هل يجب أن أقولها لكما صراحة؟
أن أجهر بها علانية.
حسناً.
سأقولها لكما. كما هي. ولعلكما ستبتسمان في سركما. فما أكثر ما كتمناه في أنفسنا، نعرفه، لكننا نخشى أن نقر به، حتى في حنايا الروح.
أنا أخاف.
نعم.
أخاف.
كلما أردت أن اكتب لكما عن الطبيعة البشرية للنص القرآني، تجداني أتراجع. وأخاف.
والخوف منطقي. أليس كذلك؟
كيف لا أخاف، وكل من حاول التعرض إلى هذه الموضوع مهدد بالتكفير والقتل؟
لكن الحديث عنه اصبح ضرورياً. لامجال للالتفاف على الموضوع.
أتعرفان لماذا؟
لأننا لا زلنا نطرح نفس الأسئلة التي طرحها أجدادنا قبل اكثر من قرن ونصف. نفس الأسئلة. كما هي، بلا تغيير. كأننا فقدنا المقدرة على التفكير والتجديد.
نطرح نفس الأسئلة عن الدولة، عن الشريعة، عن المرأة، عن المواطنة وعن الحياة: “هل يمكننا أن نفصل بين الدين والدولة؟ ما موقع الشريعة من أحكام الدولة الجديدة؟ هل يصح للمرأة ان تتولى دوراً قيادياً؟ (في أي عصر نحيا؟)، هل يمكن لغير المسلم أن يتولى منصب الرئيس؟ ثم هل تتماشى حقوق الإنسان مع الفكر الإسلامي؟ وماذا عن الزواج بأربعة نساء؟ ثم ماذا عن التسري بالجواري؟” لم أنس حديث السلفي التونسي بعد! فلا تلوماني.
نفس الأسئلة نكررها، نبحث عن أجوبة لها، ثم ننسى، ونعيد السؤال من جديد، ونلهث ونحن نعيد، كأننا مصابون بفقدان ذاكرة، يجعلنا لا نعي أننا ندور في حلقة مفرغة، ندور حول أنفسنا.
كأننا رسمنا دائرة ودخلنا فيها، وقلنا لأنفسنا، لا يصح التفكير خارج هذه الدائرة.
الدائرة أسمها القرآن الكريم. فالقرآن الكريم هو كنيستنا. هو كنيستنا. جعلناه رديفاً لله سبحانه وتعالى. إذا شككنا في نصوصه، اصبح إيماننا مطعوناً. أصبحنا كفره.
شببنا وكبرنا على رؤية تقول لنا، إن القرآن هو كلام الله، حرفياً، أنطق به رسوله الكريم، الذي دونه كما هو. بدون تغيير، بدون تبديل. ولذلك تصر هذه الرؤية كلما قرآنا القرآن، أن تبدأ بعبارة “قال الله تعالى”.
ومتى ما بدأناها بهذه العبارة أصبح من الصعب علينا أن ننتقد؛ أن نستغل ملكة العقل التي يفترض أنها تميز الإنسان، تجعله يفكر، يتساءل، ثم يطرح السؤال “هل يصلح هذا الحديث ليومنا هذا”؟
*
نحن ندور في حلقة مفرغة فعلاً. فالتجديد في الدولة والمجتمع يتطلب إصلاحاً سياسياً وفكرياً، وقبله إصلاحاً دينياً.
والإصلاح الديني الذي اعنيه لا يقبل بعبارة “المشكلة في الإسلام هم المسلمون أنفسهم، الذين لم يفهموا دينهم” أو “المشكلة في الإسلام هم المفسرون الذين لم يعرفوا كيف يفسرون القرآن”.
لا. لم يعد هذا الحديث مقنعاً. فلنخرج معاً من هذه الدائرة المغلقة للتفكير.
دعوني أقولها لكما بوضوح، مشكلة ديننا الإسلامي الحنيف يتعلق بالنص الديني نفسه.
المشكلة في النص.
وفي إصرارنا على أن هذا النص هو كلام الله المنطوق. وليس نصاً نطق به الرسول الكريم على مدى عشرين عاماً، في سجاله مع محيطه ومن حوله.
ولأننا نصر على ذلك اصبح من الصعب علينا أن ننتقد النص الديني. والنقد ضروري، لا مفر منه.
هذه هي مشكلتنا.
نحن نصر على أن كل الكتب السماوية الدينية الأخرى محرفة، حرفها البشر، الكهنة والقساوسة. إلا كتابنا نحن. وخرجنا على أنفسنا بنظرية أن الله عز وجل حفظ القرآن الكريم من التحريف. وعندما نطرح السؤال، ولماذا لا يجرى على القرآن ما جرى على الكتب الدينية الأخرى، يأتي الرد، لأن هناك نصاً في القرآن يقول ذلك! كأن وجود هذا النص هو دليل على مصداقية هذه الفرضية؟ كيف تثبت النص بالنص نفسه؟
وأنا أتساءل، لماذا نستثني القرآن من بشرية نصوصه؟ الدراسة التاريخية للكتب السماوية الأخرى اظهرت ان من كتبها بشر. لم يقلل هذا من قيمتها الدينية، لكنه مكنها من فصل الدين عن الدولة، والبحث عن حلول عصرية لواقعها.
نفس الشيء يمكننا أن نقوله عن القرآن الكريم. نطق به بشر، وكتبه بشر، ولن يضيرنا كثيرا لو أقررنا بذلك.
لو فعلنا ذلك سنستريح ونريح. وسنبدأ فعلاً في مرحلة الإصلاح الديني. سنبحث عن حلول لواقعنا بعيداً عن قال النص كذا وكذا. بل لنقل نحن، ولنتحمل مسؤولية مصيرنا.
حينها فقط سنتمكن من الإصلاح الديني الجذري، لأننا سنتمكن من قراءة نصوص القرآن دون هالة التقديس التي تمنعنا من نقدها.
سُتمكننا مثلاً من القول إن عبارة “وما ملكت أيمانكم” التي وردت في النص القرآني مرتبطة بتاريخها. تاريخ القرن السابع الميلادي الذي كان لا يجد غضاضة في تملك الجواري والعبيد.
لكني مع احترامي لتاريخية هذا النص، لن اقبل به كمرجع ينظم حياتي ويحمي كرامة الإنسان وحقوقه في زمننا هذا. لن أقبل بالعبودية، لأنها وردت في القرآن الكريم. بل سأرفضها.
ستمكنننا من النظر إلى النصوص التي تدعونا إلى “قتل الكفرة والمشركين” باعتبارها نصوصا متعلقة بمرحلة تاريخية مختلفة. لكنها بالتأكيد لا تصلح أساساً ينظم مفاهيم المواطنة في دولة حديثة.
*
سر معروف مكنونه، لكننا لا نريد أن نراه. ولذلك ظل السر مكشوفاً، لكننا نحن من يغطيه بعقولنا.
القرآن الكريم تراثي الديني. احترمه، وأجله، لكني لا أقدسه.
فالتقديس يعني أن أخذ بكل ما فيه دون تفكير، دون تمحيص، ودون نقد. والنقد، أكرر، ضروري، لا مفر منه.
لا أقدسه، كما تقدسه المؤسسة الدينية. تعتبره صنماً، وتعبده، ثم تحله محل الله، وتقول هو الله. ومن قال غير ذلك فقد كفر. وتنسى في الوقت نفسه أن تعبد الله بدلاً منه. تنسى أن تبحث عنه في النور من حولها.
لكننا رضعناه خوفاً. تعلمناه منذ طفولتنا، أنا وأنتِ وأنتَ، أن الإيمان يجب أن يكون كما يقولون. ومن خرج عن هذا الرأي اصبح كافراً.
اليوم أخرج عن هذا الرأي. رغم خوفي. ومع خروجي عنه أمزق معه هذه الشرنقة.
وأقول لكما، إنه بالإمكان أن يكون الإنسان مسلماً ويقول ببشرية القرآن الكريم.
هذا ممكن.
أكررها. يمكننا أن نكون مسلمين ونقول ببشرية القرآن الكريم. ثم نخرج عن إطاره في حياتنا.
فالمسألة ليست كما تصورها لنا المؤسسة الدينية: “إما أن يكون الإيمان كما تقول أو لا نؤمن”.
أنا مؤمنة، لكني لا أؤمن كما يؤمنون.
تماماً كما أني لم أخرج من دائرة الإيمان.
لأن إيماني بالله عز وجل لا يعتمد على كتاب ديني، أياً كان هذا الكتاب.
أكررها لكما: إيماني بالرحمن عز وجل لا يعتمد على كتاب ديني.
والغريب، أني يوم وصلت إلى هذه القناعة زاد إيماني أكثر.
أصبحت استشعر الرحمن روحانيةً في الكون بأسره، في الطفل وهو يبتسم، في الزهرة وهي تتفتح، في النسمة وهي تلحف وجهي، وفي الإنسان والخير الذي فيه.
نعم، في النور وضياءه.
استشعر هذه الروحانية وأعيشها بكل جوارحي.
ربما لذلك بدأ ذلك الخوف الذي الجمني كثيراً يتلاشى.
يتلاشى تدريجيا، كالظلام يتبدد أمام ضياء الفجر.
فلا تكفراني.
بل تدبرا فيما قلته.
ثم إبحثا بنفسيكما عن رد لهذا السؤال: لمَ نستثني القرآن من بشرية نصوصه؟ وحبذا لو بحثتما عن الرد من خارج إطار القرآن الكريم.
موعدنا الأسبوع القادم.
elham_manea@bluewin.ch
كاتبة يمنية- سويسرا
نصوصنا السماوية نحترمها… لكنها بشرية (٣)
نصوصنا السماوية نحترمها.. لكنها بشرية 4
أختاه أنا معك في وجوب فصل الدين عن الدولة وتحرير العقل من كل الموروث التاريخي الذي نحكم به حاليا ولكن لا أتفق معك بخصوص التشكيك بأن القران الكريم ليس بكلام الله وأنه قد يكون تم تحريفة.وأتمنى عليكي أن تصلي معي الى نفس النتيجة الماثلة أن الانحراف في المنهج الالهي انما جاء من بوابة الحديث والتفسير الخاص بالقران الكريم المرتبط بأهواء من يسمون أنفسهم بالعلماء ومشائخ أرجو أن تطلعي على موقع المهندس عدنان الرفاعي للمزيد من فهم ما أريد قوله ودمتمي أختا عزيزة وغالية
نصوصنا السماوية نحترمها.. لكنها بشرية 4
to whom it may concern , the problem is how we understand the holey Quoran,yes holey ,andthe society and the relegious men or the whole burocratic moslem systeme wish need to be reformating pls don t be so agressive toward islam as religion and holey Quoran .
نصوصنا السماوية نحترمها.. لكنها بشرية 4
ثم ماذا بعد؟!!
تشككين في القرأن الكريم اولا, ثم الرسول الرحيم, ثم تنفين وجود الخالق؟!!!!
اليس من الاجدر ان تتعمقي في نصوص القرأن ومحاولة تفسيره علميا وعمليا ومحاولة ربطه بالواقع (الماضي والحاضر والمستقبل) من ان تجدي نفسك تأهة في نفسك؟!!!!!!
تعمقي يا اختاه وستجدي ضالتك انشالله.
نصوصنا السماوية نحترمها… لكنها بشرية 4
اكثر مشاكل البشرية سببها الاديان، الاديان هي اكبر وهم يعيشه الانسان، الحياة بلا اديان افضل واجمل، لقد اخترع الانبياء وغيرهم الاديان لكي يسيطر على البشر في فترات غابرة واستغل رجال الدين سذاجة الناس في هذه الايام ليسيطروا على عقولهم، اي انسان يفكر بتجرد عن موروثاته سوف يكتشف الحقيقة.
نصوصنا السماوية نحترمها… لكنها بشرية 4
الله ينور بصيرتك ياعبدالله
نصوصنا السماوية نحترمها… لكنها بشرية 4
I agree with you wholeheartedly. I am quite certain that if thereis a GOD who created this magnificent Universe HE/SHE will not allow slavery, nor wife beating. Since all three religions (Judaism, Christianity and Islam) do sanction slavery then it follows that non of these religions came from GOD, at least not from the creator of this great Universe!!
نصوصنا السماوية نحترمها… لكنها بشرية 4 لن اتطرق إلى التناقضات في الموضوع، و لا إلى التشكيك في معتقدك (رغم ظهور ذلك)و لكن بما أنًك تؤمني بأن القرآن ليس مقدس أو من عند الله، فلماذا لا تقبلي التحدي و تؤلفي سطراً واحداً مثل القرآن الكريم و تشهدي الناس على ذلك. ألله سبحانه و تعالى تحدى الإنس و الجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن: أين من يقبل التحدي؟؟؟ إن كان من صنع البشر فمن البديهي أن يتمكن أحدهم من كتابة مثله، او سورة واحدة مثله. فهل تستطيعين ذلك؟ و تثبتي للناس جميعاً بأن القرآن من كلام البشر. لم يستطع أحد في… قراءة المزيد ..