إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
منذ إعلانه تعليق العمل السياسي قبل اكثر من عامين، ما زال رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق سعد الحريري يثير الجدل في الساحة السياسية اللبنانية بالتزامه الصمت السياسي المطبق، واعتكاف تياره عن العمل السياسي، واقتصار احاديثه السياسية على استذكار شهداء ثورة الارز، او التهنئة بفوز فريق الرياضي بمباراة رياضية محلية او اقليمية.
مع اقتراب مناسبة 14 شباط، وهي ذكرى استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، وجريا على عادته السنوية، يزور سعد الحريري ضريح والده، ويقرأ الفاتحة عن روحه، وسط حشود شعبية ترافقه.
خلال العامين السابقين، لم يصدر اي موقف من اي نوع عن الرئيس سعد الحريري. واكتفى بالصمت على ضريح والده، وسط مناشدة ومطالبة الجموع المحتشدة باي تصريح او موقف، إلا أنه وحتى خلال استقباله المشاركين في بيت الوسط، لم ينطق بكلمة سياسية واحدة.
هذا العام تبدو المناسبة مختلفة، إذ انطلقت حملة شعبية من انصار الحريري للاحتشاد على الضريح، لمطالبة سعد الحريري بتعليق قرار تعليق العمل السياسي، والعودة الى بيروت، تحت عنوان “تعا ننزل ليرجع“.
سبق الحملة تصريح لمستشار الرئيس الحريري في موسكو جورج شعبان، عقب لقائه امين عام وزارة الخارجية الروسية، ميخائيل بوغدانوف، وفيه :”ان شعبان بحث مع بوغدانوف، تصوُّر الرئيس الحريري لمرحلة التسوية المقبلة، وحل ازمة الرئاسة اللبنانية“.
فهل قرر الحريري العودة الى ساحة العمل السياسي من بوابة روسيا؟
المقربون من الحريري في بيروت خلية نحل لوجستية، لا تكلّ، لحشد اكبر عدد من الانصار والمحبين، من كل لبنان لاظهار شعبية الحريري التي لم تتراجع رغم ابتعاده السياسي لاكثر من عامين. وهم يكتفون بالحديث عن الجانب اللوجستي فقط، ويتمنون عليه العودة الى لبنان، مع تأكيدهم ان قرار عودته مرتبط به وبه فقط، وان الحشود التي يعملون على حشدها، لا تهدف للضغط عليه للعودة، بل لاظهار حجم الفراغ السياسي الذي خلفه الحريري بتعليق عمله السياسي، وترك الطائفة السنية في لبنان مشتتة ومن دون مرجعية، ما انعكس خللا في التوازنات السياسية في البلاد، وفراغا لم يستطع اي زعيم سني ان يملأه. وهو فراغ عبّر عنه صراحة كل من الرئيس نبيه بري، من جهة، والنائب العوني ألان عون من جهة ثانية. وكلاهما من اخصام الحريري الذي تزّعم في لحظة اغتيال والده اكبر حركة سياسية لبنانية جامعة، عرفت باسم “ثورة الارز“، و “قوى 14 آذار“.
ولكن هل تتطابق تمنيات جمهور الحريري بعودته مع الواقع، وهل العودة من ا لبوابة الروسية متاحة؟
اولا، لا بد من الاشارة الى ان تعليق الحريري علمه السياسي، ارتبط بخلاف مستحكم بينه وبين القيادة في المملكة العربية السعودية. وحتى اللحظة ليس هناك ما يشير الى اي تغير في موقف القيادة السعودية بشأن الحريري، حسب ما نقل زوار السفير السعودي في لبنان، وليد البخاري، الذي لم يعلق على الحملة الحريري المطالبة بعودته، ونفى علمه بأي مُستَجِد في علاقة الحريري بالقيادة السعودية.
ثانيا، ان اي تسوية لازمة الرئاسة اللبنانية، لا تتضمن الاخذ في الاعتبار موقف روسيا، كون الاخيرة ليست ممثلة في اللجنة الخماسية، التي تعمل على معالجة الشأن الرئاسي اللبناني، وتضم مندوبين عن كل من الولايات المتحدة، فرنسا، المملكة العربية السعودية، مصر وامارة قطر، وان هناك مسعى لضم مندوب عن الجمهورية الاسلامية الايرانية الى اللجنة وليس روسيا!.
وتشير المعلومات الى ان التسوية التي بحثها شعبان مع بوغدانوف، لا تختلف في مضمونها عن التسوية التي اوصلت ميشال عون الى السلطة قبل نيف وسبع سنوات، وعنونها العريض انتخاب رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه رئيسا على ان يتولى الحريري رئاسة الحكومة، بما يعطي حزب الله الضمانة التي يريدها من الجمهورية اللبنانية ايا تكن التسويات التي ترافق انتهاء الحرب في غزة.
هل يريد الحريري ان يُلدَغ من الجحر نفسه مرتين وثلاث وربما اكثر؟
في تسوية عون الرئاسية، دفع الحريري ثمن اندفاعه في تصديق الوعود العونية. وكان المطلوب منه ان يكون ملحقا بالتسوية وليس شريكا فيها. وتم التعاطي معه على انه موظف برتبة رئيس حكومة، لدى الرئيس ميشال عون ورئيس الظل جبران باسيل. ما اخرجه من رئاسة الحكومة، التي تعرضت خلال رئاسة عون لابشع انواع الاقصاء والتهميش بحجة المشاركة وصلاحيات رئيس الجمهورية. وكانت ثورة 17 تشرين القشة التي قصمت ظهر بعير حكومة الحريري، فخرج من السلطة استجابة لمطالب المنتفضين، ومنعه ميشال عون من تشكيل حكومة اختصاصيين تلبية لمطالب “الثوار“، في الشارع، فأُُخرج من السلطة ولم يعد، بعد ان اتهمه الرئيس عون صراحة وبالصوت بالكذب.
من يضمن للحريري ان لا يتكرر معه سيناريو الاقصاء من الحكومة، هذا اذا استطاع اليها سبيلا؟
هل فات الحريري انه لا يملك لا كتلة نيابية ولا اغلبية نيابية تؤيد توليه رئاسة الحكومة، اذا صدقت نوايا فرنجية، وحزب الله ونبيه بري وتيار عون؟ علما ان التيار العوني يعتبر انتخاب فرنجيه خطا احمر، لا يساوم عليه، وتاليا لن يجد فرنجيه سبيلا الى تولي رئاسة الجمهورية في حال استمرار التعنت العوني نحوه!! وموقف الخماسية الدولية التي تجاوزت ترشيح فرنجيه وتبحث في المرشح الثالث؟
التوازنات الحالية في البرلمان اللبناني قد تعطي الحريري ارجحية 65 او 67 صوتا لتسميته رئيسا للحكومة ولكن في وجه معارضة شرسة من حلفاء الامس، معارضة ستحول دون استطاعته ممارسة الحكم بشكل طبيعي وفعال.
هل فات الحريري ان تأثير المملكة العربية السعودية في لبنان، وان بدا انها تخلت عن دورها الفعال الذي عرفه اللبنانيون، ما زال قائما، وتاليا، فإن الدخول في السياسة اللبنانية من دون الاتفاق معها قد يأتي بنتائج عكسية على العودة إذا حصلت!
المعلومات تشير الى ان زيارة الحريري بعد ايام الى بيروت، ستختلف شكلا عن زياراته خلال العامين المنصرمين، حيث ستتضاعف حشود المؤيدين والانصار والمحبين، على ضريح والده، وستعلو هتافاتهم مطالبة بعودته، اما في المضمون، فليس هناك اي اختلاف، حيث ستشكر الحريري جموع المشاركين ويقدر عاطفتهم، وولاءهم له ولارث والده، الذي بدا أنه الوحيد من بين ابناء الشهيد رفيق الحريري المؤتمن عليه. وسيمضي بضعة ايام في ربوع لبنان، يقوم خلالها ببعض زيارات الواجبات الاجتماعية، وعيادة مرضى من المقربين، وقد يقوم ببعض الزيارات التي تحمل طابعا سياسيا الى الرئيس نبيه بري، واخرى الى دار الفتوى، ولن يزور السفير بخاري، كما ان الاخير لن يزوره، وسيقفل عائدا الى ابو ظبي.
وفي المضمون ايضا، سيعبر انصار الحريري في احتشادهم هذا العام على ضريح والده عن حجم الفراغ الذي تركه الحريري، في رسالة الى اللبنانيين والعرب والمجتمع الدولي المعني بالشأن اللبناني، مفادها، انه الاقوى سنيا، وان تياره ما زال صاحب الكلمة الفصل في الشارع السني، وان احدا لا يستطيع تجاوزه في اي بحث عن تسوية متكافئة للوضع اللبناني.
المعارضة الصينية تجاوزت ال١٠٠ مليون نفر؛ ببساطة كل صيني يعتبر عضوا في الحزب الشيوعي الحاكم؛ وإعلان الانشقاق او عدم الولاء يجعلك معارض؛ لهؤلاء صحيفة مرموقة “ايبوش” وتصدر ب٢٢ لغة ؛ وتحقق سبقات صحفية بين الفينة والأخرى ومن ذلك تاييدها لترمب في الانتخابات الاخيرة؛ وتحقيقها في “اعتقالات الريتز/السعودية” يعتبر سبقا صحفيا فريدا ؛ الامراء ورجال الأعمال السعوديين وكذلك الحريري والملياردير الفلسطيني/صبيح المصري لم يتم تجريدهم او حتى مناقشتهم حول دولار واحد من ثروتهم! ببساطة وقفت السعودية على مفترق طرق؛ في زمن اصبح فيه الحكي بمصاري والكثير من المصاري ؛ فتصريح من “الوليد بن طلال” تعتبره أمريكا تدخل سعودي في شؤونها؛ وكذلك… قراءة المزيد ..
البراغماتية الانتهازية المكيافيلية لدى الخراتييت تدفعهم للقبول بكل ما هو وضيع و منحط أخلاقيا و إنسانيا و سياسيا و لو على حساب دماء اقرب الناس إليهم….
وهو ما فعله ” سعدو الفران” عبر الكثير من سقطاته السابقة و تهاويه في درك الانحطاطات