إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
(الصورة: “بشير الجميِّل” في معركة “الأشرفية” (1978) التي تعرضّت لقصفٍ سوري بالمدفعية الثقيلة لـ100 يوم، ولكنها هَزَمَت قوات حافظ الأسد وطردتها)
*
هناكَ فرقٌ واضح بين أولئكَ الذين يتذكَّرون بشير الجميل وأولئك الذين يذكُرونه فقط. العيش في فترة تطوِّر “بشير” من قائد ميليشيا مقاتلة في الجزء الشرقي من بيروت وأجزاء من المناطق الوسطى والشمالية من جبل لبنان لسنوات قليلة، إلى “بشير” رئيس الجمهورية لعدة أيام يشكّلُ ظاهرةً لم يشهدَها اللبنانيون من قبل.
لم يكن هناك بشيران: قبل وبعد! كانت هناك فترتان مختلفتان: لبنان تحت الاحتلال السوري واحتلال “منظمة التحرير الفلسطينية”، ولبنان بدون ذلك الاحتلال ومع أمل وطَُموح أن يصبح أُمَّةً موحدة مرة أخرى، برئيس قوي.
خلالَ فترةِ الحرب الأهلية، شَكَّلَ “بشير” شخصيَّتَهُ ودورَهُ من أزمة إلى أخرى. كأخٍ أصغر لعائلة “الجمَيِّل”، كان عليه التعاملُ مع والدٍ “كاريزمي” وأخٍ أكبر كانت مكانتُه في الأُسرة والحزب لا تترك مجالاً لأي شخص آخر. كانت تلك قاعدة “البُكورية” التي سادت، وما زالت، في معظم العائلات السياسية/الإقطاعية في لبنان. ثم، في حرب 1975-1976، كان عليه تنظيمُ مجموعةٍ من المُقاتلين الذين كانوا أكثر احترافية، وأقلَّ عرضةً للشَغَب والفوضى، ومنضبطين للغاية لتكوينٍ نُواةِ قوةٍ قتالية مدربة جيدًا ضد مقاتلي “منظمة التحرير الفلسطينية” و”الحركة الوطنية”.
عندما تُتهم المليشيات المسيحية بقتل المُسلمين خلال الحرب الأهلية لمجرد دينِهِم، فإنهم يَنسون أن تلك الممارسات البربرية (التي مارسها مسيحيون لم تغِب عن ذاكرتهم الجَمَعية المجازر التي تعرّض لها المسيحيون في أواسط القرن 19 في جبل لبنان وزحلة) ربما بدأت على يدِ “منظمة التحرير الفلسطينية” بِهَدَفِ زرعِِ الفوضى وإحداث انقسام في الجيش اللبناني، وهو ما حدث في النهاية عندما وصلت النزاعات الطائفية في لبنان إلى ذروتها.
بِطَبعِه وبَِحَدسِه، كان “بشير” ضد التقارب بين الجبهة اللبنانية (تجمع الأحزاب المسيحية/اليمينية) والنظام السوري بقيادة حافظ الأسد. كانت طبيعته ترفض أي تحالفات مع الأنظمة الرجعية والقمعية، وحَدسُهُ كان يُحَذِّرُه من نوايا الأسد الحقيقية تجاه لبنان.
نشبت الحرب بين الحليفين السابقين في عام 1978، وقاد “بشير” وقواتُه المدربة تدريبا عالياً المعاركَ وأجبر الجيش السوري، وقواتِه الخاصة، على إخلاء “الأشرفية” ومعظم المنطقة المسيحية.
بعد اغتيال كمال جنبلاط، انهارت “الحركة الوطنية” وتراجعَ دورُ “منظمة التحرير” لصالحِ الدور المباشر والتورط السوري. في ذروةِ الحرب الباردة كان “الأسد” يقوم بمهام السوفييت، وكانت الولايات المتحدة في حاجة إلى حلفاء إضافيين. كانت مصر معزولةً بعد “اتفاقيات كامب ديفيد” وإسرائيل وحيدةً ضد الأنظمة العربية التي رفضت عملية السلام. في هذا الوقت من “التنافس الإمبريالي”، استغلَّ “بشير” الفرصةَ لتعزيزِ موقفهِ مع الولايات المتحدة والانضمامِ إلى معسكر المناهضين للسوفييت.
عندما تمَّ نَشرُ مجموعةٍ من الصواريخ السوفييتية على يد النظام السوري في “سهل البقاع”، اندلعت “أزمة كوبيّة” مُصغَّرَة! خاض بشير والسوريون قتالًا عنيفًا في نفس “السهل”، في زحلة، المدينة المسيحية الكبرى الوحيدة في “البقاع”. لم يكن هناك شيء استراتيجي بشأن “زحلة”، ولكن كل شيء كان استراتيجياً ويتعلق بـ”الصواريخ”.
بعد أن اختار معسكَرَهُ، تَوافَقَت تصاميمُ “بشير” للبنان مع الحكومةِ الإسرائيلية: طردُ “منظمة التحرير الفلسطينية” من لبنان. كيفية ذلك، ولماذا، والتفاصيل موثقة جيدًا. ومع ذلك، ما يتم تجاهله هو الهدف: بالنسبة لكليهما كان القضاء على ّ”منظمة التحرير”، ولّـ”بشير”، بشكل خاص، كان تحريرَ لبنان من “الاحتلال السوري” واحتلال “منظمة التحرير” المزدوج، ليس فقط من المنطقة المسيحية، ولكن من 10,452 كم² التي شكلت الأراضي البنانية.
الآن، عندما يُذكر “بشير”، خُصوصاً من قِبَل المعلِّقين غير المتعاطفين، تُنزَع عنه إنسانيَّتُه باتهامه بالتعاون مع إسرائيل. من المضحك أو المبكي، أننا لم نسمع تعليقًا أو لومًا حول تحالف كمال جنبلاط مع “منظمة التحرير” وقبوله مقاتلين من الصومال والعراق وليبيا في ذروة الحرب الأهلية لقتالِ لبنانيين اخرين. أيضًا، عندما يتم الحديثُ عن “رفيق الحريري” أو تَذَكُّرِه، لا يتحدث أحد عن ولائه أولاً وقبل كل شيء للسعودية وحَملِهِ جوازَ سفر أجنبياً، وعلاقته الوثيقة بالشخصيات الرفيعة في النظام السوري (اخدام/كنعان/طلاس)؛ وتعاوُنِه مع النظام السوري لتحسين ظروف ذلك النظام أمام “الاتحاد الأوروبي”.
أخيرًا، لا أحد يشكك في الخضوع التام والتبعية المطلقة لحسن نصر الله لإيران ونظامها الذي يَقودُهُ الملالي، وسلطته الدينية وتولِّيه جميع الحروب القذرة والأعمال الارهابية لصالح إيران في اليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان وفنزويلا و….و.
الأهم من ذلك، على عكس نصرالله، لم يبايِع “بشير” في عمق مخاوفه وذُروة نجاحاته – ولم يتعهد بالولاء – لدولةٍ أجنبية سواء كانت إسرائيل أو فرنسا أو الولايات المتحدة. لم يجعل دينه متفوقًا على الآخرين، من خلال الصراخ بشعار: “موارنة، موارنة”. لم ينظر “بشير” إلى بطريركه أو حتى “البابا” كمصدرٍ لإلهامِ روحه أو سيِّد لأفكاره. أراد بشير أن يكون كل لبنان حرًا حتى يتمكن شعبه من إعادة بناء الأمة من رمادها، وليس “مزارع شبعا” حتى تستطيع إيران تعزيز موقفها التفاوضي تجاه الولايات المتحدة.
فقط “بشير” يُستَثنى لأنّه هو من عقد تحالفًا مع إسرائيل، واستبدله سريعاً بالولايات المتحدة، لتحرير لبنان من الاحتلالين السوري والفلسطيني. هل ذلك كله فقط لأن “بشير” كان مسيحيًا؟ ألم يكن السادات و الملك حسين من المسلمين؟ والآن، لماذا لا يُتَهَم حُكّامُ الإمارات و لبحرين والمغرب والسودان، بالعمالة؟ أم ان البعض يستَثني “بشير” لأنه نجح في أقل من شهر في إقناعِ جميع اللبنانيين -المسيحيين والمسلمين- أنه عندما تكون قضيتك محقة وحُكمُكَ صلباً، ولكن عادلاً، فإن جميع اللبنانيين سيعترفون بك، بغض النظر عن الدين أو العقيدة أو الاتجاهات السياسية.
ربما هذا هو ما يعنيه منتقدو “بشير” الأشداء وما يخشونَهُ في العُمقِ العميق: أن أيًا من زعمائهم لم يقترب أبدًا من توحيد عقول وقلوب وآمال اللبنانيين كما فعل “بشير” وذلك في أقل من شهر واحد، وان هذا الشعور وتلك “الخيبة” من قبل اللائمين ما زال حياً بعد 42 عامًا من مقتله!
Hanane,
1- je t’avais appris assez d’Arabe au CCU pour lire le nom d’auteur.
2- Moi, c’est Pierre, plutôt infidèle! Fidèle c’est lui, comme Fidel Castro.
3- POUR QUI? Là, Tu m’as eue! Et bien, pour un pays qui est SOUS OCCUPATION IRANIANNE! Tu n’est pas d’accord, j’en suis sûr.
4- Hassan CORLEONE a détruit le pays. Tu fais quoi pour ton pays?
(sur Facebook): J’aurais fait l’effort de lire la totalité de ton papier, même en arabe, ce qui est un peu difficile pour moi, si je n’avais pas ressenti une telle tristesse. Je comprends qu’on puisse changer de point de vue, regarder les choses à partir d’un autre angle ou même virer complètement de bord pour des motifs que, même si je ne les partage pas, je pourrais comprendre. Ce qui me rend triste c’est de voir un ami pour lequel j’ai ressenti beaucoup d’affection et d’admiration se trahir lui-même, trahir sa propre intelligence, sa propre histoire pour…. Pour quoi au… قراءة المزيد ..
رد على رد إيلي الدبس 1ـ كاتب المقال لم يتطرّق للمجازر، ولم « يبرّرها ». « الشفاف » موقع « ليبرالي »، أي أنه يحترم الدستور اللبناني، وقوانين لبنان، والقانون الدولي وقوانين الحرب، ولا يمكنه أن يقبل بنشر أي « تبرير » لأعمال خارجة على القانون. ما ألمح إليه كاتب المقال كـ« تفسير » وليس كـ« تبرير » هو أن أجيالاً من المسيحيين نشأت على سردية الحروب الأهلية في ستُينات القرن التاسع عشر التي شهدت مجازر درزية بربرية ضد أهالي المدن والقرى المسيحية ليس في « حرب » بل في تواطؤ بين الحاميات التركية والمقاطعجية الدروز. وهذا ما لم يكن موضع « نقد ذاتي » أو إدانة من نُخَب درزية حتى يومنا. كما نشأت أجيال مسيحية… قراءة المزيد ..
لفتني المقال ولكن هناك بعض الوقائع التي اغفلها، علما انني من الذين يتذكرون الرئيس بشير الجميل ومن الذين عاصروا مرحلة سيطرته على المناطق المسيحية بالحديد والنار، وهذا ما لم يتطرق اليه المقال. واذا كنا نعيب على الشيعة اليوم مطالبتهم بالثأر لمقتل الحسين قبل اكثر من الف واربعمئة عام، من سنة سوريا او لبنان او العراق !! فإننا اوجدنا الاعذار لممارسات ميليشيات بشير الجميل، خلال الحرب، بالثأر لمقتل المسيحيين في الجبل عام 1860 فقتلوا على الهوية مسلمين لبنانيين لمجرد انهم مسلمون، والثأر لم يكن في مجرزة “السبت الاسود”، لمقتل مسيحيين في الجبل، بل لمقتل احد انسباء مؤسس حزب الكتائب الشيخ بيار… قراءة المزيد ..
اليس ما سعى إليه بشير الجميّل هو ما تريده المعارضة اللبنانية الوطنية اليوم؟
بالرغم من التفت الذي تعاني منه وغياب رؤية مستقبلية تسمح بمواجهة هيمنة حزب الله وإعادة بناء مؤسسات الدولة وسيادتها.
وسيبقى حيا فينا
من احسن ما كُتب عن بشير …