في تقرير نشرته في شهر أبريل ٢٠١٢، نقلت جريدة “زمان” التركية عن أصدقاء الرئيس “تورغوت أوزال”، الذي توفّي (مسموماً) قبل ١٩ عاماً أنه كان مستعداً للمصالحة مع الأرمن وايجاد جل للنزاع التركي-الأرمني الذي استغرق عشرات السنين. وكان بين أفكاره بالنسبة للقضية الأرمنية فتح باب تركيا لعودة الأرمن إلى تركيا، والتنازل للأرمن عن قسم من أراضي المنطقة التي أقيم فيها “سد فان”!
وكتبت “زمان” أن “العسكريين كانوا يعتبرون أوزال شخصاً ميالاً للتنازل أكثر من اللزوم، ووقفوا ضد سياساته. ولكن أوزال اعتبر أن تركيا يمكن أن تعيش بسلام مع الأرمن الذين استحقوا لقب “ملّة صديقة” في العهد العثماني. وكان يرغب في فتح الباب لعودة الأرمن إلى تركيا”. ومع أن “تورغوت أوزال” كان معروفاً بسياساته الليبرالية، فإن الجمهور التركي لم يكن يعرف وجهات نظره في المسألة الأرمنية.
وكان “اوزال” الذي تسلّم رئاسة الحكومة (من العسكريين) في ١٩٨٣ قد سعى لتعزيز الحرية الدينية وحرية الفكر والتعبير في تركيا، كما كان متجاوبا مع مطالب الأقليات، بما فيهم الأكراد، بالحصول على مزيد من الحقوق.
ويقول أصدقاء “أوزال” ومستشاروه السابقون أنه واجه مسألة “المذبحة الأرمنية” أثناء دراسته للإقتصاد في جامعة تكساس في الخمسينات. وأنه اغتنم الفرصة للنقاس مع أبناء الجالية الأرمنية لمعرفة وجهات نظرهم وأهدافهم. ويضيف هؤلاء أن القضية الأرمنية كانت على جدول أعماله حينما تسلّم رئاسة الحكومة في ١٩٨٣، ولكن هجمات منظمة “أسالا” الإرهابية جعلت صعباً جداً القيام بخطوات جريئة للتقارب بين الأتراك والأرمن.
وفي الكواليس، كان أوزال يؤيد التفاوض مع الأرمن لاعتقاده أن النزاع معهم كان يمكن أن يؤذي مصالح تركيا الدولية. ويقول وزير التعليم في حكومة أوزال أنه طلب من مستشاريه، في العام ١٩٨٤، وضع “سيناريوهات” للثمن السياسي والإقتصادي الذي كان يمكن لتركيا أن تدفعه إذا ما أرادت المصالحة مع الجاليات الأرمنية المنتشرة في أنحاء العالم. وهذا يعادل إعترافاً تركيا بوقوع “إبادة”. ولكن توجهاته لقيت معارضة قوية داخل حزبه نفسه، ومن العسكريين، الأمر الذي دفعه لتجنّب مصارحة الرأي العام بانتظار الوقت المناسب.
وثناء زيارة للولايات المتحدة في ١٩٩١، تساءل أمام مجموعة من الديبلوماسيين والصحفيين، بعد خروجه من اجتماع مع ممثلي الهيئات الأرمنية،: “ماذا يحدث لو توصّلنا إلى حلّ وسط مع الأرمن ووضعنا حداً لهذه المشكلة؟” ولكن سؤاله تسبّب بردود فعل قاسية ضده في تركيا، وداخل حزبه.
مع ذلك، يقول “سليمان رومان”، الذي عمل مع “أوزال” في عدة مشاريع، بما فيها مشروع “سد فان”، أنه كان مصمّماً على إعادة قسم من أراضي “فان” للأرمن في ‘إطار المصالحة التاريخية.
وقد تخلّت تركيا عن أفكار المصالحة مع الأكراد، ومع الأرمن، بعد وفاة “تورغوت أوزال” (أو اغتياله).
*
تشريح جثمان الرئيس التركي الاسبق تورغوت اوزال يكشف وجود مواد سامة
وكالة الصحافة الفرنسية- كشفت الفحوص السمية لجثمان رئيس الجمهورية التركي الاسبق تورغوت اوزال الذي توفي عام 1993، وجود اربعة انواع مختلفة من السموم كما ذكرت السبت صحيفة تودايز زمان الموالية للحكومة.
فقد رصد الاطباء كميات من المبيد الحشري دي.دي.تي تزيد عشر مرات عن المعدل الطبيعي اضافة الى اثار كادميوم،وهو عنصر فلزي ثقيل، وبولونيوم وامريكيوم وهما مادتان مشعتان كما اوضحت الصحيفة الصادرة بالانكليزية نقلا عن مصادر في مجلس الطب الشرعي.
وترى هذه المصادر ان اوزال يمكن ان يكون مات مسموما بهذه المواد حسب الصحيفة التي اوضحت ان تقرير الطب الشرعي سيقدم قريبا الى القضاء.
واشارت الصحيفة الى ان الامريكيوم والبولونيوم اضعفا على ما يبدو صحة الرئيس ليسرع مبيد الدي دي تي، الذي دس له في الغذاء او الشراب، في الاجهاز عليه.
وقد تم اخراج جثمان تورغوت اوزال من قبره في اول تشرين الاول/اكتوبر الماضي بقرار من القضاء لاجراء عملية تشريح تحدد من خلالها اسباب وفاته بعد ان اكد عدد من افراد اسرته لمدة عقدين من الزمن انه مات مسموما.
ورسميا اعلنت وفاة اوزال الذي انتخب عام 1989، بازمة قلبية عن 65 عاما وهو في منصبه. ومنذ ذلك الحين تزايدات الشائعات بشان اسباب وفاته. وامر الرئيس الحالي عبد الله غول بفتح تحقيق رسمي لتحديد سبب وفاته.
وخلص هذا التقرير في حزيران/يونيو الى ان الرئيس الاسبق مات في ظروف “مشبوهة” واقترح تشريح الجثة لتبديد الشكوك في اسباب هذه الوفاة.
وكان اوزال وهو كردي الاصل، توفي اثناء محاولته ايجاد تسوية تفاوضية للنزاع الكردي، الذي تسبب منذ 1984 في سقوط اكثر من 45 الف قتيل وفقا للجيش التركي.
إقرأ أيضاً: