وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء- روما- رفضت سوريون، وعلى رأسهم محامون وحقوقيون مشروع الدستور الذي اقترحته روسيا، والذي رفضت فصائل المعارضة السورية المسلحة استلامه على هامش مؤتمر أستانة، الذي أنهى أعماله أول أمس (الثلاثاء)، وشددوا على أن الدستور هو ممن مهام السوريين، وروسيا ليست دولة انتداب لتفرض دستوراً على السوريين بغض النظر عن محتواه.
وقال الناشط الحقوقي والسياسي السوري نادر جبلي “إن دستوراً يُكتب، ويُفرض من الخارج؛ سيُقدّم دستوراً فاقداً للروح، غير قادر على الحياة، كنبتة غريبة، تُزرع في بيئة لا تلائمها؛ لأن العامل الرئيس في نجاح أي دستور، كما ذكرنا أعلاه، هو مستوى قبول الناس له، وإحساسهم أنه يلائمهم، ويحيط بتطلعاتهم، ويراعي تاريخهم وثقافتهم، وهذا ما لا يمكن لأحد من الخارج الإحاطة به”.
وأضاف في تعليق لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء “إن كتابة الدستور من قبل أبناء الوطن، يحوز أهمية خاصة، لا تقل عن أهمية مضمون الدستور، وكما قال الفقيه الدستوري إسماعيل مرزة، إن الدستور هو عبارة عن نتيجة تفاعل عوامل عديدة، متأتية من بطون تاريخ ذلك المجتمع السياسي، وعمق عاداته، وصلب أخلاقه ومزاجه، ومرآة نضجه السياسي؛ فكيف يتسنى لأجنبي أن يعبر عن كل ذلك، وهو بعيد عن تفهمه؟”.
من جهته قال المحامي ميشيل شماس حول مشروع الدستور، “لسنا عاجزين عن صياغة دستور لسورية، حتى تأتي روسيا لتفرض علينا دستوراً غريباً عنا، فلدينا من الخبرات ما يكفي لصياغة أفضل الدساتير. وقد سبق للمحامي أنور البني أن طرح مشروع دستور جديد عام 2005 قبل اعتقاله في سجن عدرا عام 2006 ولم يأخذ حقه من الاهتمام لأنه صيغ في سورية ومن قلب المعاناة”.
ويقول المحامي أنور البني، الذي كتب أيضا في عام 2011 مسودة إعلان دستوري، “ليست المسألة مسألة إصلاح للدستور أو تغيير له، إذ يمكن أن نأتي بدستور جديد ونقول إننا أصلحنا دستورنا، كما يمكن تعديل بعض مواد الدستور وندّعي بأننا وضعنا دستوراً جديداً، ليست المشكلة بالتسميات أو بالتعبير،”. وأردف “المشكلة في شكل هذا الدستور وما سينتج عنه، وهو الأساس الذي يجب أن يتركز النقاش حوله، مع ضرورة الانتباه بشدّة إلى أنه لا يمكن الحديث عن دستور لمرحلة انتقالية في سورية لأنه مبدأ خاطئ كلياً، فإن أردنا وضع دستور جديد علينا أن نُجري استفتاءً للشعب، وفي سورية لا يمكن استفتاء الشعب بهذه الظروف، فكثر من نصفه مهجّر والنصف الآخر يعاني من عنف الحرب وقسوة والحياة ويواجه الموت كل يوم، ومن الخطأ الفادح دفعه للاستفتاء على دستور تحت الضغط، فهو عملياً بلا إرادة حرّة، سواء أكان من في الخارج أم الداخل”.
ويرى البني أن البديل هو “اعتماد إعلان دستوري للمرحلة الانتقالية في سورية، وهذا الإعلان الدستوري هو الذي يحدد صلاحيات الحكومة أو الهيئة الانتقالية، وصلاحيات المجالس الانتقالية، وكذلك صلاحيات هيئة العدالة الانتقالية، على أن يستمر هذا الإعلان الدستوري نحو سنتين، يستعيد خلالها الشعب السوري أمنه وبعضاً من حياته الطبيعية وتوازنه النفسي والحياتي، ليعود صاحب إرادة حرة، وليتخلص من الضغوط الحربية والأمنية والانتقامية وحتى الاقتصادية، يليه فترة من تنافس البرامج السياسية لإقناع الشعب بأيها الأنسب والأصلح ليتم بعدها مناقشة دستور دائم لسورية، وأي حديث عن دستور دائم لسورية هو عملية تحديد قسرية لمستقبل السوريين وقد يؤدي لردود فعل معاكسة”.
وقال مصدر مُمثل في الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية لوكالة (آكي) “الدستور مرفوض جملة وتفصيلاً، ولا نريد الخوض به أو دراسته، إذ لا يحق إلا لدولة انتداب أن تقترح دستوراً لدولة أخرى، وسورية ليست دولة انتداب، إنها دولة مستقلة حتى الآن على الأقل، وفي سورية طاقات وحقوقيين يمكن أن يكتبوا دستوراً مثالياً، يناسب تطلعات الشعب ويناسب الواقع العالمي”.
ومن أهم بنود مشروع الدستور الذي صاغه الروس: شطب اسم “الجمهورية العربية السورية”، واستبداله بـ “الجمهورية السورية”. إلغاء “الفقه الإسلامي” كمصدر للتشريع. عدم تحديد ديانة رئيس الجمهورية (الإسلام). اعتبار اللغتين العربية والكردية متساويتين في مناطق الحكم الذاتي الثقافي الكردي. تطبيق مبدأ “لا مركزية السلطات”، واستبدال “جمعية المناطق” بدلاً عن “الإدارات المحلية”.
استبدال تسمية “جمعية الشعب” بدلاً عن تسمية “مجلس الشعب”، والتي يحق لها تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا التي كانت من صلاحيات الرئيس. انتخاب الرئيس، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، لدورتين كحد أقصى كل منها 7 سنوات،
ويتولى مهمة الوساطة بين سلطات الدولة وبين الدولة والمجتمع، ولا سلطات تشريعية له.
وحسب موقع وكالة (سبوتنيك) الروسية،. أضافت المسودة بعض الصلاحيات إلى السلطة التشريعية بحيث تتولى “جمعية الشعب”، مهام إعلان الحرب وتعيين أعضاء المحكمة الدستورية (11 عضواً بدلاً 7 تعيّنهم جمعية المناطق بعدما كان يعينهم الرئيس) وعلى رأس كل ذلك تنحية رئيس الجمهورية وتعيين حاكم المصرف المركزي
وحسب المسودة، القوات المسلحة تكون تحت الرقابة من قبل المجتمع ولا تتدخل في مجال المصالح السياسية، ولا تؤدي دوراً في عملية انتقال السلطة.