يرفع السياسي اللبناني فارس سعَيد سقف مواقفه المضادّة لـ”حزب الله” داعياً أحزاب المعارضة اللبنانية إلى مواجهته من خلال نصاب سياسيّ عابر للطوائف. يدقّ ناقوس المحاذير المتخوّفة من سعيٍ إلى تحوّل جذريّ في التركيبة الدستورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية اللبنانية. حمَل سعَيد لواء “رفع الاحتلال الإيراني عن لبنان” من خلال “المجلس الوطني” الذي تأسّس مطلع العام الماضي بمشاركة أكثر من 200 شخصية لبنانية لإيجاد حلول للأزمة اللبنانية. دائماً ما يعتَبر أن “مواجهة الاحتلال تتطلب تكاملاً بين كل أطراف المجتمع”. إنّها عبارة استخدَمها عبر منصّة “تويتر” قبل أيام. يخشى من فوضى عارمة خلال الأسابيع المقبلة محذّراً من انهيار القطاع المصرفي اللبناني. ويؤكّد في تفحّصه “دقّات قلب” الكيان اللبناني أنها ليست أزمة نظام إنما أزمة تعليق للدستور والإطاحة باتفاق الطائف.
يقارن سعيد بين “لبنان في مرحلة “حزب الله” ولبنان خلال مرحلتي المارونية السياسية والسنيّة السياسية عندما تميّزت البلاد بازدهار مالي واستقرار نقديّ واحتضان عربي ودولي. لم يضرب الموارنة أو السنّة بزعامة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الصيغة اللبنانية ولم يذهبوا في اتجاه نسف القطاع المصرفي والنظام التربوي ومصالح لبنان الحيوية مع العرب. وليست مصادفة أن تشهد نماذج النفوذ الإيراني في اليمن والعراق وسوريا ولبنان انهياراً اقتصادياً وتفكّكاً للمؤسسات. وإذا كان البعض يعتقد أن لديه أحقية لمواجهة المارونية السياسية والسنيّة السياسية رغم عطاءاتهما للبلاد، فإنّ “حزب الله” يريد حكم البلد والحصول على وزارة المال وتعديل الدستور من دون كهرباء ومصارف واستقرار نقديّ ما يعني استمراره حاكماً على خراب”.
وعن حضّه على ضرورة تشكيل نصاب سياسي عابر للطوائف، يعوّل رئيس “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني” على “قناعة تكوّنت ولم تكن حاضرة مسبقاً على المستوى الأهلي الشعبي مفادها أن مآسي لبنان وحال عدم الاستقرار التي يعيشها مرتبطة بالحال السياسية. هناك اندفاعة بدأت تتظهر في الاتجاه الصحيح في وقت لم توصل مواجهة “حزب الله” من خلال الأطر الدستورية وزيادة عدد النواب، إلى نتيجة. ولم يعد اللبنانيون على اقتناع في أنّ الأزمة مرتبطة بسوء الإدارة والفساد ومنفصلة عن سلاح “حزب الله”، بعدما لمسوا أنها أزمة سياسية بامتياز متعلقة بوضع يد إيران على البلد وجعله كيس رملٍ لتحسين شروط مفاوضاتها مع إسرائيل. ويعني ذلك أن لبنان وطن يعيش حال أسْر”.
على مستوى انتخابات رئاسة الجمهورية، يقرأ سعيد أن “حزب الله” ينتظر التوقيت المناسب لانتخاب سليمان فرنجية رئيساً من خلال تفاهم مع دوائر القرار الخارجية وليس انطلاقاً من تفاهم مع بقية اللبنانيين. وإذ بات ملف رئاسة الجمهورية على طاولة المفاوضات الخارجية لم تعد المسألة داخلية، ومن هنا دعوة القوى الوطنية الحيّة لإعادة وضع المسائل في نصابها. وليس في الإمكان إنجاز التحرّر من الاحتلال الإيراني إلا من خلال تكوين الوحدة اللبنانية – اللبنانية انطلاقاً ممّا حصل في العام 2005″.
لا يغيب عن مقاربة سعيد التخوف من أحداث أمنية مع تأخر الانتخابات الرئاسية. ويضيف: “لبنان عرف أن يحدّد لنفسه دوراً في النظام العربي الذي امتد بين مرحلة نهاية الحرب العالمية الأولى ونهاية الحرب الباردة من خلال القطاع المصرفي بعد إصدار قانون السرية المصرفية سنة 1956. بدأ لبنان يفتقد دوره التاريخي وأصبحت إسرائيل صديقة لنصف العالم العربي وستتحول في السنوات المقبلة إلى صديقة لكلّ العالم العربي. فأي دور سيحدّده اللبنانيون لأنفسهم للدخول إلى المنطقة الجديدة التي ترتسم معالمها وتتطلّب فكراً سياسياً واستشرافاً… وكلّ ذلك ليس موجوداً”.
استنتاج أساسي يعبّر عنه سعيد في قلقه من محاولة استهداف اتفاق الطائف. يختم: “الفريق الحاكم في لبنان يعتبر أن موازين القوى الداخلية والإقليمية تبدلت. لم يكن لإيران نفوذها في لبنان والعالم العربي في العام 1989، كما اليوم. وكذلك، لم يكن لـ”حزب الله” موقعه الأهلي والسياسي الشبيه بالواقع الراهن. وإذا أراد الاضطلاع بدور الحزب الحاكم ويطالب بدولة صديقة في لبنان، يعني ذلك تحوّل الدولة نحو الأسوأ. هم لا يريدون اتفاق الطائف، لكن الأسوأ أنه ليس ثمة في لبنان من يدافع عن اتفاق الطائف، فيما يتمثل أحد شروط تكوين الوحدة الداخلية لمواجهة الاحتلال الإيراني في العودة إلى النصوص المرجعية ومنها اتفاق الطائف”.