إن الدين، أي دين، هو العدو رقم واحد للقومية. ففي حالات التوتر، مثل الحروب القبلية، يتحد هذان القطبان المتناقضان ويصبحان شيئا ساما، الامر الذي يقضي على أي منطق سليم ومعافى.
منذ حرب الايام الستة، دخل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الى مسار هو عبارة عن نفق مظلم، يربط بين القطبين المذكورين أعلاه، الدين والقومية، ولا يتم فقط اخراج سكان البلاد، اليهود والمسلمين عن طورهم. والاخطر من ذلك هو ان الصراع المتواصل على البلاد المحمية يخرجهم ايضا عن دينهم.
حين يضع المعسكران القدسَ على رأس اولوياتهم فانهم يكسرون بأيديهم الغصن القومي، الذي يدعون تبنيه ورفعه عاليا. هذه القدس، التي تشخص عيون الجميع اليها، لا ترتبط بالتوحيد الذي يدعون أنهم يحملونه. وهكذا، مع تعمق الاحتلال والصراع ينتقل الاله التوحيدي المجرد ويمر بعملية خصخصة. وشيئا فشيئا يصبح خاصا ويتحول الى اجزاء هي عبارة عن صخور وحجارة، وهكذا يحولون المدينة الى رمز الهي رغم أنفهم.
معروف للجميع الفتوى التي وقع عليها اكثر من مئة حاخام، وعلى رأسهم الحاخامان الرئيسيان اللذين يمثلان الموقف المتشدد في اليهودية، الذي يمنع ذهاب اليهود الى الحرم لاسباب كثيرة مرتبطة بالنجاسة والقداسة. القومية، أو باسمها الاسرائيلي الصهيوني الديني، تعارض هذا المنع الشرعي المذكور اعلان، لكي نعرف ان الصراع يخرج القوميين عن اطوارهم وعن دينهم ايضا.
تعميق الاحتلال واستمرار الصراع يخرجان الطرف الثاني ايضا عن طوره وعن دينه. تحدثت عن هذا كثيرا في المقالات التي نشرتها باللغة العربية. لم ينف الاسلام ابدا صلة اليهود بالقدس، بل على العكس، حيثما تذهبون بالادبيات الاسلامية القديمة التي تخص المدينة ستجدون الصلة اليهودية بها.
هناك امثلة كثيرة. ليس صدفة ان الاسم القديم “لسورة الاسراء” التي تتحدث عن الرحلة الاسطورية للنبي محمد من مكة الى القدس وصعوده الى السماء، كان اسمها “سورة بني اسرائيل”.
يوجد جدل في الاسلام بخصوص قبلة الصلاة الاولى، هناك من يزعم ان المسلمين توجهوا في البداية نحو مكة، وآخرون يزعمون أنهم توجهوا في البداية نحو القدس. تقاليد اسلامية قانونية وقديمة تضع في فم النبي محمد اقوال قال فيها ان القدس هي “قبلة اليهود” أو “كعبة اليهود”. المقصود هو قبة الصخرة التي بنيت في نهاية القرن السابع. ايضا التفسير الاسلامي يتعاطى مع المسجد الاقصى، الذي يظهر في القرآن على انه “مسجد سليمان” أو “ساحة سليمان” أي هيكل سليمان. هذا التفسير يقتبس ايضا اقوال منسوبة للنبي محمد الذي قال عن الهيكل: “بناه سليمان إبن داود من الذهب، الروبي والفسيفساء”. ويقال ايضا أن هذا الهيكل قد تم تدميره مرتين وجميع محتوياته التي سرقت ستعود اليه عند مجيء “المهدي” أي المخلص الذي سيعيد الامور الى نصابها.
تركز الادبيات الاسلامية بشكل خاص على الصخرة التي بنيت عليها القبة المذهبة في نهاية القرن السابع. عالم الدين الاسلامي المعروف أبو القيم الجوزية، وهو تلميذ ابن تيمية، الذي هو الاب الروحي للاخوان المسلمين، يلخص اهمية هذه الصخرة على الشكل التالي: “الامر الاروع في الصخرة هو كونها قبلة اليهود، وموقع الصخرة في المكان مثل موقع يوم السبت في الزمن”. بكلمات اخرى، قداسة الصخرة في القدس مثل قداسة يوم السبت.
على خلفية أن المكان، الذي هو مقدس لليهود والاسلام، وادعى المسلمون على مر الاجيال: “مسجد سليمان في أيدينا”، فان الوضع معقد جدا.
ما العمل اذا؟ يمكن انتظار المهدي أو المخلص. لكن في الوقت الراهن هناك الكثير من الدم الذي يسفك على مذبح عبادة الاصنام هذه.
هآرتس 21/10/2016
إقرأ الأصل الإنكليزي هنا Solomon’s Mosque is in our hands