قَبْلَ أربعينَ سنةً، يوماً بيومٍ، وضَعت شراذمُ سعد حدّاد يدها عليّ في بلدتي بنت جبيل فتجوّلتُ، في أربعةِ أيّام، مع رفاقي (وكنًا عشرة) بينَ أربعةِ أماكنَ للاعتقال كان آخرها معسكَرُ أنصار الذي أمضينا فيه يوماً وليلةً بعدَ انتقالِنا إلى عهدةِ العسكرِ الإسرائيلي…
كنّا قد صمدْنا في بيروت مدّةَ أسبوعينِ رهيبينِ بعدَ بَدْءِ الاجتياح: أنا وزوجتي وابنتانا التوأم اللتان كانتا على عتبةِ العاشرة في منزلنا في الطابق السادس من بنايةٍ في حيّ رأسِ النبعِ وأخي محمود الذي كانَ مصاباً بالتصلّبِ اللويحي وأختي بديعة المقيمان في منزلِ أهلي القريبِ من مستشفى البربير. صمدنا نداري ذعرَ ابنتينا من دويّ القصف المهولِ في الليلِ والنَهارِ والخطرَ المترتّبَ على أيِّ تجوُّلٍ في الحيًِ أو في خارجهِ وبؤسَ شروطِ العيشِ بماءٍ متزايدِ الشُحِّ وكهرباءٍ تفوقُه بخلاً وخُبْزٍ صعبِ المَنال… ًصَمَدْنا إلى أن عايَنّا سقوطَ بنايتينِِ متجاورتينِ في حيِّ النويري المحاذي لحيّنا وتحوّلهما إلى كومتَي تُرابٍ ورُكامٍ ضئيلَتَينِ بعدَ استهدافِهِما من الجوّ.
… إذ ذاكَ قَرّرنا الرحيلَ إلى بنت جبيل المحتلّة. لم أكُنْ زرتُ البلدةَ منذُ سنةِ 1977. كنتُ أقولُ: لا أعودُ إليها إلّا مُحَرَّرة! ولكنّ هذا النذرَ بدا سخيفاً فجأةً إذ أصبَحَ نصفُ البلادِ محتلًاً وعاصمتُها محاصرة. وكنتُ عالِماً أنّني أجازفُ إذ أعودُ ولكنًني قبلتُ المجازفة. ولم ننتبه، أنا وعزّة، إلى أنّ العشرينَ من حزيران ذاكَ كانَ عيدَ زواجِنا وأنّه لا بُدَّ أن يكونَ أنحسَ عيدٍ ما دامَ أنّهُ كانَ الثالثَ عشَر!
عليهِ قصدْنا الجنوبَ مغادرينَ بيروت من طريقِ فرن الشبًاكِ الحدَث، في رحلةٍ شاقّةٍ طالت عشْرَ ساعات (عوضاً عن اثنتين) على طُرقٍ مقصوفةٍ وشوارعَ مفروشةٍ بالأنقاض وزُحامٍ وحواجز.
توجّّهنا إلى بيتِ أختي زينب في البلدةِ لأنّ بيت أهلي كان مهدوماً جزئيًاً من جرّاءِ القصفِ في 1977- 1978 ثمً من جرّاءِ النسفِ الذي أودي بمبنّيينِ كبيرينِ مجاورَينِ لهِ في أيًامِ الاحتلالِ الأولى. وكانَ ما تبقًى من الطابقِ السُفْلْيِّ فيه محتاجاً إلى إصلاحٍ ليعودَ صالحاً للسَكّن.
وعلى الفورِ كانَ عليّ أن أذهبَ إلى مركزِ الميليشيا في السوقِ لتسجيلِ أسمائنا في سجلٍّ مفتوحٍ هناكَ إعلاماً بوصولِنا. على أنّ المدعو فوزي الصغير بادرني بالقولِ أن لا ضرورةَ للتسجيل لأنّ “تشريفي” البلدة أصبَحَ معلوماً!
عدتُ إلى المنزلِ إذن ولم أكُنْ غسلتُ وجهي من غبارِ الرحلةِ حين جاءّ من أخبرَ صهري بأنّني مطلوبٌ إلى المركَزِ نفسه حالاً.
في المركزِ، كانّ التسعةُ الذين سيصبحونَ رفاقَ الأيّام المقبلةِ (ولم أكن أعرِفُ إلّا اثنينِ من بينِهم) قد اجتمعوا قبلّ وصولي، وكانَ المدعو عقل هاشم هناكَ يأمُرُ وينهى. لم يتوجّه إلينا أحدٌ بكلامٍ تقريباً بل جرى زَجُّنا، على وجهِ السرعةِ، في سيًارتين عسكريّتين توجّهتا بنا، في أوّلِ الليلِ، إلى عيناثا القريبة.
كان سجنُ عيناثا منزلاً عادِيًاً صغيراً وقعنا فيهِ على سجًانٍ وعلى سجينٍ واحد. وكان السجينُ خالَ السجًانِ فكانَ لا يُناديهِ إلًا بِـ”وْلاه”! عليهِ صاحَ السجينُ بالسَجّانِ ما إن جرى التعارُفُ بيننا: “وْلاه! روح عالبيت جيب فرش للشباب!”. وهو ما كان! رتّبنا منامَتّنا على نحوٍ مقبول. وكُنّا حينّ نستعمِلُ بيتَ الخلاءِ الوحيدَ نصُبُّ فيه شيئاً من الكازِ المتوفّرِ في إبريقٍ لأنّ الماءَ كان مقطوعاً عن المقعد “العربيّ”.
نمنا بلا عشاءٍ ولَكِنْ فوجئنا في الصباحِ بإفطارٍ ملوكيّ جاء بهِ أهلُ أحدِنا إليه: قصبة سوداء وملاحق لها. وقد راحَ صاحبُنا هذا يروي، ونحنُ نأكُلُ مَريئاً، أنّهُ حُبِسَ أيًاماً في سجنٍ ملحقٍ بمركز بنت جبيل وتعَرّضّ هناكَ للضرب. وهو ما أثارَ ريبَتي فأخذتُ أتَحفّظُ في الكلامِ خشيةَ أن يكونَ المشارُ إلبهِ “مزروعاً” للتجسُّسِ علينا… ولكن تبيَّنَ لاحقاً أنّ هذا التوجّسَ كانَ في غيرِ محَلِّه.
وفي الضحى، حضَرتْ شاحنةٌ سلَكَت بنا طريقَ عين إبل- رميش، فخشيتُ أن نكونَ متوجّهينَ إلى معتقَلٍ إسرائيليٍّ نقبَعُ فيهِ أعواماً. وقد عبرنا الحدودَ فعلاً إلى مستعمرةٍ محاذيةٍ لرُميش عَلِمْتُ لاحقاً أنّها تُدعى بيرانيت. هناكَ حُشِرْنا في مُسْتَوْعِبٍ ملقىً على أرضِ باحةٍ فسيحةٍ تحتَ الشمسِ وأمضَيْنا فيهِ النَهارَ كلّه في ضيقٍ ردّّ إلى ذاكرتي روايةَ غسًان كنفاني “رجالٌ في الشمس”. كنّا نتداولُ الوقوفَ أمامَ شبكِ الطاقةِ المفتوحةِ في بابِ المستوعبِ لنتنفّسَ. وكانَ من يرغبُ في التبَوُّلِ يلجأُ إلى نَرْبيشٍ مثبّتٍ في زاويةِ المستوعِبِ ينتّهي إلى حفرةٍ في الخارج. وزادَ طينَنا بلّةً معتَقّلٌ فلسطينيٌّ جيءَ بهِ وهو مدمّىً لا تعرّفُ ملامحُه من الكدماتِ ولكنّ حالّهُ المعنويّةَ كانت حَسَنةً وطلبَ منّا سيجارةً دَخَّنَها وأخرِجَ من بينِنا بعدّ حين. وقد فهِمنا أنّهُ أطلقّ النارَ على جنودٍ دَخَلوا أحَدَ مخيّماتِ صور وأصابَ بعضّهم…
في آخرِ النَهارِ، أُبْلِغْنا أنّ مُحَقِّقاً كانّ سيحضُرُ لاستجوابِنا وقَعَ لهُ حادِثُ سير… ثمّ عبَرت بنا الشاحنةُ الحدودَ واتّجَهَت إلى عيثا الشِعبِ القريبةِ فكانَ ذلك فرَجاً.
أمضينا يومينِ في سجنِ عيثا (وهو، في الأصلِ، مستوصّفٌ أنشّأهُ السيّد موسى الصدر) ووجدنا هذا السجنَ طريفاً ووجدنا أنفُسّنا معتَقّلينَ طريفين. في الليلةِ الأولى خضعنا لتَحقيقٍ سخيفٍ توّلًاهُ المدعو أحمد شبلي مسؤولُ المليشيا في البلدة. كنًا في الطابقِ السفليّ وكانَ يخاطبُ كلًاً منًا بدورهِ من حيثُ لا نراهُ في أعلى الدرَجِ المفضي إلى الأرضيّ سائلاً المعتّقَلَ عن السبّب الذي يقّدًرُ أنّه أوصّلّهُ إلى حيثُ هو. وهذا سؤالٌ أدرَكتُ لاحقاً أنّهُ مدْرَجٌ في برنامجِ استجوابٍ إذ سيطرحُهُ المحقّقُ الإسرائيليُّ بحروفهِ أيضاً، وهو يرمي، على الأرجحِ، إلى استدْراجِ المعتَقّلِ إلى نوعٍ من الاعترافِ بالتُهْمةِ قَبْلَ التصريحِ لهُ بها من جانبِ المحقّق أو إلى نسبةِ تهمةٍ أخرى إلى نَفْسِه. بعدَ ذلكّ جيءّ لنا بعشاءٍ أسخَفّ من الاستجوابِ ولم نلبث أن نِمنا، بعدّ نهارِنا المضني، سعداءَ باعتدالِ حرارةِ الليلِ وغافلينَ عمّا سيتَكّشّفُ عنه الصباح.
في الصباحِ اكتشفنا أنً أحداً لا يمانعُ في خروجِنا إلى باحةِ المستوصفِ ولا في ذهابِنا إلى المسجدِ القريب. وكان المسجدُ نعمةً كبرى لوفرةِ الماءِ فيه وكنّا قد أصبحنا محتاجينَ إلى غسلٍ كبير! على أنّ التحوّلَ الأهّمَّ كانَ انتشارَ خبرِ وجودِنا في السجنِ في البلدة كلًها ومنها في قرىً أخرى. فلم يلبث أعيانُ عيثا من الشيخِ إلى المختارِ إلى مديرِ المدرسة أن جاؤوا يطيّبون خاطرَنا. وبعدَ أن كنّا نُراوِحُ (باستثناءِ إفطارِ عيناثا) بين الجوعِ وتفاهةِ الزادِ وقلّتِهِ، غمرَنا الكرَمُ العيثاويّ بالأطايب: من مجدّرة حمراء مقرونةٍ بالبطًيخِ إلى أرُزًٍ بالدجاجِ مشفوعٍ بالكرز، إلخ. إلى ذلك، زارني في الصباحِ محمود عقيل بيضون وهو قريبٌ لي كان قد جاء عيثا لبعضِ شؤونهِ وعلمَ بوجودنا في سجنها. فعهدْتُ إليهِ بمعظمِ المالِ الوفيرِ الذي كنتُ حملتُه في جيوبي من بيروتٍ ومعهُ مجوهَراتٌ عائليّةٌ ليسلّمها إلى زوجتي ويخبِرَها أنّنا في عيثا. وكانَ مدهِشاً أنّنا، في يومين من الاعتِقالِ، لم نكن خضّعْنا لأيّ تفتيش! ولم تلبث عزّة وشقيقتي بديعة أن حضرَتا إلى السجن ومعهما كيسٌ فيهِ منشفة وغيارٌ وفرشاةُ أسنانٍ وصابونة، وبدا مستقبلُنا الحبسيّ زاهِراً وكانت معنويّاتي شخصيّاً في عنانِ السَماء. زارني أيضاً معارفُ لوالدي من عين إبل ويارون أبدوا أسَفَهُم لمًا هو جارٍ آمِلينَ ألّا يطولَ بنا هذا المقام.
وفي المساءِ حاصَرَ نفَرٌ من وجهاءِ البلدة أحمد شبلي (وبينَهم والدُ المذكور) وأبلغوهُ أنّ شبابَ بنت جبيل هؤلاء لا يجوزُ أن يبيتوا ليلةً أخرى في السجن! هكذا توزّعّتنا بيوتٌ عدّةٌ في البلدةِ أمضينا فيها ليلتنا كراماً أعزّاء وحظينا، في الصباحِ، بالإفطارِ البلديِّ المَعْلومِ، في أكثرِ حالاتِهِ سخاءً وأبّهةً، ثمّ درَجنا في طُرُقاتِ البلدةِ عائدينَ على أقدامِنا إلى السجن!
في نحوِ العاشرةِ من صباحِ اليومِ الثالث، تَسَلَّمَنا العسكَرُ الإسرائيلي. جاؤوا في سيًارةِ جيبٍ وشاحنةٍ وقيّدوا أيدينا واحداً واحِداً وراءَ ظهورِنا بالقيدِ البلاستيكيِّ المعلومِ الذي يشتَدُّ عَضُّهُ للرُسُغينِ كلّما حاولتَ إرخاءه ُ عنْهُما أو حلْحَلَتّهُ، وعَصّبوا عيونَنا بخِرَقٍ بيضاءَ وأصعدونا بهُدوءٍ إلى الشاحنة. كانَ واضِحاً أنّ أوانَ الرفاهيّةِ قد انقَضى…
كانت العصابةُ البيضاءُ تَشِفُّ عن أشباحٍ للبشَرِ والأشياء. فرُحتُ أتّفَرّسُ في طريقِ الناقورة التي سَلَكَها موكِبُنا وهَمّي، مرّةً أخرى، ألّا نكون متوجّهينَ إلى معتقَلٍ إسرائيليٍّ ما… إلى أن لاحَ، بعدَ مسيرةٍ طويلةٍ، شَبَحُ البحرِ العريض. وحينَ انعطَفَت الشاحنةُ نحوَ اليمين أدركتُ أنّنا متّحهونَ نحوَ صورٍ لا نحوَ الناقورةِ فهَدَأَ خاطِري.
سِرنا طويلاً على الطريقِ الساحِليِّ وتجاوزْنا صور بمسافةٍ معتَبّرةٍ قبلَ أن ننعطِفَ نحوَ اليمينِ مَرّةً أخرى فأدركتُ أنّنا نغادِرُ ساحِلَ الحنوبِ إلى داخِلِه ولَكِنْ تعذّرَ عليّ بعدَ ذلكَ أن أتعَرًفَ شيئاً من معالِمِ الطريق.
حَطَطْنا رِحالَنا في برِّيّةٍ فسيحةٍ بدا أنّ أشغالاً ضخمةً تجري فيها على عجّلٍ لأنّ هديرَ الجرّافاتِ والمولِّداتِ كانَ يصُمُّ الآذان وكانت أشباحُ مستوعِباتٍ أو غرفٍ جاهِزةٍ تظهَرُ لنا هُنا وهناك. لم نعْلَم أنًنا في أنصار ولا أنّ الذي كانَ يُنْشأُ هناكَ سيُدعى “مُعْتَقَلَ أنصار” إلّا بعدَ مُدّةٍ من إفضاءِ مِحْنَتِنا تلكّ إلى نِهاية. إذ ذاكّ عّلِمْنا أنّنا أُعطينا شرّفّ المشاركةِ في التدشين!
أمِرْنا بالجُلوسِ في العَراءِ على الأرضِ تحتَ شمسِ الظهيرةِ الحارقة. كانت حارقةً إلى حدٍّ شّعّرتُ معهُ أنّه يَسَعُها أن تقتُلَ هذا أو ذاكّ من بينِنا إذا امتَدّت الجلسةُ ساعةً من الزمن. ولم يطُل الأمرُ حتّى بدأَ الجالسُ بحانبي (وكانَ شابّاً حليقَ الرأسِ) يبكي بصوتٍ عالٍ ويرَدًِدُ أنّه مريضٌ وأنّه سيموت! حينذاكَ فطنتُ إلى أنّ الكيسَ ما يزالُ في حوزتي وفيهِ المنشفة! فأعطيتُهُ المنشفةَ… ولا أعلّمُ اليومَ كيفَ أخذها منّي ولا كيفَ وضعّها على رأسِه، لكنّ هذه المعجزةَ حصّلَت! بل إنّ المنشفةَ أخَذَت تَدورُ فيستعمِلُها الواحدُ دقائقَ ويسّلِّمُها إلى جارِه. هكذا طالَ غيابُها عنّي وبَدا أنّ الأصحابَ نسوا أنّي صاحبُ هذا الجهازِ الدفاعيّ الخارق… حتّى كادَ يغمى علَيَّ فأمرْتُ من كانت على رأسِهِ برَدِّها إليّ فوراً: وهو ما كان!
بعدَ فِقْرةِ التشمُّسِ تلكَ انتَقَلْنا إلى فقرةِ التّمارين. أِمِرْنا بالوقوفِ دفعةً واحدةً. ولم يكن وارداً أن أتمكّن من القيامِ عن الأرضِ بلا استنادٍ إلى إحدى كَفّيّ، على الأقَل، وكانَ القيدُ يُبْطِلُ هذا الإمكان. كانّ ذلكَ عجزاً في تكويني لا أعرِفُ سبَبَهُ إلى اليومِ وإن كنتُ أخَمًنُ أنّ لهُ علاقةً بقدَمَيَّ المسطّحَتّين. هكذا قامَ الجميعِ ولَمْ أقُم. سألّني المدّرًبُ عن السببِ فقُلْتُ لا أستطيعُ القِيامَ ويدايَ خّلْفَ ظهري. ولَعّلّهُ ظَنّ أنّني أحتالُ لفكّ قيدي فجَلَدَني بسَوْطٍ كانَ في يَدِه شعَرْتُ لقسوتِهِ أنّهُ معدَنيّ. أصابتِ الضربةُ خاصِرتي فصرَخْتُ وقلْتُ إنّني لن أستطيعَ القيامَ هكذا ضُرِبْتُ أمْ لمْ أُضْرَب. فكانَ أنْ تلَقّيتُ جَلْدةً أخرى أصابت إبهام يُسْرايَ المقيّدةَ فكرّرتُ القولَ أنّ هذا لن ينفع. إذ ذاكَ تقدّمّ منّا عسكريٌّ آخر لم أكُن شعّرْتُ بوجوده وأشارَ إلى المدرًبِ بالكفِّ عن ضربي فكَفّ وبقيتُ جالِساً. بل إنّ المدرِّبَ اضطُرَّ إلى مُساعَدتي على النهوضِ حينَ دُعيتُ إلى التحقيق!
– أوكي دكتور أخمد! أنا شفت بطاقتك! شو السبب إنت هون؟
– شكراً! بقدر قول شي بعد؟
فكّ معاونُ المحقًقِ قيدي ثمّ أعادَ تقييدي من الأمام وجعلَ القيدَ أرأفّ عَضّاً للرُسُغينِ ممّا كانَ وأبقى العصابةَ على حالِها وزوّدني تصريحاً بالعودةِ إلى بلدتي ورَدَّ إليّ ما كان في جيوبي غيرَ منقوص. بعدَ ذلكَ، أُلْحِقتُ برفاقي تحتَ خيمةٍ من الشبَكِ ترُدُّ عَنّا بَعْضَ وهجِ الشمسِ لا كلَّه. وبَعْدَ قليلٍ جاءَ من يُبْلِغُنا أنّ علينا انتظارَ وصولِ الشاحنةِ التي سترُدّنا إلى ديارنا فسَرّنا ذلك غايةَ السرور.
٢- التلبيةُ المتَأخّرةُ لرغبةِ أحبّاءَ لي.
٣- وضعُ إشاراتٍ تنطوي عليها هذه الوقائع بتصَرّفِ قُرّاءٍ قد يجدونَها داعيةً إلى التأمّل.
فسّلاماً!
(*) نقلاً عن صفحة احمد بيضون الفايسبوكية.