خرج تيار المستقبل من عباءة الصمت التي لفّ نفسه بها طوال اكثر عشرين شهرا من عمر الثورة السورية. فأعلن النائب عقاب صقر عن أنه مكلف من رئيس التيار الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري بالتنسيق مع المعارضة السورية ومساعدتها على الصعد السياسية والانسانية والاجتماعية، بالتزامن مع استقبال الرئيس سعد الحريري قيادة إئتلاف قوى المعارضة والثورة السورية، برئاسة معاذ الخطيب.
مصادر سياسية في بيروت توقفت عند مفارقة أنه قبل أقل من ثلاثة أسابيع نقى النائب عقاب صقر اي تورط له مع المعارضة السورية متحديا “من يملك إثبات على تورطه بإشهاره”، مع إعلانه إستعداده لتحمل المسؤولية كاملة.
وتشير المصادر الى انه وفي الايام الماضية بثت محطة البرتقالة التابعة للتيار العوني، مقاطع صوتية من اتصالات هاتفية جرت بين النائب صقر، ومعارضين سوريين تتضمن اوجه تعاون ومساعدات يسعى صقر لتأمينها للمعارضة السورية من ضمنها بعض الذخائر الحربية.
النائب صقر بادر، وخلافا لما كان أعلن عنه في مقابلته التلفزيونية، الى الإقرار بان التسجيلات الصوتية صحيحة، وبأنه هو من يتحدث على الطرق الآخر من الهاتف.
وفي معزل عن التناقض في موقف النائب صقر، إلا أن مصادر السياسية في بيروت رأت في الجهر بتبني صحة ما ورد في الاتصالات الهاتفية، معطوفا على لقاء الرئيس الحريري وقيادة إئتلاف المعارضة والثورة السورية، بيّنتان على قرب سقوط النظام السوري. كما ان “المستقبل” الذي وضع نفسه باكرا في صفوف الثوار، وجهد في مساعدتهم، قرر اليوم وقبل سقوط الاسد الخروج الى العلن وإعلان شراكته في الثورة، وتاليا في النصر المرتقب.
وتضيف المصادر ان الرئيس الحريري كان من اول السياسيين اللبنانيين والعرب الذين بادروا الى إعلان تأييدهم للإنتفاضة السورية في بداياتها قبل ان تتلفظ اي دولة عربية بأي موقف. وحين كان مطلب السوريين تسليم رجال امن النظام الذين اعتدوا على طلاب درعا الى المحاكمة، على ان يقوم الاسد ببعض الاصلاحات لقاء استمرار نظامه، فخرج الحريري على إجماع المساومين معلنا تأييده لانتفاضة الشعب السوري.
وتضيف المصادر ان الحريري، لم يكن طوال تلك الفترة نائيا بنفسه وبتياره وبجمهوره والمتعاطفين من قوى ثورة الارز، عن مجريات الثورة السورية، إلا أنه حرص على إبقاء هذا التورط في حدود الدعم الممكن إنسانيا واجتماعيا وسياسيا، من دون السعي الى فرض وصاية سياسية على المعارضة السورية الوليدة والتي كانت، وما زالت الى حد ما، تفتقر الى قيادة موحدة.
وتضيف المصادر ان الحريري وتياره وقوى ثورة الارز، لا تنأى بنفسها عن مجريات الثورة السورية، وهي جاهرت بوقوفها الى جانب الثوار، طوال الفترة الماضية، وتعتبر ان الوقت حان لإشهار هذا الموقف قبل سقوط الاسد الوشيك، لأن هذه القوى تنظر الى مستقبل سوريا ما بعد الاسد من منطق الشراكة بين دولتين مستقلتين تحترمان سيادة بعضهما البعض، وتعملان على حل الخلافات التي تركها زمن الوصاية وتراكم أدبيات البعث السوري على العلاقة بين الدولتين.
وتضيف المصادر ان حركة المستقبل وقوى ثورة الارز تتركز خلال هذه الفترة على حجز مقعد في إحتفالات الانتصار التي ستعقب سقوط الاسد، من منطق الشراكة، فضلا عن تكريس شكل العلاقات بين البلدين في المرحلة المقبلة.
ولا تخفي المصادر ان المستقبل يطرح نفسه، ومن خلال منطق الشراكة عينه، شريكا إقتصاديا في سوريا، للخروج بالاقتصاد السوري من نفق الاشتراكية الذي عفى عليه الزمن، الى رحاب الاقتصاد الليبرالي، فضلا عن وضع المستقبل لخبراته في مجال إعادة البناء، بتصرف النظام السوري المقبل الذي سيفتقد حتما الى خبرات في هذا المجال، والتي نجح فيها الرئيس الشهيد رفيق الحريري في لبنان، فنال جائزة أسرع عملية بناء للمدن بعد الحروب.
وتقول المصادر إن المستقبل سيخرج من كبوته منتصرا مع الثورة السورية، مؤكدا في الوقت نفسه ان خياراته السياسية في الاعتدال والليبرالية على المستويات كافة هي التي تسمح للبنان الدولة بالنهوض والدخول وإن متأخرا في الالفية الثالثة.
وتختم المصادر انه مع إقتراب سقوط النظام السوري، يطل الرئيس سعد الحريري، من جديد، من باب الثورة السورية العريض، ليضع لبنان من جديد في قلب الربيع العربي.