من موسكو-
تعيش المعارضة السورية ساعاتها العجاف، ولا تعرف الى اين تتجه، بعد ان اصابها الهلاك والارهاص. ومع تداول اخبار وتسريبات حول فتح “بوابة السلام” التركية من اجل خلاص سوريا، بعد لقاء بوتين-اردوغان الاخير في سوتشي.
وفي الامس ظهر حراك جديد من موسكو وربما هو بصيص نور باهت، وطلقة سلام جديدة يقدمها ميخائيل بوغدانوف وعلى طبق من فضة، لكافة الاطراف السورية المرنة والمتشددة من طرفي الصراع. وكم نتمنى ان لا تتحول هذه البادرة الى طلقة في “فراغ قاتل” حيث أصدر الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الروسية يوم أمس الأربعاء 14/أيلول، خبراً إعلامياً عن لقاءٍ للممثل الخاص للرئيس الروسي ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف مع مجموعة من المعارضين السوريين.
تضمن الخبر أسماء أعضاء الوفد وهم قدري جميل، خالد المحاميد، عبيدة النحاس، سيهانوك ديبو، علاء عرفات، حسن الأطرش، عادل إسماعيل وعلي العاصي، وهم ينتمون إلى عدة تيارات ومنصات ضمن المعارضة. ووصفهم خبر الخارجية الروسية بأنهم يمثلون جميع المنصات المذكورة في قرار مجلس الأمن 2254، ما يعني أنّ الخارجية الروسية ترسل إشارة عبر الخبر إلى بقية تشكيلات المعارضة أنّ الحل يمكن أن يبنى على أساس تفاوض مباشر يدخل فيه هؤلاء مع النظام بغض النظر عن اشتراك بقية التشكيلات من عدمه، ولكن مع إبقاء الباب مفتوحاً لهم إنْ أرادوا.
وقد عبّر أحد أعضاء الوفد في اتصالٍ معه أنّ الاقتراح الذي تمّ تقديمه للخارجية الروسية، هي أنْ ترعى تفاوضاً مباشراً مع النظام، يتم في موسكو أو في دمشق. وهو ما يعيد الذاكرة إلى منتديات موسكو1 وموسكو2 التي شهدت التفاوض المباشر الوحيد الذي جرى بين النظام والمعارضة (إلى جانب جنيف2 الذي كان أقرب لمسرحية استعراضية منه إلى حوار أو تفاوض).
المضمون الفعلي لهذا الاقتراح، وخاصة ضمن الظروف الدولية الحالية، وبعد قمة طهران الأخيرة وقمة سوتشي، والتصريحات التركية عن احتمال تقارب مع دمشق، هو أنّ ثلاثي أستانا ربما بات مستعداً للمضي خطوات عملية في الحل السوري بغض النظر عن الغرب ككل وبغض النظر عن إرادة الغرب، فيما قد يبدو عملاً منظماً بالضد من المجموعة الغربية.
ما يعزز احتمال السير بهذا الاتجاه، هو أنّ التناقض السعودي التركي الذي كان أحد أسباب تمزق تيارات المعارضة المقربة من الغرب، قد انفضت حدته إلى حد بعيدٍ مع التطورات العالمية، وحتى التناقض السعودي الإيراني هو الآخر يمضي باتجاه الاحتواء والتهدئة.
هذه الأجواء الإقليمية، باتت تسمح بشكل أكبر لكي تكون “أستانا” ككل على توافقٍ مع كل من السعودية ومصر على الأقل في الملف السوري، وهذا إنْ اكتمل يمكن أنْ يخلق جميع الظروف اللازمة لإطلاق الحل في سوريا بشكل حقيقي…