وطنية – 19/10/2010 أسف رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، خلال مقابلة مع محطة ال “BBC” العربية ل “لأهمية التي أولتها وسائل الاعلام ورجال السياسة في لبنان للقمة السعودية – السورية، باعتبار ان الملف اللبناني هو شأن داخلي، ومواقفنا واضحة من كل الأمور أيا تكن الدول المجتمعة، فمواقفنا مبنية على قناعات وأسس ثابتة وواضحة”، لافتا الى انه “في نهاية المطاف حان الوقت لتكون الشؤون اللبنانية ومسار السياسة الداخلية محددة فقط من قبل الفرقاء الداخليين اللبنانيين، ولكن للأسف قسم كبير منهم مرتبط خارج لبنان”.
وأوضح جعجع ان “ما انتهت اليه القمة السعودية – السورية في ما يتعلق بلبنان هو لا شيء، باعتبار ان مواقف الفرقاء محددة بشكل واضح حول المحكمة الدولية وكل الأمور المتعلقة بها”، مشيرا الى ان “هدف القمة الثلاثية التي حصلت في لبنان هو تثبيت الاستقرار فيه، جراء النفوذ التي تملكه سوريا على الفرقاء الذين بإمكانهم تخريب الوضع على الأرض، وعلى هامش هذه القمة طرح الرئيس السوري بالأصالة عنه وبالنيابة عن حلفائه في لبنان تأجيل القرار الظني للمحكمة الدولية، وكل ما قام به الملك السعودي أنه أبلغه ان كان هذا الأمر يأتي ضمن سياق المحكمة والقوانين فلم لا، ولكن تبين لاحقا ان التأجيل لا يأتي ضمن السياق الطبيعي للأمور، لذلك لم يحصل اي شيء على هذا الصعيد”.
وعن قول بعض الفرقاء في لبنان ان هناك قرارا ظنيا في ما لو صدر سيفجر الوضع في لبنان، اعتبر جعجع ان “هذه قراءة خاطئة باعتبار ان القرار الظني يواجه بمنطق القرار الظني”، سائلا “ما علاقة ما سيصدر في القرار الظني بالمواطنين في شوارع بيروت؟ فلماذا سيفجر الأوضاع في لبنان؟”، مشددا على ان “مواجهة القرار الظني تكون عبر تقديم مجموعة قرائن وأدلة ووقائع تدحض قرائن وأدلة ووقائع هذا القرار”.
واستغرب جعجع افتراض بعض القوى بأن صدور القرار الظني سيؤدي الى فتنة، فقال “هذا يعني ان هذه القوى تهدد كل الآخرين” انه في حال صدور أي قرار ظني، حتى ولو كان سيدين اسرائيل، بتفجير الأوضاع في لبنان، وهذا كلام غير مسؤول وغير مقبول”.
وعما اذا كان المسعى السعودي للتهدئة يرتكز على تسوية تشمل القرار الظني، أكد جعجع “ان هذا الامر غير وارد اطلاقا، لأن المملكة العربية السعودية لم تتدخل يوما من الايام في تفاصيل او قرارات يتخذها اللبنانيون، فكل أطياف قوى 14 آذار اتخذت قرارها بكل ما له علاقة بالمحكمة الدولية، وقراراتنا واضحة ومعلنة امام كل الناس، وتحركاتنا تحصل من هذا المنطلق لذا تدخل المملكة غير وارد”.
وعن تدخل السعودية لدى رئيس الحكومة سعد الحريري فصدر عنه موقف هو شبه اعتذار من سوريا، ويعتبر فيه ان شهود الزور ضللوا التحقيق، رأى جعجع “ان هذا الموقف لرئيس الحكومة هو اعلامي ولا تبعات عملية او قانونية له”، مشيرا الى انه ” يعمل من أجل الاستقرار كهدف بحد ذاته دون ربطه بالقرار الظني او بالمحكمة الدولية او بأي شيء آخر، وأنا أتحدث عن كل ما أعرفه في داخل فريق 14 آذار، ومن ضمنهم تيار المستقبل، باعتبار ان مواقفهم معلنة ولكن طريقة تعبيرهم هي التي تختلف”.
وحول السيناريوهات المطروحة في الداخل اذا لم يلغ القرار الظني، قال جعجع “لا سيناريوهات، فلننتظر صدور القرار الظني، والى حين صدوره يحق للفرقاء الآخرين القيام بكل ما يرونه مناسبا داخل المجلس النيابي والحكومة”، لافتا الى انه “عند صدور هذا القرار سنقرأه جميعا، وليسوا هم فقط من سيدرسونه ويناقشونه بكل تفاصيله وبعين ناقدة بل نحن، لأننا لن نقبل أي تلاعب به اذا كان هناك من مجال للتلاعب به”.
وأشار الى ان “القضية ليست فقط قضية القرار الظني، بل هي التخلص من المحكمة الدولية كلا بكل، مستشهدا بقضية شهود الزور التي يتحدثون بها في حين انه لا يوجد حاليا قضية اسمها شهود الزور، باعتبار أنها تبت بعد صدور القرار الظني، أو بالأحرى الأحكام النهائية”.
وعن توقيف الضباط الأربعة بسبب شهادات الزور، قال جعجع “هذا غير صحيح، فقاضي التحقيق وحده هو الذي يعرف على ماذا ارتكز لتوقيف الضباط كما ان 1% (بالمئة) من الشك تكفي لتوقيف أي انسان في قضية جرمية، وبالتالي الضباط الاربعة من خلال المواقع التي كانوا فيها، والتلاعب الذي حصل في مسرح الجريمة وشريط ابو عدس ومحاولات أخذ التحقيق الى مكان آخر، وموضوع الحجاج الاستراليين، الذي تبين ان لا وجود له على أرض الواقع، ألا تشكل كل هذه الوقائع شك ولو بنسبة 1% (بالمئة) بغض النظر عن افادة أي شخص لتوقيفهم؟ ومن قال ان الضباط الاربعة سيكونون أبرياء فلا أحد يعلم؟ لذا علينا انتظار صدور القرار الظني، فالمنطق الأهم انهم لم يوقفوا بسبب افادات معينة”.
وجدد جعجع التأكيد أنه “ليس بإمكان أحد التكلم عن اي شهادات زور قبل صدور القرار الظني، بل كما قال بلمار شهادات مشكوك بصدقيتها، فعلى سبيل المثال لا الحصر اذا اخذنا شهادة محمد زهير الصديق، ففي أغلب الظن كما يتبين لنا في الاعلام انه شخص “خنفشاري” ولكن قانونيا لا يمكننا الا انتظار القرار الظني لنقارن ما قاله الصديق بمجموعة الوقائع التي جمعت في هذا القرار”، موضحا أن “فريق 14 آذار لم يقر بصدقية ملف شهود الزور بل، هناك فريق من الوزراء اعتبرها قضية، لذلك قدم وزير العدل دراسة حولها”، مؤكدا انه “مستحيل احالة هذا الملف الى المجلس العدلي، لأنه محكمة استثنائية محدودة الصلاحية وتقع مسؤوليتها على المواد بين 270 و 336 من قانون العقوبات اللبناني، بينما قضية شهود الزور تقع تحت المادة 408”.
وعن ربط وزراء 8 آذار وجودهم بالحكومة بطرح قضية شهود الزور على التصويت، قال جعجع “عندها يكونوا يختلقون مشكلة من لا شيء، واذا ما قرروا الانسحاب من الحكومة فهذا قرارهم ولا حول ولا قوة الا بالله، وسنتعاطى مع هذا القرار على اساس انه عمل سياسي وليس قانوني”، مشيرا الى انه “لا مشكلة سواء طرح هذا الموضوع على التصويت أم لا، لأن المنطق واضح، فالشهادات المشكوك بصدقيتها ليست من صلاحية المجلس العدلي، باعتبار ان موضوع شهود الزور طريقه القانونية واضحة، فمن يرغب بامكانه التقدم بشكوى اما القضاء العادي التي تسجل حاليا ولا تحرك الآن الا بعد صدور القرار الظني في المرحلة الاولى، واذا كان الشخص متهما أو مشتبها به بعد صدور الأحكام النهائية”.
وعن مضمون اتصال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان به، قال جعجع ” لم أتكلم معه في السياسة، بل قال لي ان زيارته لم تكن مبرمجة الى لبنان، اذ طلب منه من قبل البيت الأبيض نقل رسالة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، واتصل بي للتحية فقط”، مشيرا الى انه “سأله عن الاجواء في السعودية، فأجاب بأنها جيدة، أي ان المملكة موقفها كما نعرفه واضح ولا تسوية على المحكمة الدولية”، لافتا الى انه “مع احترامي لكل الدول العربية وفرنسا واميركا وكل الدول لو أرادوا جميعهم التسوية، أؤكد ان لا تسوية حول المحكمة الدولية الا في حال اجتمعت الدول الخمس الأعضاء في مجلس الامن واخذت قرارا بالغائها”.
وعما اذا كانت زيارة فيلتمان الى لبنان تأتي نتيجة مخاوف اثارتها زيارة الرئيس الايراني، قال جعجع “طبعا هناك مخاوف من ناحية ادخال لبنان في صلب المواجهة الكبيرة القائمة في المنطقة بين ايران وحلفائها من جهة، والغرب والعرب المعتدلين وحلفائهم من جهة أخرى، وأنا لدي نفس القراءة. وأعتبر ان الرئيس نجاد قام بزيارتين الى لبنان في نفس الوقت: الأولى رسمية تقيد فيها بأنماط العلاقات الدولية، والثانية التي رأيناها في ملعب الراية وفي الجنوب، وهي زيارة رئيس حزب لحزبه ومناطقه”.
وختم جعجع متمنيا “في اي مواجهة مقبلة ألا يكون لبنان ثمن وأرض هذه المواجهة، خصوصا وان المواجهات التي ستحصل، لا سمح الله، في الشرق الأوسط ستكون مدمرة”.