(الصورة: قمة اللاءات الثلاثة في الخرطوم في ٢٩ أغسطس ١٩٦٧)
توقفت عن الكتابة السياسية منذ عدة سنوات، وتوقفت عن متابعة الأخبار السياسية بأنواعها منذ بداية وباء الكورونا! ولكن الأحداث الأخيرة والمعارك الأخيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين دعتني أعيد النظر واكتب مرة أخرى في الموضوع الذي قُتِل بحثا وكان سبباً في استرزاق كتّاب وسياسيين، وزعماء، وابطال حقيقيين وابطال وهميين، على حساب الشعب الفلسطيني الغلبان، وأيضاً على حساب بعض الضحايا الأبرياء المدنيين على الجانب الإسرائيلي.
ومن الآخر: معظم الفلسطينيين والعرب يتمنون زوال دولة إسرائيل مثلما زالت دول كثيرة عبر التاريخ، وكل المتطرفين اليهود وعدد كبير من الإسرائيليين يتمنون عودة معجزة موسى لشق البحر لكي يختفي الفلسطينيون في البحر كما اختفى فرعون وجيشه! وهذه احدى المشاكل الكبرى بأن طرفي النزاع يؤمنان بالمعجزات! ليس هذا فقط، ولكن يؤمنان بتكرار المعجزات المقدسة، ونحن للأسف في عصر معجزات العلم، في عصر تفجير الذرة (وإسرائيل بالمناسبة لديها قنابل ذرية تكفي لتدمير كل الشرق الأوسط على الأقل)، ونحن في عصر الصواريخ العابرة للقارات (وإسرائيل لديها منها الكثير)، ونحن في عصر الانترنت وجوجل وفيس بوك (بالمناسبة، مؤسّسو جوجل ومؤسس فيس بوك كلهم من يهود أمريكا)، نحن في عصر معجزة تليفونات الموبايل ، ومعجزات العلم لا تتوقف لحظة، ونحن لا زلنا في انتظار تكرار المعجزات المقدسة.
وقد تطوع بعض الحالمين بالإجابة على سؤال المقال عن إمكانية إزالة دولة إسرائيل، بأن قالوا بأن التاريخ في غير صالح إسرائيل! فقد مكث الصليبيون ٤٠٠ سنة في فلسطين الى ان طردهم صلاح الدين الأيوبي. ومكث العرب في اسبانيا حوالي ٨٠٠ سنة حتى طردتهم الملكة إيزابيلا. والأتراك مكثوا ٤٠٠ سنة في فلسطين حتى طردهم الإنجليز في الحرب العالمية الأولى، وهذا كله صحيح، ولكن الفرق هو ان الصليبيين والأتراك في فلسطين، والعرب في اسبانيا، كلهم لم يكونوا مستوطنيين ولكنهم كانوا قوات احتلال فقط، لذلك بمجرد هزيمتهم العسكرية انتهى وجودهم. ولكن اليهود بدأوا الهجرة واشتروا الأراضي والبيوت والمزارع واستوطنوا بمجرد وصولهم الى فلسطين وأصبح لديهم أقوى جيش بالمنطقة، وأفضل جامعات وأفضل مراكز أبحاث علمية عالمية وأعلى مستوى تعليمي وأعلى متوسط لدخل الفرد في المنطقة. وأصبح تعداد سكان إسرائيل الان حوالي 9 مليون نسمة منهم 7.5 مليون نسمة من اليهود، والباقي عرب مسلمين ومسيحيين.
لذلك يجب علينا أيضا ان نحدد بالضبط: هل نريد القضاء على دولة إسرائيل كنظام حكم ونبقي على 7.5 مليون يهودي في بيوتهم وأعمالهم، ام اننا نود إلقاءهم في البحر!
لأني سألت أكثر من صديق فلسطيني ممن يرغبون في القضاء على دولة إسرائيل عن كيفية حدوث هذا، وهل سوف نلقي 7.5 مليون يهودي في البحر؟ فكانت الإجابة: العياذ بالله، لا طبعا لن نلقي بأي أحد في البحر، ولكن كل يهودي يرجع الى البلد التي جاء منها جدوده، الذي جاء من روسيا يرجع الى روسيا ومن جاء من بولندا يرجع الى بولندا ومن جاء من العراق يرجع الى العراق! وهكذا، بطريقة سلمية لطيفة وظريفة وما عليهم الا ان يسلموا بيوتهم واراضيهم ومزارعهم ومصانعهم وجامعاتهم ومراكز أبحاثهم واهم شيء يسلموا أسلحتهم وقنابلهم الذرية الى « فتح » و « حماس »، “ويا دار ما دخلك شر”! ولا مانع من الإبقاء على اليهود الذين كانوا في فلسطين من القرن التاسع عشر (بشرط ان يكونوا على قيد الحياة)!
…
وقبل البدء في تنفيذ خطة القضاء على دولة إسرائيل يجب ان نمر مرور الكرام على تاريخ النزاع:
بدأت فكرة إقامة دولة إسرائيل مع بداية الحركة الصهيونية في القرن التاسع عشر، وقبل ذلك في القرنين السادس عشر والسابع عشر بدأت بعض الحركات الدينية تحاول تشجيع اليهود في شرق ووسط أوروبا على الهجرة والاستيطان في فلسطين (أرض الميعاد). ولكن، بالمقابل، كانت هناك حركات يهودية علمانية تدعو اليهود الى الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها.
في عام ١٨٩٧، قام تيودور هرتزل، وهو صحفي يهودي نمساوي، بعقد مؤتمر « بازل » في سويسرا. وفي هذا المؤتمر وافق المجتمعون على السعي لإنشاء دولة يهودية على ارض فلسطين وتشجيع اليهود من وسط وشرق أوروبا للهجرة الى إسرائيل.
بدأت هجرات يهودية على استحياء الى فلسطين ولم يمانع العثمانيون كثيرا في البداية.
وبعد هزيمة الاتراك في الحرب العالمية الأولى استولت بريطانيا على فلسطين.
ومكافأة لليهود الذين اشتركوا في الحرب في صف الإنجليز، قام « بيلفور »، وزير خارجية بريطانيا في عام ١٩١٧، بإعطاء وعد لليهود بإنشاء وطن قومي لهم على ارض فلسطين. وجاء أفضل تعليق على هذا الوعد التاريخي من عبد الناصر الذي وصف وعد بيلفور بأنه “من لا يملك أعطى وعدا لمن لا يستحق”!
بعد وعد « بيلفور »، وبعد وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، حدثت هجرات جماعية كبيرة يهودية في النصف الأول من القرن العشرين.
وللتاريخ، يجب ان نعلم بأنه حتى عام ١٩٤٨ فإن كل الأراضي وكل المزارع والمنازل والمتاجر التي أصبحت في حوزة اليهود تم شراؤها من أصحابها العرب بأسعار خرافية يسيل لها لعاب أي شخص. وتم تمويل جزء كبير من عمليات الشراء هذه عن طريق المنظمات اليهودية والصهيونية العالمية، وكذلك عن طريق الأسر اليهودية الغنية مثل أسرة روتشيلد في أوروبا وأسرة روكفلر في أمريكا.
عند زيادة إعداد اليهود وبدء تكوين مراكز استيطان يهودية، بدأت المشاحنات بين العرب واليهود، الامر الذي أدى لليهود ببداية تكوين ميليشيا مسلحة لحمايتهم مثل « الهاجاناه » و« الارجون » وغيرها. وكانت تلك الميليشيات هي نواة الجيش الإسرائيلي.
بعد زيادة الخسائر في الأرواح بين العرب واليهود تدخلت بريطانيا، وارسلت لجنة برئاسة (الأيرل بيل) التي زارت فلسطين في نوفمبر عام ١٩٣٦ وكتبت تقريرها في ٨ يوليو ١٩٣٧،ودعت فيه الى تقسيم فلسطين الى دولتين دولة يهودية بأغلبية يهودية تقع حول تل ابيب وكانت مساحتها حوالي ٣٠ ٪ من فلسطين والدولة العربية ٧٠٪ ، وبالطبع رفض العرب هذا القرار، ثم ندموا عليه بالطبع أيضا بعد عشر سنوات.
وبعد ذلك، زادت الهجرة اليهودية من أوروبا وألمانيا الى فلسطين بشكل كبير بسبب اضطهاد هتلر لليهود في ألمانيا بصفة خاصة وفي أوروبا بصفة عامة.
وفي عام ١٩٤٧، صدر قرار تقسيم فلسطين من الأمم المتحدة الذي اعطى ٥٨ ٪ من ارض فلسطين لليهود و ٤٢٪ للعرب (بما فيها القدس). وبالطبع، رفض العرب أيضاً وقامت سبعة جيوش بالحشد على حدود فلسطين لتحريرها من “العصابات الصهيونية”، ولكن تمكنت تلك “العصابات” من هزيمة السبعة جيوش مجتمعين.
في ١٥ مايو عام ١٩٤٨ قامت دولة إسرائيل على أجزاء أكبر من قرار الأمم المتحدة بالتقسيم، وآلت الضفة الغربية والقدس الى الأردن، وآلت غزة الى مصر.
واستمر إرضاعنا في المهد كراهية اليهود والعداء ضد إسرائيل، ودفع ثمنه اليهود الذين يعيشون في البلاد العربية، الذين اجبروا على ترك اوطانهم وأملاكهم وهاجروا الى إسرائيل، بعد ان تم النظر إليهم على انهم جواسيس “للكيان الصهيوني”.
وتم توريط عبد الناصر في الحرب مع إسرائيل وكانت الهزيمة الشنعاء عام ١٩٦٧ وضاعت باقي فلسطين بما فيها القدس وشبه جزيرة سيناء في مصر وهضبة الجولان في سوريا.
وفي عام ١٩٧٣ عبر الجيش المصري قناة السويس وحقق نصرا جزئيا بعد ان تدخلت أمريكا لصالح إسرائيل في النصف الثاني من الحرب.
وفي عام ١٩٧٧ قام السادات بخطوته الجريئة بزيارته لإسرائيل، وتم توقيع معاهدة السلام في كامب دافيد عام ١٩٧٩. وكان من ضمنها إعطاء حق تقرير المصير للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وغزة وشرق القدس. ولكن، رَفَضَ العرب الاتفاقية، وتمت مقاطعة مصر وفصلها من الجامعة العربية ونقل مقرها من القاهرة الى تونس، واتُّهِم السادات بالخيانة وتم اغتياله في يوم نصره. وعلّق ياسر عرفات على اغتياله قائلا: « نقبل اليد التي ضغطت على الزناد ».
وبالطبع، ومثل كل مرة، ندم العرب على رفض اتفاقية كامب دافيد وقبلوا بأقل منها بكثير في « معاهدة أوسلو ».
وتكرر التاريخ المعروف وتكررت الفرص الضائعة والندم عليها فيما بعد، ومع زيادة قوة اسزائيل وضعف العرب وخاصة بعد ان خرجت مصر والأردن من الساحة. ووقع الفلسطينيون ضحايا للخلاف بين حماس وفتح وزاد الحصار عليهم من جانب إسرائيل.
…
الان بعد الاستعراض السريع للتاريخ والفرص الضائعة، نعود للسؤال: كيف يمكن القضاء على دولة إسرائيل؟
كيف نقضي على دولة لديها أسلحة ذرية، ولديها أحدث أسلحة وأقوى جيش في المنطقة؟ كيف نقضي على دولة يقف وراءها أقوى دول العالم أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين؟ كيف نقضي على دولة يعترف بها معظم دول العالم؟ كيف نقضي على دولة يساندها أغنى يهود العالم؟
طيب ما هو الحل؟
ألا يوجد أي حل سوى: « الإسلام هو الحل »؟ هل لذلك سيطرت حماس على البقية الباقية من فلسطين، وسيطر حزب الله على لبنان، وسيطر الإخوان على مصر لمدة عام واحد ولا زالوا يعملون ضد الجيش المصري في سيناء؟ كل هذا تحت شعار « تحرير القدس »! وكل هذا سوف يتم بفضل المعجزات وربما يُبعَث صلاح الدين الأيوبي من قبره لتحرير القدس مرة أخرى!!
أمامنا حلان لا ثالث لهما: إما أن يكون لدينا القوة للقضاء على دولة إسرائيل بعد هزيمتها عسكريا. أو أن نقبل بالصلح وتطبيع العلاقات معها.
لقد عاش اليهود بيننا لقرون عديدة بدون مشاكل تُذكر. الإضطهاد ضد اليهود كان في أوروبا ولم يكن في الشرق الأوسط. يهود أسبانيا هاجروا إلى المغرب لتجنب الإضطهاد.
لا يصح أن نعيش في حالة حرب دائمة، ولكن يجب أن نعيش في سلام دائم!
دول أوروبا أصبحت دولة واحدة بالرغم من أن ألمانيا قامت بغزو معظم أوروبا وتدمير ما أستطاعت! وبالمقابل، قامت بريطانيا، بمساعدة أمريكا، بتدمير ألمانيا وهزيمتها هزيمة مهينة. وكل هذا تم نسيانه وأصبحت دول أوروبا « سمن على عسل »! أمريكا قامت بإلقاء قنبلتين ذرتين على هيروشيما وناجازاكي، وقتل مئات الألوف من الأبرياء، وقامت بإحتلال اليابان لعدة سنوات ولا زالت في اليابان قاعدة عسكرية أمريكية. ورغم ذلك، تعتبر أمريكا واليابان أكبر شريكين تجاريين، والسيارات اليابانية تغزو أمريكا حاليا. أعداء الأمس أصبحوا أصدقاء اليوم.
لا يوجد عداء دائم إلا لدينا بسبب المشكلة الفلسطينية، وهي كما ترون مشكلة قابلة للحل! ولكن المستفيدين والمرتزقة من عدم الحل أكثر من الهم على القلب. لذلك فهم يرون أن “الحل هو في عدم الحل”! ورحم الله آريل شارون الذي قال للفلسطينيين: « خذوا ما نعرضه عليكم اليوم على طاولة المفاوضات، لأنه لن يكون موجودا غدا »!!
لذلك فمشكلة فلسطين هي مشكلة الفرص الضائعة، والضحايا هم غلابا الشعب الفلسطيني، بينما الزعماء يعيشون في بحبوحة من العيش خارج فلسطين يقودون المقاومة بالريموت كنترول، أو يعيشون في غزة والضفة في بروج مشيدة، ويخدعون الشباب للتضحية بأنفسهم في سبيل القدس وفلسطين!
وبعد كل معركة خاسرة مع إسرائيل يتم تحويلها إلى نصر وأحيانا “النصر الإلهي” وبعد كل نصر تتقلص مساحة الأرض ويزيد عدد المستوطنون اليهود، ويزداد الصراخ :”بالروح والدم نفديك يا فلسطين”، ورحم الله الضحايا الغلابا وقود تلك الحرب اللعينة.
يجب القضاء على هده المهزلة التي تسمى اسرائيل وهدا من مسؤولية العرب عليهم ان يتحدوا ويدافعوا عن اخوانهم لا ان يختبئوا مثل الاطفال
السبيل الوحيد لكي نعيش بخير هو القضاء على اسرائيل لايمكن ان نعيش مع حنازير ووحوش لايمكن يقتلون ابرياء الانهم يردون الانتقام فقط انهم اشرار والشر يجب ان يهزمه الخير
رحم الله شارون ، كاتب حاقد في جلد ناصح
سننتظر الوعد الالهي بزوالكم نحن لسنا في عجله
دعوة للاستسلام مثل امبراطور اليابان وخلق دولة حديثة. دعوة للسلام على الطريقة المصرية والتي تجبر مصر صاحبة ٨ الاف سنة حضارة وبلد ١٠٠ مليون تجبرها طلب الاذن من الكيان الصهيوني ذو السبعين عاماً لنشر قوات الجيش المصري الباسل الذي سجل الانتصارات في حرب أكتوبر في سيناء ارض الفيروز. في المقابل حزب الله اجبر الصهاينة في العام ٢٠٠٠ الانسحاب مهزوماً بدون اي إتفاق من جنوب لبنان وعلى نفس الطريق اجبرت المقاومة الفلسطينيىة في غزة الصهاينة على الانسحاب من غزة في ٢٠٠٥. العرب المسلمون بنوا حضارة في الاندلس كانت منارة لكل أوروبا ولم يكونوا احتلالا عسكريا كما ذكر كاتب المقال والفرنسيون الذين… قراءة المزيد ..
– مقال ساذج مليء بالاخطاء التاريخية؛ ١- حين الاعلان عن تأسيس دولة اسرائيل عام ١٩٤٨، نسبة الاراضي التي يمتلكها اليهود كانت أقل من ٧٪. ٢- بعد فشل الحركه الصهيونيه إقناع الجاليات اليهودية التي عاشت بأمان في الدول العربية منذ مئات السنين، قام الموساد بزراعة قنابل في المعابد اليهودية في بغداد والاسكندرية لتخويف الجاليات اليهودية وتشجيعها على الهجرة، مثلما عرف لاحقًا بقضية لافون. ٣- لم يدخل اي جندي عربي ال فلسطين عام ١٩٤٨ إلا بعد أن قامت الحركة الصهيونيه بارتكاب المجازر وتشريد ٣٠٠،٠٠٠ فلسطيني من ديارهم بعد مجزره دير ياسين، على سبيل المثال. ٤- منذ تأسيسها، اسرائيل تعيش على الدعم الخارجي… قراءة المزيد ..
مع التقدير لكل كلمة تفضلتم بها….
وهي من واقع التاريخ ومن واقع الحال تماما.
احييك على المقال واوافقك على معظم ما ورد فيه، فقط ثمة شأن شديد الالتصاق بي شخصيا وهو ما ورد في المقال بخصوص شبه جزيرة سيناء اريد توضيح بعض الحقائق ومنها ما اعرفه بشكل شخصي. قد يكون صحيحا ان حماس والاخوان والتيارات الدينية كلها اختارت سيناء كجبهة للحرب مع الجيش المصري، لكن هذه الجبهة في اعلى تقديراتها لم تزد على 850 ارهابي(1) وفي التقديرات الاقرب الى الصحة لا يزيدون عن 200 ارهابي وهي الاحصائية التي ذكرها الدكتور هشام الهاشمي(2). ورغم استعداد قبائل سيناء للقضاء على الارهاب منذ اليوم الاول للحرب، وقد حضرت شخصيا اجتماع لمشايخ قبائل سيناء مع اللواء فؤاد التهامي… قراءة المزيد ..