يعتد قياديو التيار الوطني الحر بمتانة التحالف مع حزب الله: “فهو تحالف زاد الزمن في ثباته وترسيخه، ولم تهز الاحداث المحلية ولا الاقليمية من منطلقاته واهدافه”، على ما يصر مصدر قيادي في التيار. وعلى ان العلاقة ندية وندّية، ليس فيها من التبعية او الاستقواء او التهميش شيء، بل هي “علاقة مفتوحة على آفاق مستقبلية مزدهرة”. لم تهز الاحداث السورية متانة التحالف، لا انخراط حزب الله فيها، ولا تقييم الموقف من طبيعة المواجهة التي يعتقد التيار الوطني الحر، متطابقا مع حزب الله، انها حرب اقليمية ودولية توسلت خللا داخليا لتنفذ الى فرصة تدمير سورية.
ليس ذلك فحسب، بل ان التيار الوطني الحر يقدر لحزب الله وقوفه الى جانبه وتبنيه مشروع اللقاء الارثوذكسي. وهو تقدير يستكمل آثاره بمزيد من التنسيق في مقاربة ملف الانتخابات النيابية في كل ابعاده المطروحة اليوم. ثمة اقتناع بأن ادارة الرئيس نبيه بري لقضية اقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، لدى بعض قياديي التيار لم تكن حاسمة وجادة في الوصول الى قانون جديد، ربما لأن الرئيس نبيه بري ليس متحمسا لاجراء انتخابات نيابية وسط احتدام الازمات الاقليمية المحيطة بلبنان، لا سيما في سورية.
عدم الحماسة للانتخابات، والسعي الى تأجيلها، ليسا اتهاما يمكن ان يوجه الى رئيس المجلس فحسب، بل هما تهمة تليق بأكثر من قامة سياسية لدى قوى 14 آذار وقوى 8 آذار، وليس النائب وليد جنبلاط في منأى عنها. التيار الوطني الحر سيقف، وان وحيداً، ضد التمديد للمجلس النيابي ولسواه، رغم ان حليفه حزب الله يعمل على تحضير المسرح لانضاج خيار التمديد الذي صار قاب قوسين او ادنى. تحضير تتم وضع اللمسات الاخيرة عليه، وقد عبر عنه طرح الرئيس نبيه بري مشروعه الاخير امس، اي المختلط بين الارثوذكسي وقانون الستين، واعادة سحبه سريعاً كرمى لخاطر وعيون كتلة المستقبل التي قيل انها اعترضت عليه.
تحضيرٌ سيستكمل ايضا بلقاء منتظر، بحسب بعض قياديي التيار الوطني الحر، بين الامين العام لحزب الله والعماد ميشال عون، ربما لاقناع الجنرال بضرورة السير في مسار التمديد، وربما لاقناع السيد حسن نصرالله بضرورة الا يكون التمديد قاتلاً. فالتيار الوطني الحر يدرك حجم المهام التاريخية والاقليمية التي يخوض فيها حزب الله هذه الايام، من الازمة السورية الى الاسلحة الاستراتيجية “الكاسرة للتوازن” مع اسرائيل التي يستعد حزب الله لاستقبالها هدية من الرئيس بشار الاسد، الى حجم المخاطر التي تجعل من دائرة الخصوم والاعداء متحفزة لالتقاط فرصة الانتخابات النيابية من أجل تطويقه.
بالتأكيد ليس حزب الله لقمة سائغة، وليس هناك من يضمن الا ينقلب سحر النتائج على ساحر الانتخابات، لكن حزب الله يفضل ان يؤجل هذا “التفصيل”، الذي لن يقدم شيئاً مفيدًا واضافيًا له في احسن الاحوال، فهو سيشغله عن اهتمامات وتحديات كبرى هو في غنى عن اضاعة وقت في ما هو اقل شأنا منها. فالانتخابات النيابية والصراع على الدوائر والحصص، ايَاً كان مخاضها، لن تغيّر من نظام اولوياته الاقليمية ولا من وظيفته اللبنانية. اذاً من الافضل انضاج التمديد وبمشاركة الجميع.
ليس التأجيل مطلب الجنرال ميشال عون ولا مبتغاه، وهذه المهمة، الموكلة الى صديقه وحليفه السيد حسن نصرالله، تحتاج الى مزيد من الجهد لإقناع الجنرال بأنه لن يكون خاسراً. والجنرال، الذي بات يسلم بان التمديد صار قدرا في نظر حلفائه وبعض خصومه، لا يريد له ان يمتد في الزمن طويلاً، ولا ان يُعلَق على حسابات الازمة السورية التي يعلم ان حزب الله يراها بعيدة جداً عن مسار الحل. وجهده يتركز في منع الوقوع داخل تجربة التمديد، من فتح شهية الآخرين على التمديد ايضاً في رئاسة الجمهورية، التي يرى ان من يتولاها سلَبهُ اياه في غفلة زمن الدوحة القطرية. ولا يريد ان يكرر التجربة في زمن الدوحة اللبنانية التي يبشرالرئيس نبيه بري بها هذه الايام. فالجنرال يريد الانتخابات لأنه يريد “حقه” في الكرسي الأولى.
alyalamine@gmail.com
إعلامي لبناني
البلد