إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
ترجمة “الشفاف” نقلاً عن “معهد واشنطن“:
الجنرال إفرايم ديفرين (يتعاطى العلاقة مع لبنان منذ العام 2006)
حددت القيادة السياسية الإسرائيلية ثلاثة عقبات أمام التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في لبنان. أولاً، الشاغل الرئيسي هو التأكد من أن شروط الاتفاقية قد تم الوفاء بها، بغض النظر عن الجدول الزمني للإنسحاب. ومع ذلك، أظهر حزب الله بالفعل أنه لن يلتزم بالضرورة يلتزم بتنفيذ التزاماته المتفق عليها.
ثانيًا، أرسلت القوات المسلحة اللبنانية نصف القوات التي وعدت بنشرها في جنوب لبنان في البداية. وعلى الرغم من أن إسرائيل تفهم الأوضاع الأمنية وراء هذا القرار، إلا أن الفشل في الوفاء بالتزام نشر القوات النظامية يثير المخاوف بشأن قدرة حزب الله على استعادة موطئ قدم في جنوب لبنان.
ثالثًا، يجب على لبنان أن يؤكد السلطة العسكرية الكاملة على كل أراضيه، لكن الاحتجاجات المستمرة في مطار بيروت تظهر أن الجيش اللبناني لم يحقق هذا الهدف بشكل كامل. لذا ينبغي للمجتمع الدولي أن يفكر مليًا قبل ضخ الأموال في الميزانية العامة للجيش – إذ سيكون النهج الأفضل هو التركيز على توفير المعدات ووضع شروط على الأموال المخصصة لرواتب الجنود. سيشجع ذلك المساءلة ويضمن أن الدعم المالي يتماشى مع مقاييس أداء واضحة. (في مداخلته الشفهية، قال الجنرال الإسرائيلي أنه يعرف أن رواتب عناصر حزب الله أعلى من رواتب جنود الجيش اللبناني).
أما بالنسبة لحزب الله، على الرغم من تعرضه لخسائر فادحة في قيادته وترسانته، فإن الجماعة لم تُهزم بعد. لا يزال حوالي 10-20 في المئة من أسلحته وعناصره قادرة على العمل، ويعتقد حزب الله أنه يمكنه الاستمرار في تنفيذ العمليات السرية في الجنوب.
إن لحزب الله جذوراً عميقة في لبنان، وقد تعاونت بعض عناصر الجيش اللبناني مع حزب الله. لمعالجة هذه المشكلة، ينبغي للمجتمع الدولي النظر في فرض عقوبات على شخصيات مثل رئيس البرلمان نبيه بري، أحد الداعمين الرئيسيين لحزب الله. ويحتاج لبنان إلى مساعدة خارجية للحد من تأثير حزب الله وإعادة بناء الثقة في مؤسسات البلاد العسكرية والسياسية.
هنالك مصدر قلق آخر يتمثل في أن “اليونيفيل” فشلت مرارًا في الوفاء بتفويضها. وبدلاً من أن تكون قوة حفظ سلام محايدة، أصبحت جزءًا من المشكلة، سواء بسبب عدم الفعالية أو التواطؤ. إذا كانت “اليونيفيل” لا يمكن إعادة هيكلتها لتؤدي دورًا ذا مغزى في الحفاظ على السلام والأمن، فإن استمرار وجودها سيؤدي إلى مزيد من الضرر (أضاف في مداخلته الشفهية أن الأميركيين، بل وحتى الفرنسين، يتساءلون عن جدوى بقاء “اليونيفيل”.
أولوية إسرائيل الفورية هي العودة الآمنة لمواطنيها إلى المدن الشمالية التي تم إخلاؤها خلال الحرب، خصوصًا مع افتتاح المدارس في 1 مارس. ومع ذلك، فإن إسرائيل ملتزمة أيضًا بالبحث عن حل دائم للحدود مع لبنان بناءً على تقدم حقيقي في المجال الأمني، ولييس بناءً على مجرد مواعيد سياسية. على المدى الطويل، يمكن للبلدين أن يخرجا من هذا النزاع كشريكين مهمين في السلام، ولكن فقط إذا تعاملا مع التحديات الأمنية الأساسية.
الجنرال أساف أورين
يرى صناع السياسات من الجانبين إمكانات كبيرة للتعاون حول الأهداف الأمنية. يشير تَحوُّل لهجة لبنان إلى إعادة ضبط استراتيجية، حيث يدرك القادة أن الهدف ليس فقط التوصل إلى اتفاق أمني، بل التأكد من أنه يُنَفَّذ فعلاً في الواقع. وفي المقابل، تتبنى إسرائيل نهجًا صبورًا قائمًا على الأداء بدلاً من الالتزام بجدول زمني صارم، مع التركيز على العلاقة طويلة الأجل بدلاً من ترتيب أمني قصير النظر.
منذ هجوم 7 أكتوبر، شهد الموقف الأمني الوطني الإسرائيلي تحولًا عميقًا حيث لن يتم التسامح مع انتهاكات أمنية من العدو بعد الآن. تم إثبات هذا التغيير في لبنان، حيث يتعاون الجيش الإسرائيلي مع “اليونيفيل” والجيش اللبناني، لكنه يتصرف أيضًا بشكل منفرد عندما يكون ذلك ضروريًا. تعكس هذه الوضعية عزيمة مشددة واهتمامًا بحماية مصالح الأمن الإسرائيلي – وأيضًا مصالح لبنان بشكل غير مباشر.
أما بالنسبة للبنان، فإن التحدي الرئيسي يكمن في اتخاذ خطوات حاسمة داخليًا. حزب الله تراجع، لكنه لم يُهزم. لذا يجب على الحكومة أن تقدم توجيهات واضحة وقوية للجيش اللبناني، وأن تطالب بتحرك “اليونيفيل”، وتمكين القوتين من مواجهة حزب الله في كل مكان، بما في ذلك المواقع التي يطلق عليها “ممتلكات خاصة”.
للمجتمع الدولي دور دقيق في جميع الجهود المذكورة أعلاه. أولاً، يجب أن يضع شروطًا واضحة لدعم الجيش اللبناني – وهي منع استفزازات حزب الله، وتفكيك بنية الجماعة التحتية، والتعاون مع الحلفاء الدوليين لاستهداف شبكته المالية واللوجستية والإجرامية. يجب على المسؤولين الأجانب أيضًا إعادة تقييم دور “اليونيفيل”، وأن يقرّروا ما إذا كانت “اليونيفيل” يمكن أن تصبح القوة الفعّالة ميدانياً، وإذا لم تكن كذلك، يجب تحديد ما إذا كان من الأفضل حَلٌّها.
قد يستغرق الأمر وقتًا لتحقيق شراكة كاملة للجيش اللبناني في تأمين لبنان؛ وحتى ذلك الحين، يجب على إسرائيل الاستمرار في الحفاظ على أمنها على طول وعبر الحدود. من المهم اتباع نهج تدريجي لإعادة بناء الجيش اللبناني – نهج يعتمد على شروط قائمة على الأداء. إن التوقف الحالي للأعمال العدائية يعد خطوة أولى قوية. يجب على المسؤولين الآن أن يتطلعوا نحو وقف دائم لإطلاق النار يعالج التهديدات الأمنية الرئيسية التي تواجه البلدين، وهي أساسًا حزب الله. ومن هناك، قد ينفتح الأفق أمام جهود بناء السلام بشكل أكثر رسمية. ستكون هذه النتيجة هزيمة نهائية لسردية حزب الله باعتباره الحامي المزعوم للبنان.