وفق معلومات أكيدة من موظفين رسميين في سوريا، يقوم النظام السوري بصرف مبالغ مالية ضخمة من ميزانية وزارة الدفاع السورية كنفقات دائمة لشخصيات سياسية وإعلامية لبنانية مقابل دفاعها عن النظام على المحطات التلفزيونية والإذاعية و الصحف اللبنانية والعربية. تبدأ هذه النفقات من ألف دولار شهريا حتى عشرة آلاف دولار، توزع على المؤيدين كل حسب سعره الذي يحدده حجمُه الإعلامي ونفوذُه السياسي.
وتفيد المعلومات أن هناك وثائق تثبت صحة هذه الأقوال محفوظة في أدراج وزارة الدفاع السورية وأجهزة المخابرات. كما أكد تجار سوريون يتعاملون مع البنك المركزي السوري رؤيتهم لشخصيات لبنانية معروفة تتردد شهريا على مبنى البنك المركزي في دمشق كي تتقاضى بدائل مالية عن المعارك الكلامية التي تشنها عبر شاشات التلفزة العربية واللبنانية والسورية دفاعا عن نظام الأسد. ويشير مواطنون سوريون إلى أن النظام السوري يخصص لاستضافة الشخصيات اللبنانية التي تولت الدفاع عنه منذ بدء الثورة السورية أجنحة بأكملها في أفخم فنادق العاصمة، إضافة إلى تحمل كلفة انتقالهم، وعائلاتهم أحيانا، من وإلى بيروت على حساب وزارة الدفاع. وتشمل التكاليف تغطية كافة مصاريفهم خلال مدة إقامتهم في سوريا. وهؤلاء يظهرون من وقت لآخر على شاشة قناة “الدنيا” و”الفضائية السورية”، أو تستضيفهم إذاعة “سوريا أف أم”.
ورغم أن النظام السوري اعتمد منذ هيمنته السياسية و العسكرية على لبنان على مبدأ الأخذ دون العطاء، ونهب قادته و مسؤولوه ما استطاعوا نهبه من أموال، و فرضوا على الدولة اللبنانية والمواطن اللبناني بالأخص ما فرضوه من خوات، وقاسموه رزقه لا بل حرموه منه في أكثر الأحيان، وبنى اقتصاده المتين على أنقاض الإقتصاد اللبناني، إلا أن المأزق الذي دخل فيه منذ اندلاع الثورة في سوريا جعله يتخلى عن هذا المبدأ، فسارع إلى الإنفاق على مؤيديه، أو على من تبقى له من مؤيدين، ليضمن بقاءهم إلى جانبهم.
وتتناقل الأوساط الإعلامية و السياسية في لبنان أسماء صحافيين وسياسيين و”مثقفين كبار” ممن أطلقوا على أنفسهم لقب “ممانعين”، باتوا ناشطين على خط بيروت – دمشق من أجل أخذ التعلميات والتوجيهات ومعها الرواتب المخصصة لهم. وتنقل هذه الأوساط أن فلاناً سعره أعلى من سعر فلان، أو أن فلان ينزل في فندق في منطقة السيدة زينب بينما فلان ينزل في فندق خمس نجوم.
كما تتناقل أوساط إعلامية أن حزبي البعث العربي الإشتراكي والقومي السوري عمدا في الآونة الأخيرة إلى إقامة احتفالات تكريمية ومآدب على شرف إعلاميين محليين,بمناسبة وبغير مناسبة، وإلى التقرب من بعض الإعلاميين المعتدلين من أجل أن يضمنوا عدم مهاجمتهم للنظام البعثي. كما يتم خلال هذه الإحتفالات تقديم شيكات ومبالغ مالية بسيطة كهدية استباقية على حسن التزام المدعوين بالصمت المطلوب.
وتفيد هذه الأوساط أن حزب الله بدوره يقوم بدعم النظام الأسدي ماليا في لبنان، حيث خصص لبعض السياسيين والإعلاميين الممانعين رواتب شهرية خيالية! وهؤلاء لا ينتمون إلى حزب الله، لأن إعلام الحزب يعتبر الدفاع عن نظام الأسد واجبا شرعيا، بل إلى جماعات قريبة منه تدين بما يدينه وتؤمن بما يؤمن به. وقد وجد فيها أبواقا مناسبة في معركة الدفاع عن نظام الممانعة، إضافة إلى المدفوعات التي يقدمها حزب الله عن كل موقف مهم يصدر عن الممانعين الجدد. وضعت مؤسسات الحزب الإجتماعية و التربوية والتجارية كل إمكاناتها في خدمتهم وخدمة عائلاتهم.
يشير معارضون سوريون أن الخسائر الإقتصادية للنظام السوري تتفاقم يوما عن يوم، لكن الطائرات الإيرانية المحملة بالدولارات التي تحط يوميا في مطار دمشق، والتحويلات المصرفية من البنوك الإيرانية إلى دمشق، هي بمثابة الأوكسجين الذي يبقيه على قيد الحياة. إلا أن ذلك لن يستمر. فالأوضاع الإقتصادية في إيران ليست أفضل حالا منها في سوريا.