ترجمة وتحرير: مصطفى إسماعيل
ستشهدُ تركيا عمليةً انتخابيةً حاسمة، ونحنُ مواطنو الجمهورية التركية، كناخبين، نريد مناقشة المرشحين الثلاثة ومشاهدتهم والاستماع إليهم في مكان واحد، مجتمعين وليس فرادى.
رسمياً باتَ المرشحون لانتخابات الرئاسة في تركيا هم: مرشح حزب العدالة والتنمية رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ومرشح حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية أكمل الدين إحسان أوغلو، ومرشح حزب الشعوب الديمقراطية صلاح الدين دميرتاش.
أحد الثلاثة: أردوغان، أو إحسان أوغلو، أو دميرتاش سيكونُ أول رئيس منتخب في تركيا من قبل الشعب، وليس في البرلمان.
العملية الانتخابية هذه المرة تتميز بأن فيها حالات تحدث للمرة الأولى.
يدخل حزب الشعوب الديمقراطية HDP الانتخابات الرئاسية من خلال دميرتاش، وهو مرشح قوي ومحبوب، أقلَّه من الجانب النظري يُحتملُ أن يصبح أول رئيس للجمهورية التركية قادماً من المشكلة الكردية.
من أين إلى أين؟ فقدان عشرات الأرواح، عشرات القتلى من الشباب، عشرات الجرائم مجهولة الجناة، عشرات عمليات التعذيب والعنف، وعشرات حالات الألم والدمع خلال عقود…
لماذا؟
لماذا قرابة 50 ألف حالة وفاة؟ لماذا السجن لسنوات لمجرد أنه كردي؟ لماذا قرارات دفن حيوات وعائلات في أنحاء تركيا مع الآلام؟ طيلة العقود الثلاثة الأخيرة.
اليوم يعلن دميرتاش: ” أنا أريد أن أصبح رئيساً لتركيا ولكل مواطني تركيا، وليس رئيساً للكورد فقط أو لمنطقة في تركيا”.
يمارس الكورد سياسة فاعلة، وقد قدموا من أجل انتخابات رئاسة الجمهورية مرشحاً قوياً ومؤثراً. ترشيح دميرتاش مهم من أجل تركيا ومستقبل تركيا، وقد أثبت الكورد من خلال ترشيحهم دميرتاش أنهم سيكونون فاعلين ومفاتيح لتركيا الجديدة، ومع تصاعد إمكانية تقسيم العراق، تتصاعد إمكانية تأسيس دولة كوردية في كردستان الجنوبية أيضاً، ومن هنا علينا التأكيد على أهمية ودلالة أن ينتخب دميرتاش رئيساً للجمهورية وممثلاً للشعب التركي في هذا الإطار الزمني في حال نجاحه.
متعلقاً بعملية حل القضية الكردية في البلاد، يعني ترشيح دميرتاش وفي أحد معانيه، أن السياسة باتت هي القاعدة الوحيدة المعتمدة للحل، وينبغي تعزيز هذه القاعدة الوحيدة بالدمقرطة، وأن تصبح “الديمقراطية هي اللعبة الوحيدة في المدينة “.
يخبرنا دميرتاش عبر ترشحه أن الكورد باتوا يمارسون السياسة، وأن وجوده في سباق الرئاسة يعني أن الديمقراطية هي القاعدة الوحيدة المعتمدة في المدينة، وهذا مهم.
من جهته أعلن حزب العدالة والتنمية في حفل كبير ترشيحه لأردوغان. أردوغان رئيس للوزراء منذ 12 سنة، وانطلاقاً من سبتمبر / أيلول 2014 قد يقيَّد له أن يصبح رئيساً للجمهورية لخمس سنوات، وقد ينتخب مجدداً للرئاسة لدورة ثانية، وفي هذه الحالة يمكن أن يظل رئيساً للجمهورية التركية حتى 2024، وهذا يعني أنه سيصبح الأطول حكماً بين قيادات تركيا.
دعونا نؤكد: وإن تم انتخاب رئيس الجمهورية بالتصويت الشعبي، فإنه لا يمتلك صلاحيات كالتي لرئيس الوزراء، ولن يكون شبه رئيس وزراء، فإن لم يجر تعديل دستوري، فإن رئيس الوزراء يبقى رأس الإدارة وليس رئيس الجمهورية.
يريد أردوغان أن يُكسبَ رئاسة الجمهورية وظيفة تنفيذية، وسط النظام الرئاسي، وشبه الرئاسي، واختيار رئيس الجمهورية من الأحزاب السياسية، هل سيتحقق ذلك أم لا؟ سنرى ذلك، ليس الأمر هيناً.
ترشيح أردوغان طَموحٌ كما ترشيحُ دميرتاش، لجهة أن هناك توقعات بحدوث تحوّلٍ ما..
إذا ما أختير أردوغان رئيساً للجمهورية، فلن يبقى حزب العدالة والتنمية كما هو، ستشهد تركيا أياماً مثيرة، سنرى.
إحدى ميزات الانتخابات الرئاسية الحالية أيضاً هو اتفاق حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية على التقدم بمرشح واحد هو: أكمل الدين إحسان أوغلو.
إحسان أوغلو ليس من الوسط السياسي كما هو حال أردوغان ودميرتاش. ارتباطه قوي بحزب الحركة القومية، وضعيف مع حزب الشعب الجمهوري، وهذا ما أطلق النقاشات الداخلية وألاعيب السلطة في حزب الشعب الجمهوري، ملاحظٌ أن ناخبي حزب الشعب الجمهوري لا يتقبلون إحسان أوغلو، قد لا يصوت بعض ناخبي حزب الشعب الجمهوري لإحسان أوغلو، وقد يصوّت بعضهم لدميرتاش، في هذا السياق يبدو إحسان أوغلو إشكالياً.
يحظى إحسان أوغلو بالسمعة الطيبة على المستوى العالمي. فبإمكانه ترميم علاقات تركيا مع العالم والتي تدهورت في الآونة الأخيرة، كما أنه مرشحٌ بإمكانه التخفيف من حدة الاستقطاب وعدم الاستقرار في تركيا. لدى إحسان أوغلو إذن ميزات هامة.
ستشهد تركيا عملية انتخابية حاسمة، ونحن مواطنو الجمهورية التركية، كناخبين، نريد مناقشة المرشحين الثلاثة ومشاهدتهم والاستماع إليهم في مكان واحد مجتمعين وليس فرادى، فأحد هؤلاء المرشحين سيصبح رئيساً للجمهورية، لنرى ما يقولونه، وبماذا يختلفون عن بعضهم.
العزيز ” إبراهيم بتيل ” فكر قبلنا، وأقله طلب مرتين من المرشحين الثلاثة التناقش أمام الجمهور، وقد أطلق حملة تواقيع على موقع Change.org، وقد قمت بالتوقيع على الحملة أنا الذي لا أشارك عادة في حملات جمع التواقيع. يمكن إجراء هذه النقاشات في قناة تلفزيونية تتابع من قبل المواطنين، وتدار من قبل إعلامي محايد.
• المصدر: صحيفة راديكال RADIKAL التركية.
• فؤاد كيمان: رئيس مركز استنبول للسياسات التابع لجامعة صابانجي التركية.
• إبراهيم بتيل: مصرفي تركي متقاعد، وخبير في الإدارة معروف في تركيا.