،لقد وعدت في مقدمة الكتاب بأنني لن أتكلم كثيرا في السياسة، ولكني وجدت أنه لا بد أن أتكلم عن إتفاقية أوسلو، لأن هذه الإتفاقية هي التي فتحت الباب للأمل في السلام ولي شخصيا بأن أكون مديرا لمشروع غزة الإسكاني والذي كان سببا في زيارتي لفلسطين وإسرائيل وتسببت في خروج هذه الذكريات للوجود، وربنا يستر!
….
(يان إيجلاند) نائب وزير خارجية النرويج في عام 1992 كان يبلغ من العمر 35 عاما فقط. لم يكن يتخيل وقتها أنه سوف يكون “مهندس” إتفاقية أوسلو! وكانت للنرويج علاقات مميزة ووثيقة مع إسرائيل، وفي عام 1979 طلبت أمريكا من النرويج تزويد إسرائيل بالبترول بعد أن أوقفت إيران (الخميني) تزويد إسرائيل بالبترول. ولكن النرويج لم تزود إسرائيل بالبترول قبل إشعار منظمة التحرير الفلسطينية، حيث أن النرويج كانت قد وضعت 1000 من جنودها، عام 1978، على حدود لبنان وإسرائيل ضمن مهمة المراقبة (يونيفيل) حيث كانت تدور الحرب الأهلية اللبنانية، وكان هناك قلق من جانب الحكومة النرويجية على سلامة جنودها الذين كانوا يرابطون على بعد خطوات من مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية الموجودين في جنوب لبنان. ولم يكن لدى (ياسر عرفات) إعتراض على صادرات البترول إلى إسرائيل، بل على العكس استغل الموقف وطلب من النرويج فتح قناة للحوار مع إسرائيل، فعرفات كان يحتاج إلى صديق لإسرائيل للتفاوض حول دولة فلسطينية.
والنرويج كان لها تاريخ قديم في المساعدة الإنسانية ومقر جائزة نوبل للسلام وشعرت بالتالي أنها مؤهلة للإلتزام من أجل إنهاء الصراعات وإحلال السلام. وبما أن النرويج ليس لها ماضٍ إستعماري ومستقلة إقتصاديا فقد عمل هذا على تقوية مصداقيتها لدى الطرفين وخاصة الجانب الفلسطيني.
ويقول (يان إيجلاند): “إسرائيل كانت من القوة بحيث أنها كانت ترفض أي حديث مع منظمة التحرير الفلسطينية”، وكانت منظمة التحرير الفلسطينية أضعف كثيرا من إسرائيل، ومما أضعف الجانب الفلسطيني أكثر أن (ياسر عرفات) راهن على الحصان الخاسر في غزو (صدام حسين) للكويت وقام ببلاهة شديدة بتأييد المعتدي (صدام حسين)، الأمر الذي أدى إلى إضعاف منظمة التحرير الفلسطينية ماليا حيث توقفت المساعدات الكويتية وبعض المساعدات الخليجية، وكل هذا أضعف وضع (ياسرعرفات) وأصبح مستعدا لتقديم المزيد من التنازلات.
ويقول (يان إيجلاند): “فقط في عام 1992 عندما تولى حزب العمل الإسرائيلي الحكم انفتحت إسرائيل على دبلوماسيتنا من أجل السلام، حيث أن إسرائيل اقتنعت بأنه لا معنى أن يكون لها جار تسيطر عليه كل مشاعر الكراهية هذه”.
ورغم إقتناع (يان إيجلاند) بأن أتفاقية أوسلو لم تكن الإتفاقية المثالية حيث أنها عكست، مثل معظم الإتفاقيات في التاريخ، مصادر قوة وضعف الطرفين، ولكنه إقتنع في النهاية: “بأن سلاما غير مكتمل أفضل من حرب طاحنة”.
ويقول (يان هيجلاند) عن المحادثات السرية التي جرت بين الطرفين في مدينة أوسلو:
“كلا الطرفين تحدثا مباشرة مع بعضهما البعض، وكان في كلا المعسكرين أشخاص جيدون و من جانب إسرائيل كان يجلس كبير المفاوضين رئيس الوزراء الراحل (إسحاق رابين) والدبلوماسي (أوري سافير). ومن الجانب الفلسطيني شارك الرئيس الفلسطيني الراحل (ياسر عرفات) الذي كانت إسرائيل تعتبره لفترة طويلة إرهابيا وكذلك (أحمد قريع)”.
وعامل (إيغلاند) والأعضاء الآخرون في فريق الوساطة النرويجي الجانبين بنفس الاحترام، كما يقول :” أحضرناهم على متن نفس السيارات من المطار، وجلسوا على نفس الطاولة وتلقوا نفس الاهتمام”. وكان (إيغلاند) يتحمل أيضا المسؤولية المالية عن المحادثات. “تعرفوا على بعضهم البعض ولاحظنا بأنهم بدأوا ببطء ينسجمون مع بعضهم البعض”، يقول هذا الدبلوماسي الذي يرأس اليوم مجلس اللاجئين النرويجي وعمل كمنسق خاص للأمم المتحدة في سوريا. “وخطوة بعد خطوة رأينا كيف أن الجهود من أجل التقريب بين الجانبين المتناحرين تأتي بالثمار”.
وبعد حوالي سنة من محادثات أوسلو السرية، وفي يوم 13 سبتمبر عام 1993 تم التوقيع على إتفاقية أوسلو في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأمريكي (بيل كلينتون) وبحضور (إسحق رابين) و(شيمون بيريز) و(حسني مبارك) و(الملك حسين).
…
وهذا هو نص المقدمة من إتفاقية أوسلو:
تتفق حكومة إسرائيل والفريق الفلسطيني (في الوفد الأردني الفلسطيني المشترك إلى مؤتمر السلام حول الشرق الأوسط)، ممثل الشعب الفلسطيني، أنه آن الأوان لوضع حدا لعقود من المواجهات والصراع، وللاعتراف المتبادل بحقوقهما السياسية والشرعية، ولتحقيق تعايش سلمي وكرامة وأمن متبادلين والوصول إلى تسوية سلمية عادلة وشاملة ودائمة ومصالحة تاريخية من خلال العملية السياسية المتفق عليها.
وعليه يتفق الطرفان على المبادئ التالية:
البند الأول: هدف المفاوضات
إن هدف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية ضمن إطار عملية السلام الشرق أوسطية هو (وإلى جانب أمور أخرى)، تشكيل سلطة فلسطينية انتقالية ذاتية. المجلس المنتخب “للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة لمرحلة انتقالية لا تتعدى الخمس سنوات وتؤدي إلى تسوية نهائية مبنية على أساس قراري مجلس الأمن 242 و 338. ومن المفهوم أن الترتيبات الانتقالية هي جزء لا يتجزأ من العملية السلمية الشاملة وأن المفاوضات حول الوضع النهائي ستؤدي إلى تطبيق قراري مجلس الأمن 242 و 338”.
(ومن يرغب في الإطلاع على كامل الإتفاقية فهي موجودة على النت).
وفي الإتفاقية بنود إيجابية كثيرة:
أولا: أعترفت إسرائيل وللمرة الأولى في تاريخها بمنظمة التحرير و(ياسر عرفات) بإعتبارهما يمثلان الشعب الفلسطيني. وبعد أن كان (ياسر عرفات) إرهابيا في نظر إسرائيل تم منحه جائزة نوبل للسلام بالإشتراك مع (إسحق رابين) و(شيمون بيريز).
ثانيا: اعترفت منظمة التحرير وللمرة الأولى بإسرائيل كدولة مستقلة.
ثالثا: اعترفت إسرائيل بأن التسوية النهائية سوف تكون بناء على قراري مجلس الأمن 242 و 338.
رابعا: تشكيل السلطة الفلسطينية في رام الله.
…
وبالطبع أعداء السلام لا “يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب”، فتم إغتيال إسحق رابين بواسطة إرهابي إسرائيلي يهودي عقابا له على توقيع الإتفاق. ووصفت حماس الاتفاق يـ« الإتفاق المشؤوم »، بالرغم من أن هذا “الاتفاق المشؤوم” هو الذي منح الفرصة لحماس لخوض الانتخابات الفلسطينية والفوز بها لأول وآخر مرة. وبعد ذلك نجحت بالإشتراك مع اليمين الإسرائيلي المتطرف في إغتيال ليس فقط (إسحق رابين) ولكن في اغتيال إتفاقية أوسلو للسلام!!
ذكرياتي في فلسطين وإسرائيل: المقدمة، والحلقة الأولى
الكاتب يجهل حيثيات الصراع في فلسطين ومقاله سطحي لا يتعمق في تاريخ الصراع والدليل على ما أقول انه يتحدث عن بنود ايجابية ولكنه لم يتحدث عن النتائج السلبية لاوسلو. من النقاط الايجابية لأوسلو حسب الكاتب هو الاعتراف الصهيوني بمنظمة التحرير الفلسطيني. ويضيف ان أعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالكيان نقطة ايجابية بل ويضيف ان قيام السلطة الفلسطينية في رام الله من البنود الايجابية. للعلم ان أوسلو جاءت في العام ١٩٩٣ اي ٦ سنوات بعد انطلاق الانتفاضة الاولى والتي انطلقت في ٨ ديسمبر ١٩٨٧ بعد اصطدام شاحنة صهيونية بباص ينقل عمال فلسطينين على طريق بيت لاهيا وسقط عدد من القتلى الفلسطينينن. انطلقت… Read more »
ماشاءالله روووعة الله يعطيك العافية