التحليلات الإسرائيلية حول”العمل الدؤوب لجهاز استخبارات محترف جداً” نجح في اصطياد سمير القنطار تذكّر بتقييمات موثوقة جداً وردت إلى حكومات أوروبية قبل أكثر من سنتين مفادها أن الإسرائيليين يتحفّظون على سقوط نظام بشّار الأسد لأن سقوطه يعني خسارتهم لكل شبكاتهم الإستخباراتية داخل سوريا”!
من الواضح أن سمير القنطار كان يخضع لمراقبة دقيقة للغاية وإلا فإن عملية اغتياله ما كانت لتتّسم بمثل هذا النجاح الباهر. إن المعلومات التي سمحت بتحديد موقعه بدقة بالغة، وبإطلاق صاريخ ضده مع التأكد مع عدم وجو د مدنيين ابرياء حوله، لم تنجم عن الصدفة. فهي جزء من عمل دؤوب لجهاز استخبارات محترف جداً.
وتم اغتيال القنطار في مبنى بدمشق لم يكن يمثل منزله الشخصي فحسب، بل ومركز عمليات تنظيمه. ووفقاً للتقارير، كان المبنى موقع غرفة الإجتماعات، التي قُتل فيها سمير القنطار ومعه الناطق بلسانه وسائق وأشخاص آخرون، كما أصيب فيها أفراد من تنظيمه بجروح. ويبدو أن الفرصة كانت ذهبية: فقد سمحت بتوجيه ضربة قاتلة لتنظيم سمير القنطار.
والكرة، الآن، في ملعب حزب الله.
ماذا سيكون رد فعل حزب الله على اغتيال القنطار:
يظهر سلوك حزب الله حتى الآن أنه يتقبل الهجمات الإسرائيلية ضد أسلحته داخل الأراضي السورية. بالمقابل، كاد اغتيال جهاد مغنية أن يؤدي إلى حرب في شمال إسرائيل.
مع ذلك، فمكانة القنطار في حزب الله مختلفة كلياً. فرغم قيمته الرمزية، فقد توقّف الحزب عن تأمين الحماية له منذ حوالي السنة. ورغم ذلك استمر القنطار في نشاطاته بصورة مستقلة، وبتوجيه من ضباط الحرس الثوري في دمشق.
ولكن حزب الله لم يكن الوحيد الذي أدار ظهره للقنطار. فنظام دمشق، كذلك، اعتبر أن نشاطه الحالي يهدد مصالح الرئيس بشّار الأسد، لأنه قد يجر إسرائيل إلى حرب مباشرة مع سوريا.
إن اعتراض النظام السوري وحزب الله على نشاطات القنطار يمكن أن يشكل عنصراً رادعاً اليوم (لأي رد ثأري من جانب حزب الله).
ويمكن اعتبار الوجود الروسي في سوريا عنصراً رادعاً آخر يمكن أن يدفع حزب الله إلى تخفيف رد فعله الثأري. فالدخول في حرب مع إسرائيل لا يخدم المصالح الروسية في سوريا. وإذا صح أن إسرائيل هي التي اغتالت القنطار، فإن الروس- بفضل قدراتهم التكنولوجية- تابعوا عملية اغتياله مباشرة « في الوقت الحقيقي ». ومع ذلك، ظلت موسكو صامتة، تماماً كما تجاهلت في السابق ثلاث هجمات وقعت في سوريا وأنحيت اللائمة فيها على إسرائيل.