الإعلان بأن [شركة] “وودسايد للبترول” سوف تشتري حصة قدرها 30 في المائة من حقل الغاز الطبيعي “لفيتان” في إسرائيل، بقيمة تصل إلى 2.5 مليار دولار، يعكس الوعي المتزايد لأهمية الاكتشافات الجديدة في شرق البحر الأبيض المتوسط. فهذا الحقل قبالة ساحل البحر، الذي اكتشف عام 2010، هو أكبر اكتشاف من نوعه في إسرائيل حتى الآن، ومن المرجح أن يستخدم معظم احتياطياته للتصدير.
وتعود خلفية “وودسايد” إلى حقول الغاز المكتشفة قبالة ساحل استراليا الشمالي الغربي، وكذلك في تكنولوجيا “الغاز الطبيعي المسال”، التي تُمكّن شحن المصدر بواسطة الناقلات في جميع أنحاء العالم. وسوف تأتي حصة ملكية “وودسايد” من المساهمين الحاليين – وهم “نوبل إنرجي” ومقرها تكساس و”مجموعة ديليك” و شركة “ريشيو أويل اكسبلوريشن” الإسرائيليتان. وكانت “نوبل” قد نجحت بصورة كبيرة في قيادة أعمال الحفر الاستكشافية قبالة سواحل قبرص وإسرائيل، ولكنها تفتقر للمؤهلات الخاصة بـ “الغاز الطبيعي المسال”. وكجزء من الصفقة، تصبح “وودسايد” أيضاً شريكاً استراتيجياً في عمليات الحفر.
وبصرف النظر عن دخول الأموال النقدية والمعرفة التقنية، فإن خبرة “وودسايد” في مجال “الغاز الطبيعي المسال” هي التي جذبت إسرائيل بسبب خياراتها المحدودة في التصدير عبر خطوط الأنابيب. وأقرب العملاء هم الأردن والأراضي الفلسطينية، ولكن أسواقهما صغيرة. أما تركيا، فهي عميل محتمل جذاب بسبب حجمها، ولكنها على خلاف سياسي مع إسرائيل. وبناء على ذلك، فإن صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا أو آسيا هي أكثر منطقية، ولكن حجم محطات التسييل المطلوبة على الساحل الاسرائيلي على البحر الأبيض المتوسط أو على البحر الأحمر من المرجح أن يولد معارضة من قبل مناصري حماية البيئة. وتعمل “وودسايد” حالياً على تطوير محطة “غاز طبيعي مسال” عائمة بحجم ست حاملات طائرات من طراز “نيميتز” من أجل عملياتها في أستراليا، ولكن ملاءمة تلك الطريقة لعملياتها في إسرائيل هي موضع نقاش. وأياً كان النهج الذي سيتم اختياره فسيكون مكلفاً – على الأقل عدة مليارات من الدولارات.
وعلى الجبهة السياسية، ليس هناك شك بأن موسكو تشعر بخيبة أمل. فقد شاركت أيضاً شركة “جازبروم” الروسية العملاقة للغاز بالمناقصة لشراء حصة في “لفيتان”، ولكنها تفتقر إلى المؤهلات الخاصة بـ “الغاز الطبيعي المسال”. وقد تخشى الشركة أيضاً من أنه حتى وجود كميات صغيرة نسبياً من الغاز الإسرائيلي قد يهدد دورها باعتبارها المصدّر المهيمن إلى أوروبا. وبالتالي يشكل الانتقام السياسي خطراً حقيقياً: ويُعتقد أن موسكو حذرت إسرائيل بأن روسيا هي الطرف الوحيد القادر على إقناع سوريا و «حزب الله» بعدم استهداف الأرصفة البحرية الإسرائيلية بالصواريخ البحرية من نوع “ياخونت” الموجهة بالرادار التي زودتها روسيا [لكل منهما].
وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن يتم ضخ غاز “لفيتان” من الشاطئ للاستخدام المحلي الإسرائيلي حتى عام 2016، إلا أن الغاز من حقل “تمار” الذي تم اكتشافه في عام 2009، سوف يبدأ بالتدفق في الربع الثاني من عام 2013. ويقع حقل “تمار” على مسافة تبعد أكثر من خمسين ميلاً باتجاه البحر من ميناء حيفا في شمال إسرائيل، بيد سوف يُجلب منه الغاز إلى الشاطئ قرب ميناء أشدود، جنوب تل أبيب. وقد أُرسِل رصيف انتاج ضخم بُني في ولاية تكساس عبر المحيط الأطلسي، وهو بسبيل وضعه قبالة أشدود. وهو أيضاً على مقربة من حقلي الغاز الصغيرين القائمين “نوعا” و”ماري- B”، واللذين استنفدا تقريباً.
إن اهتمام واشنطن في غاز شرق البحر الأبيض المتوسط هو لتشجيع الدول التي كانت سابقاً متعطشة للطاقة مثل إسرائيل وقبرص ولبنان على تطوير الموارد المحتملة والمكتشفة حديثاً. وبالمثل يمكن لحقل غير مستغل قبالة ساحل غزة أن يفيد الفلسطينيين إذا كان من الممكن التوصل الى اتفاق. إن خطوة “وودسايد” تظهر أن المخاطرة برأس المال هي شئ وارد، ولكن التحديات التقنية والتسويق لا تزال هائلة. وتلعب الولايات المتحدة دورها بالفعل في نزع فتيل التحديات السياسية، ويبدو من المرجح أن تزداد هذه المهمة.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.