إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
الأنباء القادمة من إيران عن إعادة فتح التحقيق في وفاة الرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني بناء على طلب أفراد من عائلته، الذين يؤكدون بأن جسده كان يحتوي على مستويات عالية من الإشعاعات حين وفاته، تؤشر إلى إمكانية أن يكون قد تعرض للإغتيال. لكن، لماذا في هذا الأجواء السياسية والأمنية المضطربة في إيران يتم إعادة فتح التحقيق؟ وهل يمكن لرفسنجاني أن يكون قد تعرض للإغتيال؟
وصادف الثلاثاء 9 يناير الذكرى السنوية الأولى لوفاة رفسنجاني، الذي شغل منصب رئاسة إيران لفترتين متتاليتين حتى عام 1997. واعلن رسميا أن سبب وفاته إصابته بذبحة صدرية. لكن تقريراً لصحيفة “الغارديان” البريطانية قال إن “عينة دم أخذت من جسد رفسنجاني بناء على طلب ابن أخيه، بعد وفاته مباشرة في المستشفى الذي كان يحتفظ بجسده، قد اختفت من المستشفى في ظروف غامضة”. ونقل التقرير عن أحد أقرباء رفسنجاني – رفض الكشف عن اسمه – قوله إن “هناك إجماعا في العائلة بأن رفسنجاني قُتل، أو على الأقل لم يمت بصورة طبيعية”. وأضاف التقرير نقلا عن مصدر في العائلة قوله إن أناسا حذروا رفسنجاني من أن هناك خطراً على حياته، قبل وفاته.
من جانبه، قال ياسر هاشمي، نجل رفسنجاني، إن المجلس الأعلى للأمن القومي أرسل كتاباً إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني مطالباً إياه بإغلاق ملف وفاة والده، إلا أن روحاني رفض التقرير الرسمي حول سبب الوفاة، وأمر بإعادة التحقيق في الموضوع. وبحسب “الغارديان”، واجهت عائلة رفسنجاني قيوداً على تحركاتها منذ وفاته. واشتكت الأسرة من أن بعض وثائق رفسنجاني أخذت من مكتبه. وقالت فاطمة ابنة رفسنجاني في أكتوبر الماضي إن جهة أمنية أخذت وصيته، وأضافت: “الوصية التي تم نشرها عن طريق الإعلام الرسمي لم تكن وصية والدي الأخيرة ولا تزال وصيته الأخيرة مفقودة ونبحث عنها”، كاشفة عن أن والدها كتب وصية جديدة قبل وفاته، وأن الوصية المنشورة تعود إلى قبل 17 عاما، أي قبل اندلاع الخلافات مع التيار المحافظ، الذي أبعده عن كثير من مناصبه وصلاحياته من بينها رئاسة مجلس الخبراء. وكان رفسنجاني قد تعرض إلى ضغوط وانتقادات من التيار المحافظ إثر مواقفه حول أحداث بلاده السياسية ومنها احتجاجات عام 2009 التي اندلعت في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث اعتُبر رفسنجاني أحد القيادات المؤثرة في تحريك تلك الاحتجاجات.
ويربط بعض المراقبين، بين موقف روحاني من وفاة رفسنجاني، وبين الاحتجاجات التي شهدتها المدن الإيرانية في الأسبوعين الماضيين، إذ يشير هؤلاء إلى التضييق على روحاني لمنعه من الكشف عن الأسباب التي يراها كامنة وراءها وإجباره على التركيز على العامل الخارجي في تحريكها، فقد أوردت الأنباء أن روحاني مُنع من الحديث عن الاحتجاجات على الهواء مباشرة في التلفزيون الرسمي، ووافق على أن تبث كلمته وفق ما يريد لها الرقيب أن تكون، في حين كان الرئيس الإيراني يريد – دون القدرة على ذلك – أن يتحدث مباشرة إلى الإيرانيين وأن يركز على الأسباب الداخلية المسببة لها، خاصة ما يتعلق منها بانسداد أفق تحقيق برنامجه السياسي والاقتصادي والتي جاءت بالإيرانيين إلى الشوارع محتجين على تردي أوضاعهم، إذ يربط المراقبون بين هذا الإنسداد وبين الطبيعة المركزية للنظام، والتي تمنع الرئيس من تنفيذ برنامجه إلا في إطار الثوابت التي تحددها تلك المركزية ويسيطر عليها الولي الفقيه بالاتفاق مع الأذرع السياسية والإقتصادية والأمنية الملتفة حوله وعلى رأسها الحرس الثوري.
ويؤكد المراقبون أن ملف وفاة رفسنجاني، خاصة التكهنات بشأن مقتله بدلا من وفاته، قد يكون السلاح التفاوضي لروحاني مع رموز المركزية، للوصول إلى حل توافقي بغية الخروج من الانسداد الذي يعرقل تنفيذ برنامجه الحكومي.
لكن، في ظل هذا السيناريو، هل يمكن لرفسنجاني أن يكون قد تعرض للإغتيال؟ إن عدم إغلاق روحاني لهذا الملف وإعادة فتح التحقيق حوله، يجعل عملية الاغتيال واردة، ومن ثم يبرر طرحها على طاولة التفاوض والبناء عليها. وعليه فإن المراقبين على موعد خلال الفترة القادمة مع العديد من الأحداث المتعلقة بهذا الملف.