يبدو رقم ١٢ ألف مسلّح “مبالغاً”! ولكن حتى لو صحّ قسم من معلومات التقرير الذي نشرته “النهار” صباح اليوم، فذلك يعني ان “القصير” يمكن أن تتخطى رقم ٣٣ يوماً الذي سجّله حزب الله في حرب ٢٠٠٦ ضد إسرائيل، وأنها قد تهزم محاولات اقتحامها! وهذه مسألة سيكون لها عواقب سياسية كبيرة على مستوى حزب الله وحسن نصرالله!
*
يروي احد المدنيين السوريين الخارجين من جحيم معركة القصير الى الاراضي اللبنانية المجاورة لاجئاً اسوة بعشرات الالاف قبله، اخباراً تختلف تماماً عما تنقله وسائل الاعلام عن الوضع الميداني في المدينة التي تحولت مفتاحاً للحرب الاهلية السورية ومعياراً لموازينها. واستناداً الى روايته، فإن ثمة 12 الفاً من المقاتلين المؤيدين المعارضين للثوار يتحصنون داخل المدينة ويتشكلون من مجموعات “اسلامية متشددة” مثل “جبهة النصرة” اضافة الى مجموعات عسكرية تابعة لـ”الجيش السوري الحر”. والى جانب هؤلاء الآلاف من السكان المدنيين الذين ما زالوا مقيمين في المدينة ويشكلون في نهاية المطاف مشروع ضحايا ومجزرة ضخمة عند اندلاع اي معركة قرب احيائهم السكنية نتيجة القصف الجوي والمدفعي.
وينقل الخارج من القصير، أن مسلحي المعارضة هناك يمتلكون قوة عسكرية جيدة ويتلقّون الامدادات العسكرية عن طريق فتح خطوط التموين بالقوة والاشتباكات العسكرية الضارية، وقد وصلت الى المدينة قبل يومين مجموعات عسكرية مدججة عبر طرق ملتوية بعد انكشاف كل الطرق والممرات السرية والسيطرة عليها من الجيش النظامي السوري ومقاتلي “حزب الله”. ويرسم الراوي – اللاجىء خطوط النار التي تحيط بقطاع القصير، بأن مواقع الجيش السوري النظامي لا تزال عند حاجز المشتل، أي جنوب القصير، ولم يتقدم خطوة على هذا المحور، اما شمال القصير فلقد تقدم مقاتلو “حزب الله” الى مطار الضبعة وتبعتهم وحدات الجيش النظامي، ثم عاد المطار ليتحول مرة جديدة ساحة للكرّ والفرّ بين الجانبين المتقاتلين.
ولجهة الشمال، يقول الراوي ان الجيش السوري دخل بلدة الجودية التي يسكنها مواطنون من الطائفة المرشدية، وذلك بعد انسحاب مسلحي المعارضة خشية تطويقهم. أما غرباً، فيؤكد ان الجيش النظامي لا يزال عند مواقعه في زيتا. وعلى ذمة الراوي، ان الصور والافلام التي تعرض لوحدات الجيش السوري في القصير هي للأحياء الشرقية من المدينة الواقعة شرق اوتوستراد حمص- القصير، والتي لم تنسحب منها وحدات الجيش النظامي يوماً، ولا تزال متمركزة فيها منذ بدء المواجهات المسلحة في تلك المنطقة. ويضيف ان الصور والافلام التي تعرض لمقر البلدية هي صور قديمة، ذلك ان الوصول الى تلك النقطة امر خطير جداً نظراً الى وجود قناصة وتحوّل ذلك المحور جبهة مشتعلة باستمرار. ويؤكد الراوي استناداً الى ما كان سمعه وعاينه قبل خروجه من القصير ان وسط المدينة لا يزال مع مسلحي المعارضة الذين يتحصنون في تلك الاحياء بالمئات، ويبدو من الصعب اخراجهم منها من دون تدمير تلك الاحياء وتسويتها بالارض.
ويمضي صاحب المعلومات الى تأكيد اخبار دخول الجيش النظامي قرى عدة في محيط القصير او ما يسمى في سوريا بريف القصير، لكن غالبية انحاء المدينة لا تزال في يد المجموعات المسلحة التي يبدو انها تستعد لمعركة “حياة او موت” على ما يقول، اذ يؤكد ارتفاع نسبة المقاتلين ممن ابلغوا اهالي المدينة انهم يفضلون الموت على الاستسلام او الانسحاب، وانهم يملكون قدرات تؤهلهم للقتال مدة طويلة، ويلوّحون بأن المدينة ستكون مقبرة لمهاجميها.
اما عن أحوال السكان الباقين، فيشرح اللاجىء من القصير انهم يأكلون من الاعانات التي تصلهم ويستنفذون مؤونتهم المنزلية، ويعتمدون في تأمين الخبز على ما يوفره المسلحون من ربطات ينقلونها الى المدينة. وفي الخلاصة التي ينقلها الراوي، ان المعركة تبدو طويلة وعمليات الكر والفر سيدة الساحة في تلك الانحاء الشاسعة حيث تدور حرب عصابات حقيقية أشبه بما جرى في مخيم نهر البارد من قتال طويل الامد.