ربما هي صدفة، لكن قمة النقب الإسرائيلية-العربية-الأميركية انعقدت أمس الأحد في ٢٧ آذار/مارس، أي في ذكرى مبادرة السلام العربية في ٢٧ إذار/مارس ٢٠٠٢ في بيروت. إن قمة النقب التي حضرها ٤ وزراء عرب، إلى جانب الوزيرين الإسرائيلي والأميركي، يمكن أن تفتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة الحافل بالآلام. جدير بالملاحظة أنه، من أصل المشاركين في قمة بيروت قبل ٢٠ سنة، فإن الغائبين عن القمة الجديدة هم لبنان (الذي يفاوض إسرائيل لترسيم الحدود البحرية)، والسعودية (التي تسمح بتحليق الطيران المدني الإسرائيلي في أجوائها) وسوريا الخاضعة لاحتلالين إيراني وروسي، والكويت، واليمن المحتلة (قطر وعُمان والسلطة الفلسطينية تقيم علاقات مع إسرائيل). في شمال إفريقيا، لا يبقى خارج السلام سوى الجزائر وتونس.
في ما يلي تقييم محلّلين إسرائيليين بارزين لمغزى « قمة النقب ».
الجنرال يوسف كوبرفاسير: المغزى التاريخي لاجتماع 6 وزراء خارجية يتمثل في رسالة واضحة مفادها أن الهندسة الجديدة للشرق الأوسط باتت أمراً واقعاً!
إن موقع الإجتماع، والمشاركة الواسعة فيه، يثبت الدور المركزي لإسرائيل كلاعب إقليمي رئيسي يمكنه تعويض الفراغ الناجم عن قرار أميركا بالإنعطاف بعيداً عن الشرق الأوسط، ويمكنه أن يلعب بدور المسهّل لتواصل حفيقي لدول المنطقة مع الولايات المتحدة، تواصل يسمح لتلك الدول بالتعبير عن انزعاجها من سياسة الإدارة الأميركية تجاه إيران.
إن قمة النقب هي بمثابة استكمال لقمة «شرم الشيخ » قبل أيام.
ذلك كله لا يعني أن كل العرب ومعهم إسرائيل يشعرون بالقلق إزاء إيران. بالنسبة لإسرائيل وبالنسبة لقسم من العرب فإن إيران هي المسألة الأكثر أهمية. لكن قسماً آخر من العرب يعتبر إيران مسألة أقل أهمية.
بالنسبة لسؤالك حول الأردن، فالأردن لم يشارك في هذه القمة، ولكنه جزء من المجموعة.
الدكتور نير بومز: أعتقد أن هذا الاجتماع مهم بالتأكيد ويحتمل أن يصبح تاريخياً، لأنه عبارة عن قمة أخرى- هي الأولى في شكلها- تكرّس علاقة جديدة، وتحالفاً جديداً على مستوى المنطقة. إن حضور وزير الخارجية بلينكن يعني أن الولايات المتحدة باقية في المنطقة، وأنها تؤمن بـ« اتفاقات إبراهام » وتدعمها. وتلك نقطة مهمة بصورة خاصة في إطار سياسة بايدن في الشرق الأوسط، وفي إطار الاتفاقية (الجاري نقاشها) مع إيران.
من جهة أخرى، ولسوء الحظ، فقد شهدنا ردّ فعل سلبياً عنيفاً في صورة الهجوم الإرهابي الذي وقع (أمس) في إسرائيل.
جوابي على سؤالك حول ما إذا كانت قمة « شرم الشيخ » شكّلت تمهيداً لقمة النقب، هو أن ذلك مؤكد. لقد اشتملت قمة « شرم الشيخ » على بعض الالتزامات، وهي جاءت أيضاً بعد الانفراج الذي طرأ على علاقات تركيا مع إسرائيل. كما سمعنا عن اجتماعات أخرى حدثت في المنطقة! إن كافة الأطراف تقيم علاقات في ما بينها، ومع إسرائيل. أعتقد أن مختلف الفرقاء في المنطقة باتوا يتطلعون أكثر نحو الخارج، وأقل نحو الداخل. وهم يدركون أن عليهم إبراز قدرتهم على القيادة وعلى العمل معاً لمواجهة التحديات التي تواجهنا جميعاً.
بالنسبة لسؤالك حول الأردن، لا أعتقد أنه تم استبعاد الأردن. لا أعرف الظروف التي فرضت أن تقتصر عضوية المؤتمر على هذه الدول. واعتقادي أن الأردن ربما كان يشعر بحساسية أكثر من غيره بالنسبة للقضية الفلسطينية، ولذلك، ربما فضل أن لا يظهر كثيراً. ولكنني متأكد أن الأردن شريك.
وأنا متأكد أن هذا الاجتماع سيوجّه رسالة قوية لإيران، ورسالة أخرى للولايات المتحدة سيحملها الوزير بلينكن معه عند عودته إلى بلاده.
- الجنرال يوسف كوبرفاسير: الرئيس السابق لقسم الأبحاث في مديرية الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
*الدكتور نير بومز »: باحث في مركز موشي دايان في جامع تل أبيب، وفي المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في « هرتسليا ».