يفتح الباب امام إزالة التعديات في شوارع وأسواق المدينة.
والخيار الآخر هو “الفوضى غير الخلاقة” واغراق مدينة “صيدا” بخرق القوانين وتثبيت المخالفات.
