كما في مجمل المسارات الثورية لا نعلم متى يبدأ الحراك الثوري ولا متى ينتهي، لكن غالباً ما يكرر التاريخ نفسه وما قيل قبل اكثر من قرنين من الزمن عن الثورة الفرنسية التي “تأكل أبناءها” ينطبق على الوضع المصري بعد عامين على ثورة 25 كانون الثاني ـ يناير.
يبدو المشهد السياسي والميداني في أرض الكنانة وكأننا في عود على بدء لاستمرار العنف وعدم الاعتراف بالآخر وتخريب مقومات الدولة إضافة إلى تداعيات الانهيار الاقتصادي. والمراقب لأحوال مصر ومأزقها اليوم يستنتج الفشل في الحفاظ على الحلم الكبير الذي كان يراود جماعة “كلنا خالد سعيد” وصناع اللحظة الثورية.
لقد انبهر العالم بالطابع السلمي المميز وبقدرات الجماهير على صناعة التغيير في ميدان التحرير عبر ضغط الكتل البشرية الذي كان ينظر إليه علماء الاجتماع السياسي – من أبرزهم غوستاف لوبون- بحذر، وأصبح مثالا يحتذى لانتفاضات الكرامة (أو حركات الناقمينLes indignés) من مدريد إلى وول ستريت.
كان كل شيء يؤشر إلى أن نشوب لهيب الحرية ونهوض شباب مصر، سينتج عنه بناء مشروع حداثي يتأقلم مع أحوال مصر والعالم العربي لأن العيش الكريم والتحول الديموقراطي واحترام الفرد والحرية، تندرج ضمن منظومة القيم التي تتجاوز الحضارات والثقافات والحدود، وكانت هناك قناعة بأن ذلك سيعيد “أم الدنيا” إلى دورها المركزي في محيطها ويحقق آمال المنتفضين. لكن الطبقة السياسية لم تكن على مستوى طموحات المصريين بل كرّست انقسامات ومجابهات تمثل افضل الوصفات لضرب المراحل الانتقالية ومنع قيام الدولة البديلة.
يروي احد الناشطين المنخرطين في الحراك منذ ساعاته الاولى في العام 2011، أنّ “الثورة المصرية الحقيقية والسلمية” دامت من 25 إلى 28 كانون الثاني، ويؤكد أنّ “جماعة الأخوان المسلمين دخلت على الخط وصادرت الثورة وساومت مع النظام السابق في إخراج مبرمج للإطاحة بمبارك في 11 فبراير”.
ويقول متابع أوروبي للشأن المصري أن “التعايش بين الأخوان المسلمين والمؤسسة العسكرية وبرعاية أميركية غير مباشرة صمد حتى أغسطس – آب 2012”. وبعد ذلك بدأت بوادر الانقضاض على القضاء وعلى الإعلام مما أدى إلى دورة العنف المستمرة حتى اليوم. وفي السياق نفسه، يشار إلى عدم تطبيق جماعة الأخوان وعودها في ما خص عدم الترشح للرئاسة أو القبول بحصة معينة في البرلمان.
في وجه اتهام الأخوان المسلمين بإعادة إنتاج ديكتاتورية من لون آخر والسيطرة على المؤسسات تباعاً، تدافع الجماعة عن نفسها بوصف الفريق الآخر بالرافض لأصول اللعبة الديموقراطية وتنعته بالرغبة بالإقصاء والقطيعة مع الدين والقيم الإسلامية التي تطبع المجتمع. وهذا التجاذب الإيديولوجي والفئوي المدعم بانعدام الثقة جعل الوضع المصري محفوفا بكل المخاطر.
ومما لا شك فيه فإنّ بروز التيار السلفي زاد من تفاقم الصراع بين التيار الإسلامي والتيار المدني بكل أطيافه، خصوصاً أن جماعة الأخوان لم تتحمس كثيرا للنموذج التركي الأردوغاني عن “الديموقراطية الإسلامية” وبقاء القوى العلمانية واليسارية أسيرة خطابات ديماغوجية غير قادرة على اختراق مصر العميقة كما ظهر في الاستفتاء حول الدستور.
وما يزيد الموقف حدة عدم نجاح القيمين على المرحلة الانتقالية وكذلك الرئيس محمد مرسي في إعطاء بدايات أجوبة على التحدي الاقتصادي والاجتماعي. فبعد عامين على الثورة يستمر الشباب في العيش من دون آفاق مستقبلية ويزداد فقر الشعب سوءا مما كان عليه، وهذا سيقوي النزعة إلى الإحباط والتطرف بكل أشكاله. تكتمل الصورة القاتمة مع تعطيل بناء الدولة نتيجة انعدام قنوات الحوار والتمسك بالأساليب القديمة.
إزاء المأزق ينتظر البعض من الجيش لعب دور المنقذ في اللحظة الحرجة، لكن مصدراً مصرياً مطلعاً يؤكد “أنّ الجيش لما يفكر في لعب دور الوسيط مرة أخرى بعدما حاول أن يقوم بهذا الأمر قبل ما يقارب الشهر والنصف عندما وجه الدعوة للقوى السياسية كافة إلى التحاور والنقاش في ضيافة القوات المسلحة ولكنه تراجع عن الأمر بشكل سريع بسبب التلميحات التي خرجت بأن الجيش يريد العودة مرة أخرى للمشهد السياسي”. بيد أن هذا الرفض الخجول لن يبقى قائما في حال تفاقم الأوضاع وعدم العودة إلى ألفباء الواقعية السياسية عند الأطراف المتصارعة.
يركز البعض على احتمال تورط جهات إقليمية وخارجية في مسار اغتيال مصر ومنع عودة الاستقرار، لكن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على العقل السياسي المصري في ابتكار التسويات، وعلى إرادة ورثة محمد علي وسعد زغلول في منع اندثار الحلم الثوري لشابات مصر وشبابها.
khattarwahid@yahoo.fr
جامعي وإعلامي لبناني
“الجمهورية” البيروتية
كي لا تأكل ثورة مصر أبناءها ولا تطيح بدولتها
في البدء على المحلل السياسي اللبناني و الجامعي أن يحلل واقع مجتمعة اللبناني المتعدد اللصبغات و النحل و الرقع داخل نسيج مجتمعة المصنع امبرياليا و عليه الأهتمام بحالة بلادة فالأقربون أولى بالمعروف أما عن المجتمع المصري الذي لا يدري من فصول تاريخه المجيد سوي محمد على الألباني المولد العثماني الجنسية المصري الهوي و سعد زغلول المناضل المصري المدمن للمقامرة فلا داعي للحديث حوله و اهتم بدويلتك الطائفية السياسة و الهوي