علي الامين- البلد ثمة قناعة تترسخ لدى ابناء صيدا اكثر فأكثر ان ما جرى من مواجهة دموية في عبرا، ذلك الاحد قبل عشرة ايام، هو عملية استخبارية عسكرية ادارها حزب الله بتواطؤ مع المؤسسة العسكرية. هذه القناعة يجري التعبير عنها احيانا بشكل مباشر، او من خلال ابراز الشواهد المصورة او المنقولة عن شهود مباشرين، التي تظهر صور مقاتلين للحزب على ارض المعركة. هذا الى ذكر اسماء قتلى حزب الله في هذه المواجهة، وحركة مقاتليه اثناء المعارك في المدينة ومحيطها.
الصيداويون عموما على قناعة بان حزب الله كان رأس الحربة في هذه المواجهة، وهو شعور وقناعة راسخان لدى عموم ابناء الطائفة السنية. الى هذا ثمة شعور خطير وغير مسبوق في تاريخ السنة في لبنان الحديث، بدأ يتسرب الى القاعدة، وهو يتمثل في المزيد من البعد عن الدولة والنفور منها، على وقع تبادل ادوار بين السنّة والشيعة. فقبل الحرب الاهلية في لبنان نما شعور لدى الشيعة بأن الدولة هي مصدر قهر وحرمان لهم. واليوم تتحول الدولة في وعي الجمهور السني عموما الى متواطئة مع حزب الله او خاضعة له.
وجاءت عملية انهاء ظاهرة الاسير، غير المأسوف عليها لدى الكثيرين منهم، لترسخ هذا الشعور وتعززه. يمكن ملاحظة تعبيراته في الموقف من تيار المستقبل. إذ تسمع كلاما متناميا، داخل الطائفة السنية، عن هشاشة تيار المستقبل وقيادته، وعن عجزه. تسمع هذا الكلام من اوساط يفترض انها من مؤيديه. انتقاد يصل حدّ التهكم على ادائه السياسي لجهة مسارعته الى تبني التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، كما فعل الرئيس سعد الحريري في اليوم التالي لموقعة عبرا. ليس هذا فحسب، إذ حتى التمديد لمجلس النواب هو بنظر هؤلاء تسليف مستقبلي مجاني لخصومه، فهو تمديد تبين انه للرئيس نبيه بري لا اكثر ولا اقل، كما اظهرت الوقائع السياسية التي تلت، وأيضا كما تستنتج هذه الاوساط وتتحدث عن الاصرار على تهميش الرئاسة الثالثة لحساب تعزيز الرئاسة الثانية.
مواجهة عبرا شدت العصب السني اكثر فأكثر. لم يسبق ان تحدث بيان رؤساء الحكومات السابقين، بمن فيهم الرئيس سليم الحص، عن ان الجيش يرى بعين واحدة، كما حصل بعد هذه المواجهة. فكل السنّة، حتى اولئك السياسيين المؤيدين لحزب الله، شعروا ان احداث عبرا لامست صميم الكرامة السنيّة. ورغم انهاء ظاهرة الاسير، ورغم تراجع تيار المستقبل سياسياً، وعجزه عن مقارعة حزب الله او إقناع جمهوره بأنه قادر على تحقيق اي انتصار سياسي على حزب الله، فإن الاخير رغم كل هذه الانتصارات وتراجع نفوذ “المستقبل” لم ينجح في احداث اختراق جدي داخل الطائفة السنية. فالحزب ربما لم ينتبه، او لايريد، الى انه لا يقاتل تيار المستقبل او التكفيريين داخل الطائفة السنية، بل يقاتل الطائفة السنية كلها حاليا.
حزب الله نجح في مرات عدة، ومنذ 7 ايار 2008، في كسر تيار المستقبل، ونجح في طرد الرئيس سعد الحريري من الحكومة، ونجح في العديد من المواجهات، وروج لكل ما يمكن ان يظهر تيار المستقبل وقادته كمجموعة متآمرة وغير كفوءة، لكن حتى الرئيس نجيب ميقاتي لم يستطع تحمل مستوى الاستتباع الذي يريده حزب الله مع اي ممثل للطائفة السنية في الدولة.
ثمة شعور حقيقي لدى السنة عموماً ان الدولة التي يدعون اليها ويطالبون بها اخترق حزب الله مؤسساتها او باتت خاضعة له، وان الدولة التي كان يقال ان الرئيس الراحل رفيق الحريري يتحكم بها، باتت واقعا لا يقارن بما يتحكم به حزب الله اليوم. فقد سيطر على المؤسسات الدستورية والقانونية بالاخضاع او التعطيل، ونفذ الى المؤسسة العسكرية والمؤسسة الامنية، ويستكمل السيطرة بحصار الرئاسة الاولى، ويتحكم بسلاح التمديد لقائد الجيش تمهيدا للانقضاض على الرئاسة الاولى في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
لعل تيار المستقبل المربك، عاجز عن ادارة المواجهة مع حزب الله، والتعامل مع المزاج السني الغاضب والمجروح، والتعويض عن حالة الانكسار. لذا نجد نوعا من التراجع غير العلني عن تأييد التمديد للعماد قهوجي، من باب المطالبة بالتمديد للواء اشرف ريفي (المتقاعد) والعماد قهوجي سويا.
حزب الله يستكمل مواجهته مع “المستقبل”. وحملة الاحد الماضي، حين خرج قادة الحزب عبر المنابر والحسينيات بفكرة واحدة هي “اتهام تيار المستقبل بالمسؤولية عن الدماء التي سالت في عبرا”، لن تغير واقع الحال. فتيار المستقبل تعلم من درس 7 ايار 2008 الا ينجر الى السلاح مجددا، ومشكلة حزب الله انه لا يرصد المشهد بعمقه الاجتماعي، ولا يراه الا من باب القوة والغلبة واللامبالاة وعدم الاكتراث.
alyalamine@gmail.com
إعلامي لبناني
البلد
سنّة لبنان: طلاق العبور إلى دولة.. “حزب الله”؟ شمس الحضارة تشرق على العرب! http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=735976&issueno=12646#.UeENH-7fp9A شمس الحضارة تشرق على العرب! هاشم صالح جيلنا المتعب الحزين-د. خالص جلبي طباعةإرسال بالبريد الإلكتروني٥ تعليقات نحن الجيل الذي ذاق الحرية أيام عرفت بفترة الانفصال ما بين الوحدة وانقلاب 8 آذار. كانت أياماً جميلة من تعددية حزبية، وصحافة حرة، ومظاهرات استنكار فعلية، ونقاشات حرة ساخنة، بين كل التيارات، ثم دخلنا بطن الحوت! فهل سنخرج كما خرج نبي الله يونس حراً حياً؟ الثورة الفعلية هي في بلاد الشام؛ فقد كانت ثورات تونس ومصر نزهة أمام ما يحدث في بلاد الشام. إنها ضربة الميلينيوم «تحدث مرة كل ألف… قراءة المزيد ..