يحتفل العالم كل عام في الثامن من آذار/ مارس باليوم العالمي للمرأة، منذ أن إتخذت الأمم المتحدة قرارا بذلك في عام 1975 . غير أن البعض يزعم أن الإحتفال بهذه المناسبة هو من ثمار جهود “الإتحاد النسائي الديمقراطي العالمي” الذي عقد مؤتمره الأول في باريس في عام 1945 ، فيما يزعم البعض الآخر أنه من ثمار المظاهرات التي قادتها النساء الإمريكيات في نيويورك في عام 1909 إحتجاجا على شروط العمل المجحفة وتشغيل الأطفال، ومطالبة بالمساواة والإنصاف والحقوق السياسية، وهو ما دفع النساء الأوروبيات إلى المطالبة بالأشياء ذاتها لاحقا.
قناة “العربية” الفضائية سلطت الضؤ في الثامن من مارس الجاري على اليوم العالمي للمرأة من خلال تقرير غني بالمعلومات والأرقام عما حققه بعض دول العالم من إنجازات على صعيد حقوقهن، من إعداد الإعلامية “سارة الدندراوي”. وهو نفس التقرير الذي إستخدم مضمونه (مع بعض الرتوش) كاتب عمود لبناني مخضرم من كتاب صحيفة لبنانية/لندنية في أحد أعمدته اليومية الأخيرة دونما أن ينسب الفضل إلى صاحبته !
في التقرير المذكور نقرأ الحقائق التالية المثيرة:
• أن جمهورية راوندا الإفريقية هي أكثر دول العالم لجهة تمثيل النساء في البرلمان (45 إمرأة مقابل 35 رجلا في المجلس المكون من 80 مقعدا)، وبذلك تفوقت راوندا في هذا المجال على الدول الإسكندنافية التي ظلت لعشرات السنوات في مقدمة دول العالم الأكثر تمثيلا للنساء، ليس في برلماناتها فقط وإنما أيضا في حكوماتها ومجالسها البلدية.
• أن تايلاند، التي كانت السباقة آسيويا في منح نسائها حقوقهن السياسية بموجب دستور عام 1932 ، والتي دخلت المرأة برلمانها لأول مرة في عام 1949، هي الأفضل عالميا لجهة عدد النساء اللواتي يتولين مناصب قيادية في القطاع الخاص.
• أن مملكة لوسوتو الإفريقية هي الأولى على مستوى العالم لجهة عدد الإناث اللواتي يجدن القراءة والكتابة (95% مقابل 83% للرجال).
• أن سريلانكا هي اكثر بلدان العالم التي حكمتها النساء. حيث تولت السلطة فيها بطريقة ديمقراطية إمرأتان لمدة 23 ســـــــــــنة، هما رئيسة الوزراء “سيريموفا باندرانيكا” (ثلاث دورات إبتداء من عام 1960 ) وإبنتها “تشاندرانيكا كوماراتونغا” إبتداء من عام 1994.
• أن أيسلنده هي أفضل دولة في العالم تقدم لنسائها الرعاية الصحية أثناء فترات الحمل والولادة، ناهيك عن بروزها في المركز الأول على صعيد تقديم خدمات التعليم والتوظيف للنساء وتسهيل سبل إنخراطهن في الشأن العام
• أن النرويج هي أفضل دولة في العالم تقدم التعليم والتدريب لنسائها. لكن النرويج أيضا ذات تاريخ حافل أوسع في الإنجازات النسوية. فهي أولى دول العالم التي دشنت المساواة الجندرية الكاملة، وهي الأولى منذ الثمانينات التي لا تشكل فيها حكومة إلا ونصف أعضائها من الإناث مع منحهن حقائب هامة مثل الطاقة والعدل والدفاع والزراعة، ناهيك عن منح النرويجيات مناصب رسمية رفيعة أخرى مثل مفوضية شرطة العاصمة، ورئاسة جامعة أوسلو الوطنية، وحاكمية المقاطعات القطبية. ويقال أنه لهذه الأسباب مجتمعة صار النرويجيون يشكون من التمييز ضدهم بدليل إطلاقهم في السنوات الأخيرة لحركة رجالية تطالب بالمساواة مع النساء.
• أن اليابان برزت في المقام الأول عالميا لجهة إرتفاع معدلات عمر النساء (85.6 عاما مقابل 78.6 للرجال)، الأمر الذي يشير إلى تقدم الخدمات الطبية المقدمة لليابانيات وتمتعهن بالضمانات الصحية.
• أن دولة قطر تفوقت على العديد من الدول المتقدمة، فجاءت في المركز الرابع كأفضل البلدان التي تتيح لإناثها تعليما جامعيا راقيا.
تعالوا نقارن الآن هذه الحقائق والإنجازات مع أوضاع المرأة العربية التي خرجت وشاركت وصفقت لما سمي بـ “الربيع” أملا في المزيد من الحقوق والحريات، فإذا بها تخرج صفر اليدين، وينقلب عليها “الربيع” المزعوم خريفا، يأكل من رصيد ما بنته وناضلت من أجله لعقود طويلة.
ففي مصر إنخفضت نسبة تمثيل المرأة من 12 % قبل “الربيع” إلى 2% بعده في البرلمان المكون من 458 مقعدا. كما أن المصريات فقدن المقاعد الأربعة والستين المخصصة للمرأة ككوتا. وليس لهن تمثيل يتناسب مع عددهن في لجنة صياغة الدستور الجديد، بل هناك توجه جاد من قبل الجماعات الإسلامية المسيطرة على السلطة التشريعية لسن تشريعات لمنعهن مستقبلا من ترشيح أنفسهن للرئاسة أوإعطائهن المناصب القيادية العليا. وطبعا الفتاوي الدينية في هذا السياق جاهزة ويمكن ان تفصـّـل بحسب مقتضيات الحالة.
وفي تونس التي كان نساؤها يفتخرن بما تحقق لهن من قانون متطور للأحوال الشخصية كحصيلة لسنوات طويلة من الكفاح والعمل، وكملمح من ملامح حقبة التنوير البورقيبية، تبخرت كل تلك الإنجازات في لحظة، وعادت المرأة التونسية وحقوقها إلى المربع الأول. بل بات عليها اليوم التصدي لدعوات ختان الفتيات، على نحو ما دعا إليه “وجدي غنيم” الداعية المصري المطرود من البحرين بأمر ملكي والذي لا يجرؤ على العودة إلى بلده لوجود دعاوي قضائية ضده، وبات عليها مقاومة حركات وجماعات تحرم الرياضة وتصف الرياضيات التونسيات بالعاهرات، وتطالب بعودة نظام الجواري وسوق النخاسة، وتمنع على غير المنقبات الإلتحاق بالصفوف الجامعية، دعك من منع الإختلاط في العمل وحظرالحفلات الفنية والموسيقية وعروض الأزياء.
وفي اليمن التي كانت نساء جنوبها – على الأقل – قد حققن قبل الوحدة مع الشمال قفزات معتبرة نسبيا لجهة نيل حقوقهن الأساسية، واللاتي لعبن دورا محوريا إلى جانب الرجل في الحراك الشعبي ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح، فإن في إنتظارهن مستقبلا مظلما في ظل تصاعد نفوذ الجماعات السلفية والقبلية وتنظيم القاعدة في حقبة ما بعد “الربيع”. وأرجو ألا يتخذ أحد من فوز إحداهن بجائزة نوبل كدليل على أن “الربيع” سيأتي لهن بالزهور والأفراح. فقراءة سريعة في سيرتها يبين أنها كانت مجرد أداة دربتها الولايات المتحدة في معاهدها “الديمقراطية” و”الجمهورية” من أجل أغراض معينة، أي كما دربت المعاهد ذاتها وللأغراض نفسها شبابا وشابات من مصر والبحرين وغيرهما.
وفي البحرين التي حاولت فيها المعارضة الطائفية إستنساخ “الربيع” نرى النساء يقدن كالقطيع في المظاهرات تحت ستار الحقوق والحريات، وهو قول حق يـُراد به باطل لأن نائب الولي الفقيه الإيراني في البحرين المدعو “عيسى قاسم” الذي تأتمر المعارضة بأوامره هو نفسه الذي عطل قانونا عصريا للأحوال الشخصية قبل عدة سنوات، بل هو نفسه الذي وقف في وجه منح المرأة حق الترشح والإنتخاب حينما كان عضوا في المجلس التأسيسي الذي صاغ دستور عام 1973.
أما الكويت التي سبقت كل شقيقاتها الخليجيات لجهة إشغال نسائها لمختلف الوظائف والمناصب القيادية، والتي حصلت فيها المرأة على حقوقها السياسية في مايو 2005، وتم تعيين أول إمرأة في حكومتها في العام نفسه كوزيرة للتخطيط والتنمية الإدارية، قبل أن تفوز أربع من نسائها بمقاعد برلمانية في إنتخابات 2009 ، فإن المرأة خرجت من إنتخاباتها الأخيرة في فبراير 2012 خالية الوفاض دون أي مقعد، بل إنها لم تـُمنح حتى حقيبة يتيمة في الحكومة الجديدة، وكأنها لا تمثل نصف المجتمع ولا رأي لها في حاضر الوطن ومستقبله.
والحال أن المرأة العربية، بسبب “الربيع” المزعوم، ملزمة اليوم بالدفاع عما حققته من مكاسب سابقا، وليس توسعة رقعة تلك المكاسب! وهذه بطبيعة الحال مصيبة لا نملك معها سوى أن نقول لهن “أحسن الله عزاءكن”.
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
elmadani@batelco.com.bh
لا عزاء للمرأة العربية بعد “الربيع” فحيثما كان العدل فثم شرع الله. ان الديمقراطية واحترام حقوق الانسان تعنى السواء اي العدل اي المساواة. النظام السوري الدموي السرطاني الارهابي حكم البلاد 49 عاما عجافا نشر فيها الاستبداد والفساد وللقتل والمجازر والارهاب في المنطقة وايضا عبادة الفرد والاسرة واخيرا فصل دستور يريد فيه ان يكرس الديكتاتورية والاستبداد فاعطى للرئيس المسلم صلاحيات لا يحلم بها اي طاغية في العالم ولا حتى فرعون قديما.ومن المستغرب كيف ان وزير خارجية روسيا اصبح الناطق الرسمي للنظام السوري الدموي فهو يتحدث اخيرا بالطائفية ويتخوف من دولة سنية ولا ينظر على ان ايران شيعية. ثم اصبح من الواضح… قراءة المزيد ..