الحرب المقبلة وجهة نظر مضادة: مصلحة إسرائيل إبقاء حالة الردع الحالية وليس الحرب!

0

أندرو إكزوم باحث أميركي في “مركز الأمن الأميركي الجديد”. كان ضابطاً في القوات الخاصة في الكويت وأفغانستان. أنجز قسماً من دراسته في جامعة بيروت الأميركية، وكتب تقييماً لحرب 2006 بين حزب الله وإسرائيل.

وجهة نظر أندرو إكزوم معارضة لوجهة نظر “جيفري وايت” التي عرضناها سابقاً (الحرب المقبلة وخرائطها: ثلث لبنان تحت الإحتلال وعودة الجيش السوري!)، بمعنى أنه يعتقد أن مصلحة إسرائيل إبقاء “حالة الردع” الحالية بدلاً من الحرب التي يبدو أن “جيفري وايت” يعتبر أنه لا مفرّ منها. ولكن يلفت النظر في وجهة نظره التي نعرضها أدناه أنه ينتهي إلى أن إسرائيل تتجه نحو شن “حرب واسعة” ضد حزب الله، رغم اعتقاده بأن ذلك ليس في مصلحتها ولا في مصلحة الولايات المتحدة.

*

الردع هو إستراتيجية للسلام

من غير الواضح كيف أن حرباً أخرى ستؤمن لإسرائيل سلاما أفضل من الذي تتمتع به حالياً على طول الحدود اللبنانية المتوترة ولكن الهادئة إلى حد كبير. وبغض النظر عن مدى استنزاف قوة «حزب الله» في نهاية حملة مطولة، فإن قيام مستقبل تكون فيه إسرائيل قد احتلت مرة أخرى جزءاً كبيراً من لبنان سيكون كابوساً استراتيجياً.

ففي الأعوام 1993 و1996 و2006، اتبعت إسرائيل استراتيجيات اعتمدت على القوة الوحشية لخلخلة القوة القتالية لـ «حزب الله» من خلال استعمالها سلاح الجو والمدفعية، والعمليات القتالية البرية في عام 2006، ولإضعاف «حزب الله» سياسياً. وقد فشلت إسرائيل في كل حالة لأنها أساءت فهم طبيعة القوة السياسية والعسكرية لـ «حزب الله».

لقد نجح «حزب الله» في القتال من خلال تبني منهج “شامل” للحرب. وفي الأعوام 1993 و1996 و2006 استغلت الجماعة الخطوط غير الحركية للعمليات مثل الدعاية وتوفير الخدمات الاجتماعية لضمان تعزيز موقفها السياسي وليس إضعافه، رغم العقاب الكاسح الذي استوعبته عناصر «حزب الله» أثناء القتال.

ومن غير المحتمل أن [تستطيع] إسرائيل كسر «حزب الله» كقوة عسكرية في لبنان أو إضعافه سياسياً. ومن الصعب تصور قيام نتيجة يتوقف فيها «حزب الله» عن كونه العنصر العسكري البارز في لبنان أو يكون فيها موقفه بين مؤيديه الشيعة الأساسيين معرضاً للتهديد في أية حالة. ويجدر بنا أن نذكر أيضاً أن حملات العقاب الإسرائيلية السابقة قد أثارت في الواقع دعماً شعبياً للجهود المسلحة التي يقوم بها «حزب الله».

كما أن شن حرب برية كثيفة في لبنان قد يزيد من عزلة إسرائيل دولياً. فلبنان ليست غزة ولا يمكن عزلها عن الإعلام الغربي والعربي. وعلاوة على ذلك، فإن إسرائيل تُرفع إلى قدر إنساني أعلى من قبل المجتمع الدولي حتى أكثر من الولايات المتحدة. لكن الموت الحتمي للمدنيين وقوات الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام في لبنان (“اليونيفيل”) — والتي تم تعزيز عددها حالياً بستة أضعاف عما كان عليه في جنوب لبنان قبل عام 2006 — يمكن أن يساهم في تقويض صورة إسرائيل في الإعلام وإضعاف مكانتها الدولية. وسيتحمل الجيش اللبناني أيضاً المزيد والمزيد من الإصابات لأنه سيشارك على الأرجح في القتال، حيث أن غالبية الوحدات المنتشرة في الجنوب تتكون من المقيمين في تلك المنطقة الذين لهم مصلحة خاصة تحتم عليهم الدفاع عن منازلهم وقراهم.

ولدى إسرائيل بديلان، الأول هو الحفاظ على الوضع الراهن. إن الردع هو استراتيجية للسلام. ورغم أن «حزب الله» قد لا يسعى لتحقيق السلام على المدى الطويل، إلا أنه من الواضح أن الجماعة تحاول إثناء إسرائيل عن الهجوم على لبنان من خلال التلويح الحقيقي باستخدام القوة. وتفعل إسرائيل الشيء نفسه فيما يتعلق بأراضيها.

وسيكون من الحماقة أيضاً بالنسبة لإسرائيل أن تقوم بحملة عقابية أخرى ضد «حزب الله» والشعب اللبناني. فمثل هذه الحملة لن تؤدي إلى جلب السلام إلى إسرائيل أفضل من ذلك الذي تتمتع به حالياً، بل ستساهم في الواقع في عزل إسرائيل دولياً بصورة أكثر مما هي عليه الأن. وبدلاً من ذلك، ينبغي على إسرائيل — كما قامت بالفعل — أن تواصل تنفيذ الردع الذكي من خلال توصيل رسالة مسبقة حول ما يمكن أن يحدث إذا ما اندلع صراع جديد.

وإذا ما وقعت الحرب بالفعل، ينبغي على إسرائيل أن تتحلى بضبط النفس وتتبع أهدافاً يمكن تحقيقها.

وهذا قد يعني حرباً أصغر وأقصر لإضعاف القدرات العسكرية لـ «حزب الله» وليس محوها. فحرب واسعة لن تكون في صالح إسرائيل أو لبنان أو الولايات المتحدة — لكن في الحقيقة قد يكون ذلك المسار هو الطريق التي تتوجه نحوه المنطقة.

الحرب المقبلة وخرائطها: ثلث لبنان تحت الإحتلال وعودة الجيش السوري!

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading