ما السبب الذي يجعل حلفاء واشنطن العرب يؤيدون موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران بينما يعارض حلفاء واشنطن الغربيون هذا الموقف؟
يردّ بعض المراقبين ذلك إلى تغيّر “الاصطفافات” السياسية في المنطقة بعد تحوّلات الربيع العربي، ثم بعد الثقل الغربي، الأوروبي والأمريكي، الذي أدى إلى توقيع الاتفاقية النووية عام 2015.
البعض الآخر يرى أن الاتفاقية لم تغيّر السلوك الإيراني في المنطقة، وهو ما جعل التشدّد الأمريكي تجاه إيران يعود إلى الواجهة، فهذا التشدّد، بعبارة أخرى، يقوم على “إشعال النيران تحت أقدام إيران ودفعها إلى مفاوضات جديدة من دون أن تضطر واشنطن إلى إلغاء الاتفاقية”.
أوروبا من جهتها أعلنت مرارا دعمها للاتفاقية ووقوفها ضد التشدّد الأمريكي، ويبدو أن موقفها هذا له أسباب مختلفة، إلا أن العامل الاقتصادي يقف على رأس تلك الأسباب، أو كما يقول المراقبون فإن الأوروبيين “يخشون ظهور عقبات غير متوقعة أمام تغلغلهم في السوق الإيرانية”. فأولوية أوروبا في إيران هي لمصالحها الاقتصادية ولعقودها التجارية، بينما الملفات الثانية، كالملف السياسي والأمني والحقوقي، تأتي في مرتبة لاحقة من الأهمية بالنسبة لها.
بينما تركّز أمريكا على عدم تغيير العامل الجيوسياسي في المنطقة، ومن ثَمّ ترفض سياسات إيران التوسعية، وتعارض استخدام نفوذها لتهديد الدول، وتقف ضد دعمها للحركات المسلحة. لذلك، تشترط الإدارة الأمريكية على طهران، قبل الحديث عن أي انفتاح اقتصادي، أن تضع جانبا أجندتها التوسعية، وتريد من أوروبا أن تشاركها في تنفيذ تلك الإستراتيجية. بينما هناك إشارات واضحة من الجانب الأوروبي بأنه لا يفضّل دورا يجعله شريكا في قيادة المنطقة، سياسيا وأمنيا، ضمن خطة أوسع لقيادة العالم كما يفعل الجانب الأمريكي.
ويبدو أن ترامب حقّق، حتى الآن، انتصارا جزئيا في إستراتيجيته هذه، إذْ استطاع أن يحرّك آلة التصريحات الأوروبية ضد نقطتين مهمتين أثارهما ضد إيران، وهما تدخلات طهران السياسية والعسكرية في بؤر الصراع بالمنطقة، وصواريخها الباليسيتة.
لذا السؤال الذي قد يطرح نفسه هنا: هل أزمة الاتفاقية النووية ستزيد من رقعة الاختلاف بين أوروبا وأمريكا، أم أنها ستدفع أحد الطرفين لتقديم تنازلات للطرف الآخر؟
fakher_alsultan@hotmail.com