باتت الشركات المالية مثل WHISH و OMT اقوى وأكثر قدرة على التمدد إلى المجال السياسي في البلاد. لاسيما ان الاستحقاق الانتخابي لشهر أيار/مايو 2026 يُعتبر من الناحية السياسية قريبا جدا. ويمكن القول ان الانتخابات بدأت فعلا من خلال تركيب الماكينات الانتخابية والتنظيم اللوجيستي، وبلورة الترشيحات المقبلة على صعيد الأحزاب كما على صعيد المرشحين المستقلين.
– قوة الشركات المالية نابعة من انها دخلت بقوة في سوق القروض الشخصية التي تخرج عن نطاق القواعد المتبعة من المصارف. يعني انها تُقرض بسهولة أشخاصا في العادة لا يتمتعون بمواصفاتٍ تُمكنهم من الحصول على قروض. هؤلاء أيضا ليسوا على رادار الدولة، وقسمٌ كبير منهم يعمل حصرا بالنقد أي بـ“الكاش” وهم من خارج النظام المصرفي الرسمي. بعضهم أيضا لا يمتلك ويحسب القانون “ذمة مالية” او رقمَ مُكَلَّف (أي دافع ضريبة دخل). في الحالات العادية يستحيل على هذه الفئة ان تقترض نظامياً. هنا يدخل دور الشركات المالية، وفي حالات كثيرة الجمعيات الخيرية، التي بدأت تقدم قروضا مُيسَّرة للاستهلاك.
– سوق الإقراض الذي تسيطر عليه الشركات المالية يبلغ حجمه حاليا، حسب علمنا، ما يقارب ملياراً و600 مليون دولار أميركي.
– هذه الشركات تمتلك محافظ مالية ضخمة قياسا على السوق اللبنانية. وسبق لها ان تدخلت، لا سيما الشركتان المذكورتان آنفا في استحقاق انتخابي هو الانتخابات البلدية في شهر أيار/مايو 2025، وظهرت قوتها الحقيقية والمؤثرة في صناديق الاقتراع في كل من دائرة جزين حيث تدخلت أموال شركة OMT التي يملكها النائب السابق “أمل أبو زيد” لدعم لائحة التيار الوطني الحر بزعامة الوزير السابق جبران باسيل الذي تقول معلومات انه يمتلك حصةً غير مصرح عنها من الشركة . وكان للشركة اثر كبير في شراء أصوات وولاءات محلية انقذت التيار الوطني الحر من الانهيار في استحقاق البلديات. وفي انتخابات مدينة زغرتا تدخلت أموال شركة WISH في الانتخابات لصالح لوائح الوزير السابق “سليمان فرنجية” واستطاعت ان تُوقف تقدم المعارضة التي كانت اقوى شعبياً. لكن المال الانتخابي كان له التأثير الكبير.

– إذا كان حجم سوق الاقتراض ملياراً و600 مليون دولار وتم تحريك ثلث المبالغ التي يتم إقراضها بتسهيلات لآلاف المواطنين المحدودي الداخل، فإن القروض ستكون رافعة للانتخابات المقبلة وورقةً بيد الشركات لكي توجّه البوصلة الانتخابية حيث تريد. دعما لـ“حزب الله” ولـ”التيار الوطني الحر” وللحفاظ على الحلفاء السابقين مثل “سليمان فرنجية” وغيره.
– متوقع ان تكون الانتخابات المقبلة الأخطر على لبنان لانها ستكون مؤشراً على نجاح التغيير او فشله. وهذا مهم جدا. وستكون المعركة ماليةً بامتياز نظرا لضخامة “اقتصاد الكاش”، والقدرة على التأثير مباشرةً على الناخبين وعائلاتهم في حياتهم اليومية عبر القروض الاستهلاكية الميّسرة.
انها رشوة انتخابية بغطاء القروض الشخصية.

