بعد ساعات قليلة ستظهر نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وحسب آخر استطلاع للرأي لمؤسسة إيبو (IPPO) حول توقعات النتائج، فإن المرشح الإصلاحي الرئيس حسن روحاني سيحصل على أكثر من 60 بالمائة من أصوات الناخبين فيما سيحصل المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي على أكثر من 30 بالمائة من الأصوات، وتتوقع المؤسسة أن تتجاوز نسبة مشاركة الإيرانيين في الانتخابات الـ77 بالمائة.
وتشير الأنباء غير الرسمية أن مرشد الثورة آية الله علي خامنئي هو من أنصار فوز رئيسي في ظل بروز معطيين اثنين: الأول، أن نتائج مشروع الاتفاق النووي الذي أنجحه روحاني وفريقه الحكومي باقتدار، لم تحظ على تأييد خامنئي ولم تحقق ما كان يطمح إليه داخليا وخارجيا على الرغم من وقوفه إلى جانب المفاوضات ودعمه لها. الثاني، أن الظروف السياسية الدولية الراهنة في ضوء التحوّل في السياسة الأمريكية من إطار “التعاون” مع إيران أثناء رئاسة باراك أوباما إلى إطار “مواجهة” إيران أثناء رئاسة دونالد ترامب، وفي ظل تأكيد السلطة في طهران على دعم وجودها السياسي والعسكري في دول الصراع بالمنطقة، كسوريا واليمن والعراق ولبنان، ومواجهة طموحات المحور العربي/الخليجي بقيادة السعودية، فإن ذلك يرجّح تأييد خامنئي لوجود رئيس للبلاد يتبنى سياسات قادرة على المواجهة وعلى حشد التأييد الديني العاطفي الداخلي والإقليمي الثوري لبلاده.
وفي حين أن السلطة الحاكمة في إيران تخشى من تجدّد المواجهات في الشوارع بين أنصار الإصلاحات من جهة وبين قوات الأمن وأنصار الجناح المحافظ والجناح المتشدّد من جهة ثانية، في ظل تصاعد وتيرة الشعارات “المحرّمة” للحركة الخضراء، خاصة الشعارات المؤيدة لحرية الثلاثي “المكروه” من قبل المحافظين والمتشدّدين، أي الرئيس السابق محمد خاتمي (الممنوع من أي ظهور إعلامي) ورئيس مجلس النواب السابق مهدي كروبي ورئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي (اللذان يقبعان في الإقامة الجبرية)، أو إذا ما اندلعت أي شرارة تلمّح إلى تلاعب في النتائج مثلما حدث بعد الانتخابات الرئاسية عام 2009 حينما أشار المرشح الإصلاحي آنذاك مير حسين موسوي إلى حصول تزوير في نتائج الانتخابات جاء بمحمود أحمدي نجاد رئيسا وأدى ذلك إلى نزول المحتجين إلى الشوارع واندلاع مواجهات عنيفة وولادة حركة معارضة مدنية عريضة هي الحركة الخضراء التي ينتمي إليها الكثير من رموز النظام، إلا أن بعض المراقبين يتحدثون حاليا عن “سيناريو” معد قد يؤدي في نهاية هذا اليوم إلى إعلان رئيسي فائزا بالانتخابات.
وأمام هذا “السيناريو”، تطرح السلطة الحاكمة تخوّفين، الأول هو أن الإعلان عن فوز رئيسي في ظل نتائج استطلاعات الرأي التي تجعل روحاني متقدما عليه بشكل كبير، قد يساهم في تجدّد حركة احتجاج واسعة وفي خروج الناس إلى الشوارع وفي اندلاع مواجهات عنيفة وفي إحياء نشاط الحركة الخضراء وفي تهديد النظام السياسي في البلاد والقائم على مبدأ ولاية الفقيه، فالتهمة الرئيسية التي وجهتها السلطة للرموز الإصلاحية ولزعماء الحركة الخضراء في عام 2009 كانت السعي لتقويض نظام ولاية الفقيه.
أما التخوف الثاني فيتعلّق بإعادة انتخاب روحاني، إذ سيؤدي ذلك إلى حصول الرئيس على مشروعية شعبية لمطالبه التي لم يستطع أن يحققها في دورته الرئاسية الأولى، إذ سيطالب السلطة بتقديم تنازلات وبرفع العراقيل من أمام طريقه في سبيل تنفيذ سياساته وخططه في إدارة البلاد، ولعل أبرز ما يزعج السلطة هو سعي روحاني لسيطرة الحكومة على مفاصل الاقتصاد، أي السعي لسحب البساط الاقتصادي من الحرس الثوري ومن المتنفّذين والفاسدين، وكذلك المطالبة بمزيد من الحرية لرموز المعارضة السياسية المنتمين إلى الحركة الخضراء. فهل سيتكرر سيناريو عام 2009، أم أن إيران تسير باتجاه مرحلة سياسية جديدة عنوانها الرئيسي بدء أفول سيطرة المحافظين والمتشددين على مفاصل البلاد؟
fakher_alsultan@hotmail.com