ما الذي حمله نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط ميخائيل بوغدانوف في زيارته الى لبنان؟
اكثر من عشرين لقاء عقدها المسؤول الروسي خلال ثلاثة ايام قضاها في لبنان، وغادر صباح امس عبر مطار بيروت، بعد ساعات قليلة من اللقاء الذي جمعه مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
اعلن المسؤول الروسي ان بحث الازمة السورية كان محور لقاءاته اللبنانية الرسمية. لم يستثن احدا من لقاءاته، وجرى الترحيب به من جميع الاتجاهات من دون استثناء، كأنما كان المسؤول الروسي يقول: ليس لبنان ساحة لتوجيه الرسائل الدولية الروسية، واذا كنا نختلف مع جزء من اللبنانيين في الموقف من الازمة السورية، فان مقاربتنا الاوضاع اللبنانية تقوم على حفظ الاستقرار وعدم الانجرار الى اي مواجهة داخلية، ولا التورط في الازمة السورية، وبالتأكيد عدم تفجير اي مواجهة على الحدود الجنوبية خصوصا ان وصوله الى لبنان تزامن مع اعلان اسرائيل اسقاط طائرة استطلاع أقلعت من الاجواء اللبنانية.
جولة علاقات عامة ودبلوماسية اظهرت مواقف روسية تقليدية بشأن لبنان، إذ لا رأسمال مصالح روسياً يعتد به في لبنان. وروسيا، التي تدعم النظام السوري عبر السلاح والقواعد العسكرية، الى ملف الاسلحة الكيماوية، وشبكة من العلاقات الاقتصادية، تتعامل مع الازمة السورية بذهنية الحرب الباردة مع الولايات المتحدة: تخوض المواجهة على الطريقة الاميركية، اي ليس اسلوب معركة “اكون او لا اكون”. لا ترمي بكل اوراقها في المعركة.
تسعى روسيا إلى أن تكون لاعبا اساسيا في الازمة السورية، وبالتالي طرفا في اي حل. انخراط لبنان في هذه الازمة او انفجار اي مواجهة مع اسرائيل يعني اضعاف الدور الروسي، بسبب الحسابات الروسية الدقيقة تجاه امن اسرائيل.
وبخلاف السياسة الايرانية، تحاول روسيا استثمار الازمة السورية لتنشيط قنوات اتصال في اكثر من اتجاه: اسرائيل بالدرجة الاولى، والادارة الاميركية بطبيعة الحال، والرسائل اللبنانية الداخلية، كلها تشير الى ان روسيا لا تغامر بعلاقاتها العربية في الذهاب حتى النهاية بدعم النظام السوري، بل هي تعطي اشارات عدة في هذا الاتجاه. لا تتوقف عن دعم النظام السوري، لكنها لا تتبع سياسة ان معركتها في سورية وجودية. اما السياسة الايرانية التي كانت اقل تشددا في اظهار دعم النظام السوري مع بداية الثورة السورية، وحتى بعد مرور سنة من عمرها، فبدأ موقفها هذا يتطور باتجاه استخدام كل اوراقها في المنطقة لدعم نظام الاسد. وما مشاركة حزب الله في القتال في سورية الا مثال على استخدامها اغلى اوراقها في المنطقة، سواء بالمغامرة بهذا الحزب الذي بنته لبنة لبنة منذ 3 عقود، او لجهة تفجير الفتنة السنية الشيعية التي تمتد تداعياتها على امتداد المنطقة، وعلى مساحة زمنية تمتد سنوات طويلة.
وهذا التباين لا ينفي او يخل بالتناغم الايراني – الروسي ضمن الموقف من سورية، فلقاؤه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رغم لقائه النائب محمد رعد، خطوة يعكس من خلالها بوغدانوف مستوى متقدما من التنسيق في الموقف من سورية. وهنا تماما يجب قراءة زيارة بوغدانوف إلى بيروت: هي لضبط الايقاع. ضبط يقوم على تكامل الحسابات الروسية و الايرانية، في لحظة يقف خلالها المشهد السوري امام مرحلة تصعيد مفتوح، يمهد للقمة الاميركية الروسية في حزيران المقبل ويمنع من الانزلاق في اي مغامرة مع اسرائيل.
واذا كان من رسائل روسية اضافية يمكن استشفافها من جولة بوغدانوف اللبنانية، فهي الى التذكير الخجول بفكرة “النأي بالنفس” التي فقدت بريقها وحضورها اللبناني منذ استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
علمًا انه وبعد لقاء نصرالله المسؤول الروسي بساعات قليلة، كان رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين يطل في تأبين احد عناصر حزب الله الذين قضوا في سورية ومن بلدة “بافلية” في قضاء صور، ليعلن ان معركة حزب الله في سورية ولبنان واحدة.
alyalamine@gmail.com
إعلامي لبناني
البلد