يتبيّن من الأحاديث مع مسؤولين سعوديين بعض أوجه الممارسات اللبنانية – الإيرانية الأكثر إزعاجاً للمملكة في هذه المرحلة، لا سيما إرسال خبراء في جمع الصواريخ وإطلاقها وخبراء في حروب العصابات وأعمال التفجير إلى اليمن وسواه. لا تفوتهم إشارة إلى أن الديبلوماسية السعودية تسجّل كل ما يحصل ميدانياً وسياسياً وإعلامياً. صمتها بالتالي لا يعني أنها لا تفعل شيئاً، بل على النقيض تماماً. هي تسجل وقائع لتأتي الأسئلة لاحقاً. على سبيل المثال لا الحصر: هل استقدام قادة الميليشيات التابعة للنظام الإيراني في المنطقة العربية إلى الجنوب اللبناني هو نأي بالنفس؟ في أي سياق يندرج التلويح بنقل مقاتلين حوثيين من اليمن إلى لبنان، وما دور الحكومة اللبنانية في هذه العملية؟
يقلّب المسؤول السعودي صفحات الكتاب ويتوقف عشوائياً: منطقة بشري أهلها من أي طائفة؟ “مسيحيون”. انظر كم دفعنا فيها لمشاريع صحية وتنموية. وتبنين؟ “شيعة”. وزحلة؟ “مسيحيون إجمالاً”. وطرابلس؟ “سُنّة”… ومن يستفيد من أوتوستراد بيروت – الشمال، أليس الجميع؟ نحن لم نميّز ولم نفرّق في لبنان ولا بين أهل لبنان المقيمين والعاملين في المملكة، ويعرف الجميع مدى أهميتهم في اقتصاد بلادهم. أردنا ونريد المساهمة في تنمية الإنسان اللبناني وتحسين ظروف حياته وعلمه كي يتقدم ويزدهر في ظل دولة سيدة تحميه وترعاه. غيرنا يؤسس ميليشيات ويرسل أبناء لبنان وشبابه إلى الموت، ونحن لا نتطلّع إلاّ إلى الخير وبلا مقابل. لا نرغب للبنان غير ما يرغب فيه لنفسه. هل عَبَر مرة بصعوبة أو مشقّة ولم نكن بجانبه؟ لم يحصل. هذا هو تحديداً مجال تدخلنا في هذه البلاد التي نحب، فلا نورّطها في شيء ولا نحملها فوق ما تستطيع.
نسجّل كل شيء يعني أن وقتاً للكلام سيحل يوماً. من ضمن ما نسجل حملة إعلامية – صحافية ضدنا في وسائل متنوعة، مُقذعة ولا مثيل لها، تُستخدم فيها وتًروّج أخبار كاذبة عن القيادة السعودية، وتُطلق أوصاف وشتائم يندى لها الجبين. وكل ذلك بنسق يومي من غير توقف. نحن ندرك أن في لبنان قانوناً يمنع “الإساءة إلى العلاقات بدولة شقيقة”، لا نريد أن تلجأ السلطات إليه إنما فلتذكر وجوده، هل هذا كثير؟
تابعنا بالأمس والأيام التي قبله قضية الإعلامي مارسيل غانم وما رافقها، إذا كان رئيس الجمهورية اللبنانية يتقبل أن يُكتَب عنه رُبع رُبع ما يُكتَب في بيروت عن قادة السعودية، فنحن قابلون ولا اعتراض”.
النهار