في الرابع عشر من أيار/مايو، صدرت سلسلة من الأوامر الملكية باسم العاهل السعودي الملك عبدالله بناء على طلب خليفته المحتمل نائب وزير الدفاع وولي العهد الأمير سلمان، أحدثت تغييراً جذرياً في القيادة السياسية والعسكرية المحترفة في المملكة العربية السعودية. وربما كان النبأ الأكثر جلباً للإنتباه هو تعيين الأمير خالد بن بندر نائباً لوزير الدفاع. وبذلك تم إعفاء الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، البالغ من العمر سبعة وثلاثين عاماً، والذي عين في منصبه المذكور في آب/أغسطس الماضي، بعد أن حل محل عضو آخر أقل أهمية في العائلة المالكة كان قد تولى المنصب قبل ذلك بأربعة أشهر.
وقد جاءت هذه الإعلانات وغيرها في الوقت الذي كان وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل في جدة للمشاركة في الاجتماع التشاوري الأول لـ”مجلس الدفاع المشترك” لدول “مجلس التعاون الخليجي” الذي حضره كبار المسؤولين في شؤون الدفاع من المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات والعربية المتحدة، وسلطنة عمان. ومن غير الواضح ما إذا كان هيغل على علم بالتغييرات الوشيكة. وقد تم الإعلان عن الأمر الملكي بعد انتهاء مأدبة الغداء التي شارك فيها الأمير سلمان بن سلطان، في منصبه كنائب وزير الدفاع كما حُددت هويته في ذلك الحين. وقبل ذلك بيومين، كان للأمير لقاء رسمي مع مساعدة وزير الخارجية الأمريكي آن باترسون التي تزور الرياض حالياً. وقد تم الآن رسمياً “إعفائه من منصبه بناءً على طلبه”؛ ومن غير المعروف حتى الآن ما إذا كان قد أُرغم على ترك منصبه، أو ما إذا كان بنيّة القصر الملكي تعيينه بمنصب رسمي آخر.
ويبلغ نائب وزير الدفاع الجديد الواحدة والستين عاماً من عمره – وقد تدرب سابقاً في الولايات المتحدة وبريطانيا وشغل منصب قائد “القوات البرية الملكية السعودية”، وكان يشغل منصب أمير منطقة الرياض المهمة منذ شباط/فبراير 2013. وتشمل التعيينات الأخرى تعيين مساعد جديد لوزير الدفاع، ورئيس ونائب رئيس جديدان لهيئة الأركان العامة، وقادة جدد للقوات الجوية والبحرية.
ومن المستغرب على أقل تقدير، أن تقوم المملكة بإجراء مثل هذه التغييرات في اليوم الذي يُعقد فيه مؤتمر رئيسي للدفاع الإقليمي، حيث من المرجح أنهم أربكوا الحلفاء العسكريين المحليين ووفد الولايات المتحدة على حد سواء. وتشير التغييرات موضع البحث أن المملكة العربية السعودية قد تعيد النظر في استراتيجيتها الإقليمية. ويراود الرياض القلق بشكل متزايد بشأن ما تعتبره على ما يبدو اتفاقاً نووياً مؤقتاً وسيئاً مع إيران، وهي مصرة على إحداث نكسة كبيرة لطهران من خلال الإطاحة بالقوة بالرئيس السوري بشار الأسد.
ويمكن أن تعكس التغييرات أيضاً الصراع الداخلي على السلطة في المملكة. فالملك عبدالله (البالغ من العمر 90 عاماً) يحاول على ما يبدو تقويض مطالبة ولي العهد الأمير سلمان – البالغ من العمر سبعة وسبعين عاماً – بالعرش، على سبيل المثال من خلال إجباره على تعيين الأمير مقرن (70 عاماً)، نائباً لولي العهد، في آذار/مارس. ولم يتم ترقية أي من أبناء ولي العهد في الأوامر الملكية التي صدرت في الرابع عشر من أيار/مايو، ولكن تم تعيين نجل الملك، الأمير تركي بن عبدالله، أميراً لمنطقة الرياض.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التغييرات التي أُعلنت يوم الأربعاء سوف تُحيي التكهنات حول استقالة رئيس جهاز المخابرات الأمير بندر بن سلطان من منصبه في الشهر الماضي، وهو الذي كان قد شغل سابقاً ولفترة طويلة منصب سفير السعودية في واشنطن. كما أن نائب وزير الدفاع الذي أُعفي من منصبه هو الأخ غير الشقيق لبندر وينظر إليه بشعور بأنه نصفه الآخر، وقد لعب الرجلان دوراً فعالاً في الحملة السعودية لتدريب وتسليح مقاتلي المعارضة في سوريا.
وأياً كان الأمر، من المؤكد أن يكون هناك تأثير كبير للتعيينات الجديدة على القدرات العسكرية والسياسات السعودية – على الرغم أنه من غير الواضح تماماً ما الذي سيكون نوع التأثير. وهناك بعض الأدلة على أن المملكة خفضت هذا العام من دعمها للمقاتلين الجهاديين في سوريا. وفي الثالث عشر من أيار/مايو عرض وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل استضافة نظيره الإيراني في الرياض لإجراء مفاوضات لحل الخلافات بين البلدين. ومع ذلك يكاد يكون من المؤكد أنه من السابق لأوانه القول أن المملكة تخفف من نهجها المتشدد تجاه إيران، خاصة بعد الاستعراض العسكري غير المسبوق الذي أقامته في 29 نيسان/أبريل والذي عرضت خلاله صواريخ صينية الصنع قادرة على ضرب طهران كانت بكين قد زودتها لطهران – وهي إشارة أعقبت أكبر مناورات عسكرية في تاريخ السعودية، شارك فيها 130,000 شخص.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.