بقلم/ مراد فايسي (راديو فردا) –
ترجمة “شفاف”:
قبل ٣٣ عاما، عندما كان مجتبى خامنئي (نجل مرشد الثورة الإيرانية) في جبهة الحرب العراقية الإيرانية وانضم حينها إلى “كتيبة حبيب بن مظاهر”، لم يظن أحد أنه في يوم من الأيام ستصبح هذه الكتيبة، في ظل الدور المحوري لمجتبى، واحدة من أهم دوائر أمن المخابرات في إيران.
قصة كتيبة حبيب بن مظاهر هي رواية فريدة من نوعها. فالكتيبة شاركت في العديد من المعارك الحساسة في الحرب العراقية الإيرانية، ولكن بعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب، وفي ظل محورية مواقف مجتبى، تحولت إلى تجمع يحتوي على بعض من أكثر قوى المخابرات الإيرانية تطرفا وقمعا.
إنها قصة عمرها ٣٣ عاما، عن القوات التي قاتلت في “صحراء شلمجة” في جنوب العراق أمام جيش صدام حسين، ثم ساهمت في سحق الناس بلا رحمة في شوارع طهران.
عندما انضم مجتبى إلى الكتيبة في عام ١٩٨٧، كانت طهران تملك جيشا خاصا في الحرب ضد العراق، وهي “فرقة محمد رسول الله”، التي كانت كتيبة حبيب بن مظاهر واحدة من أشهر كتائبها.
مجتبى، الذي توجه إلى جبهة الحرب وهو في سن ال ١٧ وانضم إلى الكتيبة، كان والده رئيس البلاد آنذاك، لكن المشكلة كانت تكمن في أن والده لم يكن يحظى بشعبية كبيرة في الحرس الثوري. فعندما ذهب مجتبى إلى الجبهة، وذهب قبله بسنتين أخوه الأكبر مصطفى، لم تكن العلاقة بين قادة الحرس الثوري ووالدهما اليميني جيدة.
فخامنئي كان معروفا آنذاك بأنه رجل دين يميني، في حين أن قادة الحرس الثوري كانوا معروفين إلى حد كبير بكونهم يساريين، وبالطبع كان هذا التصنيف قائما على رؤية مذهبية. وقبل سنة واحدة من انضمام مجتبى إلى الكتيبة، أي قبيل معركة الفاو المعروفة، وقف قادة الحرس الثوري بقيادة محسن رضائي ضد مساعي خامنئي للإطاحة برئيس الوزراء آنذاك مير حسين موسوي.
وسط هذه الظروف، كان ينظر إلى مجتبى وهو في الكتيبة على أنه ابن شخص يحاول الإطاحة برئيس الوزراء الذي يحظى بشعبية لدى القوات الإيرانية، وإذا حصل ذلك فسيساهم، كما يقول رضائي، في إضعاف معنويات القوات.
ويقال بأن مجتبى كان يعاني من الأجواء غير المريحة ضد والده في كتيبة حبيب بن مظاهر وفي الفرقة ٢٧، وفكر في مغادرة الفرقة ٢٧ والإنضمام إلى الفرقة ١٠ سيد الشهداء التي كان مقرها في مدينة كرج بقيادة علي فضلي. وبالفعل انضم بعد سنة إلى الفرقة ١٠.
كان والد مجتبى، أي حجة الإسلام والمسلمين علي خامنئي، يعتبر الأضعف من حيث قوة سلطته بالمقارنة مع بقية الأعضاء الذين كانوا يشتركون معه في اجتماع رؤساء السلطات (وهو اجتماع كان يعقد مع مرشد الثورة آنذاك آية الله الخميني لاتخاذ قرارات مصيرية، وكان بمثابة مجلس أعلى). فخامنئي كان أضعف من هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس الشورى (البرلمان) آنذاك وقائد الحرب والشخص الأكثر نفوذا بعد الخميني. وكذلك كان أضعف من أحمد الخميني، نجل المرشد. وأضعف من مير حسين موسوي رئيس الوزراء آنذاك. وكذلك أضعف من موسوي أردبيلي، رئيس السلطة القضائية آنذاك.
ولكن بعد ثلاث سنوات، ودون أن يتوقع أحد ذلك، تغيرت الأمور. حيث تمت إقالة آية الله حسين منتظري، الخليفة المتوقع للخميني، من منصب نائب المرشد، بعد انتقادات منتظري المتكررة للطريقة التي تمت بها إدارة البلاد والحرب، خاصة معارضته لإعدام الآلاف من المعارضين السياسيين في السجون. توفي الخميني في ذلك العام. وفي الوقت الذي كان يقال عن خامنئي بأنه رئيس ضعيف، وسيعود إلى مسقط رأسه مدينة مشهد بعد انتهاء فترة رئاسته، تم انتخابه وليا للفقيه. فأصبح والد مجتبى الزعيم والقائد الأعلى للقوات المسلحة وأقوى مسؤول في الجمهورية الإسلامية.
مثل هذا التغيير في هيكل السلطة، أعطى الأفراد الذين كانوا قريبين من مجتبى ومصطفى أثناء الحرب وملتفين حولهما، الفرصة للتجمع وتشكيل دائرة أصبحت قوية تدريجيا. لم يقترب مصطفى من السياسة، لكن مجتبى أصبح أكثر اهتماما بالسياسة.
ازداد يوما بعد يوم عدد الذين أرادوا تعزيز علاقاتهم بأبناء خامنئي للاستفادة مما حصل في هيكل السلطة، ومِن هؤلاء، الذين كانوا في كتيبة حبيب بن مظاهر والفرقتين ١٠ و٢٧. وكان أحد هؤلاء هو علي رضا بناهيان.
علي رضا بناهيان
بناهيان.. في تلك الأيام التي كان مجتبى خامنئي في كتيبة حبيب بن مظاهر، كان هناك رجل دين شاب ركز نشاطه في مجال القتال، ولم تكن لديه حتى الجرأة على قراءة الأذكار الدينية على زملائه في الكتيبة.
بعد أن أصبح خامنئي مرشدا، ازدادت مسؤوليات بناهيان، فقد كان يلتقي بمجتبى، وأصبح يدرّس خامنئي درس الخارج الخاص بالتعليم الديني الحوزوي، كما أصبح عضوا في مكتب المرشد لشؤون الجامعات. لكن نجم بناهيان برز عندما احتل صدارة مهاجمي الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام في أعقاب انتخابات عام ٢٠٠٩ وظهور الحركة الخضراء، خاصة نقده الحاد من على المنابر الدينية لمير حسين موسوي ومهدي كروبي وحتى هاشمي رفسنجاني، مما جعله قريبا من قلب المرشد.
بناهيان كان يصرخ وهو على المنبر أمام حشد من الباسيج (المتطوعين) بأنه وفق أحكام الإسلام يجب إعدام قادة الفتنة (زعماء الاحتجاجات) المفسدين في الأرض. هذه الخطب أدت ببناهيان ليصبح من أفضل الخطباء عند خامنئي. حتى أنه في المناسبات الدينية التي تعقد في منزل المرشد، كأيام الفاطميات، فإن لم يكن بناهيان هو الخطيب الرئيسي فيها، فإن المرشد كان يجلسه إلى جانبه في تأكيد على تأييد خطه المتشدد ولغته القاسية.
تطور وضع بناهيان في منزل المرشد وأصبح عضوا في اللجنة المشرفة على الخطب التي تُلقى هناك.
وبعد أحداث انتخابات عام ٢٠٠٩ أصبح بناهيان نائب قائد معسكر “عمّار”، وهو تجمع غير عسكري ينتمي إليه أبرز الناشطين المتشددين الذين قمعوا احتجاجات الحركة الخضراء، أما قائد المعسكر فلم يكن سوى أحد أعضاء كتيبة حبيب بن مظاهر والفرقة ٢٧، مهدي طائب.
مهدي طائب
مهدي طائب.. من رجال الدين المسؤولين في كتيبة حبيب بن مظاهر والفرقة ٢٧. لقد كان حاضرا في معارك صحراء شلمجة وكربلاء الخامسة. وبعد الحرب، واصل دروسه الدينية الحوزوية وتحوّل في خطوات تدريجية إلى خطيب ديني متشدد.
وفي الأحداث التي جرت بعد انتخابات عام ٢٠٠٩، كان واحداً من الخطباء الرئيسيين الذين برروا قمع الاحتجاجات الشعبية. وبعد أحداث القمع، أصبح مؤسسا وقائدا لمعسكر “عمار”، ومنفذا لخطط المرشد لمواجهة تحركات المحتجين. شكل دائرة كانت تجمع أكثر المتطرفين تأييدا للمرشد الأعلى، من رجال دين وخطباء ومداحين ومن المنتمين لمجموعة أنصار حزب الله إضافة إلى من يسمون بالمتخفين بالملابس المدنية، حيث يمكن اعتبار هذه الدائرة فرعا من كتيبة حبيب بن مظاهر.
أصبح مثل هذا التجمع، الأداة الحركية لكتيبة حبيب بن مظاهر، وكان يعمل في إطار دوائر أمنية وقوى أرضية في الشوارع. ومن أشهر الأسماء المحسوبة على هذا التجمع: حسين الله كرم وسعيد قاسمي وحسين يكتا وحميد رسائي وحسن عباسي وعلى رضا بناهيان.
مهدي طائب الذي هو عضو في مجلس إدارة معسكر “عمار”، هو أيضا عضو في مجلس إدارة مؤسسة “آويني” التي أنشأت مسلسل “غاندو” التلفزيوني، والذي هو سلسلة من الأعمال الدعائية القوية لصالح الحرس الثوري. وفي الواقع، استطاع مهدي الحصول على ميزانية مالية من المؤسسة، لتمويل وإنتاج فيلم يروج لمجموعة تشتغل تحت إمرة شقيقه حسين طائب في استخبارات الحرس الثوري.
كان لدى الاثنين شقيق آخر، يصغر عن مهدي بعامين، قدّمه الموقع الرسمي لمقبرة الزهراء المعروفة بجنة الزهراء بطهران على النحو التالي: استشهد طائب في عملية كربلاء الخامسة أثناء الحرب العراقية الإيرانية.
حسين طائب
رجل الدين هذا كان منتميا للحرس الثوري ومشاركا في الحرب ضد العراق، وشهرته لم تتحقق بسبب هذه المشاركة. لقد بدأ طائب سلم الصعود من خلال وزارة الاستخبارات، فأصبح نائبا لمصطفى بور محمدي الذي كان نائب وزير الاستخبارات للشؤون الخارجية، لكنه بعد فترة خرج من الوزارة.
في أعقاب قدوم حكومة الرئيس محمد خاتمي، شعر خامنئي، الذي كان قد وسع قبل ذلك من سيطرته على وزارة الإستخبارات، شعر بأنه مع قدوم الإصلاحيين فإن زمام أمور هذه الوزارة بدأت تخرج من بين يديه. وكان ذلك مدعاة لفريق من المسؤولين السابقين في الوزارة للاجتماع في بيت المرشد لتشكيل فريق استخباري لم يكشف عن اسمه، لكن معارضي هذا الاجتماع اسموه بفريق “المخابرات الموازية”.
وعهدت رئاسة هذا الفريق الموازي لأصغر مير حجازي، وهو مستشار أمني للمرشد، وكان الاجتماع بحضور على فلاحيان ومصطفى بور محمدي وميثم طائب. كذلك، أمر المرشد بتعزيز نشاط وحدات المخابرات التابعة للحرس الثوري من جهة، وأصبحت وحدات الاستخبارات الخاضعة لرئيس السلطة القضائية آنذاك محمد يزدي أكثر نشاطا من جهة أخرى.
كما قام خامنئي بتنشيط جهاز المخابرات في قوة الشرطة النظامية المعروفة اختصارا بناجا، برئاسة العميد محمد رضا نقدي، الذي اعتقل وعذب رؤساء البلديات في طهران في فترة قيادة غلام حسين كرباسجي للبلدية. وفي ضوء ظهور هذه الفرق الاستخباراتية الخارجة عن سيطرة الحكومة، عمل ميثم طائب من مكتب الاستخبارات شبه العسكرية التابع لمنزل المرشد، بشكل وثيق وسري مع محمد رضا نقدي ومحمد باقر قاليباف القائد الجديد للقوات النظامية، لمواجهة المنتقدين. وتم دعم هذا الفريق عن طريق هيئة الإذاعة والتلفزيون برئاسة على لاريجاني وصحيفة كيهان برئاسة حسين شريعتمداري.
في واقع الأمر، ساهم قرب طائب من خامنئي في زيادة نفوذه وتعاظم قوته، ورغم ذلك فهو لم يتمتع بشعبية في سنوات حكم الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، وذاع صيته الإستخباراتي والأمني في سنوات حكم الرئيس محمود أحمدي نجاد. خاصة قبل انتخابات السنين الأربع الأولى لنجاد، إذ طرح خطة هو ومجتبى قبل ثلاثة أيام من التصويت في الانتخابات تقضى بالإقتراع لصالح نجاد بعد أن كان بيت المرشد متجها لدعم المرشح المحافظ محمد باقر قاليباف.
تولى مجتبى خامنئي، ولأول مرة، مهمة إدارة اللعبة الإنتخابية لبيت المرشد. وباعتبار أن طائب أصبح أقرب مساعدي مجتبى، فإن ذلك ساهم في توسيع سلطات طائب وفي تقوية نفوذه. ومع وصول محمود أحمدي نجاد إلى سدة الرئاسة الأولى، بات طائب أحد العناصر الأكثر نفوذا في بيت المرشد. وكتب المرشح المنهزم في الانتخابات آنذاك مهدي كروبي رسالة إلى المرشد يتحدث فيها عن تدخل مجتبى والحرس الثوري والباسيج في الانتخابات. وتمت الإشارة في الأوساط السياسية والإعلامية إلى اسم ميثم أيضا.
بعد فوز نجاد بالانتخابات الرئاسية الثانية، أصبح اسم مجتبى وطائب متداولا على الألسن أكثر فأكثر. وتداولت أنباء تتهم مجتبى بالتدخل في عملية سير الاقتراع والوقوف وراء فوز نجاد، وعندما تصاعدت الاحتجاجات الشعبية على نتائج الانتخابات، لعب الباسيج دورا محوريا في قمعها، ولم يكن قائد الباسيج سوى حسين طائب.
وبينما كان طائب، بصفته قائدا للباسيج، يقوم بالتعبئة لمواجهة الاحتجاجات الشعبية في طهران وفي مختلف مدن البلاد، كان نائبه من الفرقة ٢٧، العميد حسين همداني، يقول بأنه من أجل قمع الاحتجاجات يجب حشد ما بين أربعة إلى خمسة آلاف من البلطجية في طهران لمهاجمة وقمع المتظاهرين في يوم عاشوراء.
حتى خريف عام ٢٠٠٩ كان طائب قائدا للباسيج. وفيما كانت وتيرة الاحتجاجات الشعبية ترتفع، تم الإعلان عن رفع المستوى التنظيمي لاستخبارات الحرس الثوري الإيراني، وتم الإعلان عن إنشاء منظمة استخبارات الحرس الثوري، وتم تعيين طائب رئيسا للمنظمة.
وتمر الآن ١٠ سنوات على رئاسة طائب لهذه المنظمة القوية التي تتزايد سلطتها وينمو نفوذها يوما بعد يوم برغبة من المرشد. وإذ تتم الإشارة إلى طائب باعتباره من أقرب مساعدي مجتبى خامنئي، وأنه بات يلعب دورا متزايدا في صراع القوى في الجمهورية الإسلامية، تتم الإشارة إليه أيضا كرئيس لأقوى وكالة استخبارات في إيران.
لهذا السبب، يعتقد الكثيرون أنه مع تزايد قوة مجتبى والحرس الثوري، في حال استمرار بقاء الجمهورية الإسلامية، فإنه ينبغي توقع تنامي سلطة حسين طائب في التسلسل الهرمي للسلطة، حيث يُعتبر من أهم منظّري خطة وصول مجتبى إلى سدة الولاية لكي يصبح المرشد القادم بعد أبيه.
في هذه الظروف، وجد طائب نائبا جديدا له، هو حسن محقق، الذي كان أحد المنضوين في كتيبة حبيب بن مظاهر. محقق استلم منصب رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري بدلا من حسين نجات. وهو یعتبر أحد الموثوقين بهم من قبل المرشد، وكان لفترة زمنية مسؤولا عن حمايته.
حسن محقق
إنه قائد كتيبة حبيب بن مظاهر أثناء الحرب ضد العراق. كان القائد المباشر لمجتبى خامنئي ولجميع من جاؤوا من كتيبة حبيب وانضموا إلى دائرة القوة والنفوذ في الجمهورية الإسلامية.
بعد الحرب، وعلى الرغم من صعوده تدريجيا إلى مراتب عليا في الحرس الثوري حيث أصبح قائد الفرقة ٢٧، إلا أن صعوده الأساسي ارتبط في فترة قربه من فريق مجتبى وحسين طائب، وبالذات أثناء احتجاجات عام ٢٠٠٩ عندما كان الحرس الثوري والباسيج يقمعون الاحتجاجات. وقبل أن يتم تعيين محقق نائبا لطائب من قِبل الجنرال حسين سلامي قائد الحرس الثوري، تم تعيينه في منصب عال في قسم الشؤون الاستراتيجية لاستخبارات الحرس الثوري. الرجل الآخر في كتيبة حبيب بن مظاهر هو العميد محمد كوثري.
محمد كوثري
هو أحد أقدم قادة الحرب الإيرانية العراقية، وقائد الفرقة ٢٧ أثناء الحرب والمشرف العسكري على حسن محقق ومجتبى خامنئي وبناهيان والإخوان طائب. وهو اليوم قائد فيلق “ثار الله”، الذي يعتبر أهم فيلق مختص بالشؤون الاستخباراتية والأمنية للجمهورية الإسلامية.
ملف كوثري ملئ بالمشاركة في قمع الاحتجاجات. أي أن النقطة المشتركة بينه وبين بعض قادة الحرس الثوري هي القتال في صحراء شلمجة ضد الجيش العراقي، وقمع المتظاهرين في شوارع طهران وغيرها من مدن. فالعديد من القادة الذين اكتسبوا شهرة خلال الحرب، اشتهروا بسبب مشاركتهم في قمع الاحتجاجات الشعبية في طهران، مثل العميد عزيز جعفري والعميد محمد رضا زاهدي والعميد كلولي والعميد كاظميني، وواحد من أشهرهم هو علي فضلي.
على فضلي
هو القائد السابق لمجتبى خامنئي في الفرقة ١٠. تم تسمية هذه الشخصية العسكرية كواحد من أشهر القادة العسكريين في الحرب. وأثناء الاحتجاجات على نتائج انتخابات عام ٢٠٠٩ كان القائد الميداني لفيلق “ثارالله” والقائد الميداني لجميع قوات الشرطة وقوات الباسيج في طهران وفي مدينة كرج القريبة من العاصمة، حيث مارس القمع بأعلى مستوى ما أدى ذلك إلى سقوط عشرات القتلى واعتقال المئات وإعدام البعض منهم.
بعد قمع الاحتجاجات، أصبح على فضلي قائدا للباسيج بدلا من القائد محمد رضا نقدي لمدة ٩ سنوات. وحاليا يشغل منصب قائد معسكر الإمام حسين لتدريب الحرس الثوري.
فيلق “ثار الله”، الذي أدى بقيادات مثل على فضلي إلى أن تصبح قيادات قمعية، تم تأسيسه بعد ١٧ عاما من اعلان الجمهورية الإسلامية. فبعد سنين قليلة من إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية، واجه المسؤولون الإيرانيون احتجاجات في عدة مدن، مثل مشهد وقزوين واسلام شهر، ويبدو أن ذلك كان سببا لإنشاء فيلق “ثار الله” في طهران، والذي من مهامه قمع الاحتجاجات بصورة منظمة.
الآن، وبعد ١٠ سنوات من حملة القمع الدموية في عام ٢٠٠٩، تم تكليف محمد كوثري، القائد السابق لمجتبى، لقيادة فيلق “ثار الله”، مع وجود اختلاف في الناحية العملية، وهو أن مجتبى هو القائد الفعلي، في ظل هيمنته على كتيبة حبيب بن مظاهر. فهذه الكتيبة تجاوزت من حيث القوة موقع الكتيبة والفرقة، وباتت تلقي بظلالها على فيلق “ثار الله” وعلى قوات الحرس الثوري بأكمله، وكذلك على قادة آخرين من خارج الكتيبة نفسها ومن الفرقتين ١٠ و٢٧.
أحد القادمين الجدد من هذا الفريق، والذي يعتبر مقربا من خامنئي ومن مجتبى، هو العميد ابراهيم جباري.
ابراهيم جباري
هو قائد فرقة الحماية الشخصية للمرشد، ويعتبر أحد أبرز الشخصيات السياسية في الحرس الثوري. لديه العديد من المحاضرات التي يهاجم خلالها منتقدي خامنئي.
كان له حضور ميداني في عملية تحرير مدينة خرمشهر أثناء الحرب مع العراق. لكنه لم يكن آنذاك من القيادات الرئيسية في الحرس الثوري.
بعد انتهاء الحرب، تم تعيين جباري قائدا بارزا في الباسيج في مدينة زنجان ثم في قزوين. وقبل ٧ أشهر من انتخابات عام ٢٠٠٩ تم نقله إلى طهران ليتم تعيينه في منصب قائد الحرس الثوري عن العاصمة. ثم تم تعيينه مساعدا لحسين طائب في قوات الباسيج، لذلك كان له دور فعال في قمع احتجاجات عام ٢٠٠٩.
ثم تم نقل جباري إلى قم كقائد للحرس الثوري عن هذه المدينة. وقد واجهت قم خلال وجود جباري الذي بات في المدينة ١٢ شهرا اضطرابات عديدة. من ذلك هجوم قوات موالية للنظام على مراسم تشييع جنازة آية الله حسين منتظري، وهجوم آخر على بيت آية الله صانعي أثناء زيارة مهدي كروبي للمدينة، وتنظيم مظاهرات ضد حسن الخميني (حفيد مؤسس الثورة الإسلامية).
كذلك، معروف عن جباري علاقاته الوثيقة مع آية الله محمد تقي مصباح يزدي، رجل الدين المفضل لدى المرشد، حيث كان يزوره باستمرار بمعية القيادات التي كانت تحت إمرته.
المهمة الأخيرة لجباري في قم ارتبطت بتنظيم الإجراءات السياسية والأمنية في المدينة وتهيئتها من أجل زيارة المرشد في عام ٢٠١٠، وهي الزيارة التي ساهمت لاحقا في نقله لمنصبه الجديد في بيت المرشد قائدا لفرقة الحماية الشخصية لخامنئي وكذلك قائدا لفرقة الحماية الشخصية لمجتبى ومسؤولا عن حماية بيت المرشد والمؤسسات والمباني التابعة للبيت والموجودة في مقر يُعرف باسم مقر الشهيد مطهري، ويعمل تحت إمرته ١٢ الف فرد.
وفي واقع الأمر، فإن القائد السابق لفرقة الحماية الشخصية للمرشد الأعلى ولمجتبى، حسين نجات، لم يتم عزله عن دائرة مجتبى.
حسين نجات
يعود انتمائه إلى الحرس الثوري قبل إنشاء كتيبة حبيب بن مظاهر والفرقة ٢٧. كان عضوا في منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، الجناح اليميني. كما كان مساعدا لمحسن رضائي قائد الحرس الثوري في الشؤون الإستخباراتية، ومسؤولا عن حماية معسكر خاتم الأنبياء، وهو أهم معسكر حربي حتى انتهاء الحرب مع العراق.
تقلد نجات منصب قائد فريق الحماية الشخصية لخامنئي لمدة ١٠ سنوات. ويُعتبر من أبرز قيادات الحرس الثوري التي ساهمت في قمع احتجاجات عام ٢٠٠٩. بعدها، ساهم في إدارة “مجلس المقاتلين المدافعين عن الإسلام”، وهو كان بإدارة الحرس الثوري، وانتشر في مختلف المدن الإيرانية، وشارك في مراسم أربعين الإمام الحسين باعتباره أحد صور عرض القوة للحرس الثوري وللجمهورية الإسلامية الإيرانية في العراق وفي المنطقة.
وقبل ٣ سنوات، تم ترشيح اسم نجات لمنصب رئيس منظمة الاستخبارات في الحرس الثوري ليحل محل حسين طائب. وقد ساهم ذلك في تقوية المنظمة وفي اقترابه أكثر من بيت المرشد وفي تأثير ذلك على وزارة الاستخبارات. وفي ظل التغييرات القيادية الأخيرة في الحرس الثوري، أعطى نجات منصبه لحسن محقق، وأصبح هو مسؤولا عن الشؤون الثقافية في الحرس الثوري.
فريق مجتبى خامنئي
حلقة الوصل بين جميع الأسماء القيادية والأمنية الفائتة هي مجتبى خامنئي.
وبما أن المرشد تجاوز عمره الثمانين، أصبحنا نرى حضورا واسعا لمجتبى في مختلف القرارات الخاصة المتعلقة ببيت المرشد باعتباره أكثر أبناء خامنئي اهتماما بالشأن السياسي، وبات حسين طائب وحسن محقق على رأس الشأن الإستخباراتي، وأصبح القائد السابق للفرقة ٢٧ محمد كوثري على رأس فيلق “ثار الله”، وتسلّم العديد من القياديين القريبين من مجتبى مناصب رئيسية وحساسة، وبعبارة أخرى فإن فريق كتيبة حبيب بن مظاهر أصبح واحدا من أكثر مجموعات القوى نفوذا في الجمهورية الإسلامية، وخاصة في طهران.
إن فريق المتنفذين الذي هندس لنتائج انتخابات الدورة الرئاسية الأولى لمحمود أحمدي نجاد، تمرس جيدا واستطاع أن يهندس لنتائج انتخابات الدورة الرئاسية الثانية لنجاد، ولم يكتف بذلك بل مارس مختلف صور القمع لإسكات المنتقدين المحتجين على النتائج. وأعضاء الفريق هم الآن أكثر اتحادا من أي وقت مضى. لذا، يركز هذا الفريق على الاهتمام ب ٣ مسائل داخلية بدلا من تركيزه على التهديدات الخارجية والعسكرية والقتالية ضد الجمهورية الإسلامية، فهو، أولا، مستعد لقمع أي احتجاجات شعبية في المستقبل، خاصة في طهران، بناء على تجارب قمعية مارسها سابقا في الأعوام ١٩٩٩ و٢٠٠٩ و٢٠١٧ و٢٠١٨. ثانيا، يسعى للسيطرة على المعارضة الداخلية للنظام، وإذا لزم الأمر، اعتقال وقمع النقاد والمعارضة. ثالثا، والأهم، مستعد للدخول في حرب داخلية محتملة بعد وفاة خامنئي من خلال السيطرة على المنشآت الاستخباراتية والأمنية في طهران كمراكز رئيسية للاستحواذ على السلطة والمحافظة عليها.
وغير معروف حتى الآن هل باستطاعة فريق كتيبة حبيب بن مظاهر، باعتباره فريق مجتبى، أن يوصل نجل المرشد إلى سدة الولاية والزعامة؟ (مع أن بقاء الجمهورية الإسلامية واستمرارها بعد وفاة خامنئي هو محل تساؤل) لكن يمكن القول بأن هذا الفريق هو حاليا الأقوى استخباراتيا وأمنيا في إيران ويقع تحت جناحيه الجزء الأكبر من المواقع الاستخباراتية والأمنية المهمة في البلاد.
ويدرك أعضاء الفريق، التجربة التاريخية لانتخاب خامنئي على رأس ولاية الفقيه، إذ لم يتم انتخابه من بيت الخميني في منطقة “جماران”. ليس هذا فحسب، فالشخصيات الجمارانية المؤثرة لم تكتفِ بفقدان أهميتها في هيكل السلطة الجديد، بل شهدت موت أحد أبرز الجمارانيين، وهو “أحمد”، نجل الخميني، بصورة مشتبه بها.
*مراد فايسي.. عمل في الصحافة منذ عام ١٩٩٢. خريج علوم سياسية. وأصبح صحافيا في “راديو فردا” منذ عام ٢٠١٠.