مجزرة الأحد التي تعرّض لها متظاهرون أقباط في القاهرة لم تكن عملية طائفية فحسب، بل كانت “إنقلاباً عسكريا” شارك فيه المجلس العسكري أو بعضه من أجل استعادة السيطرة والدفاع عن امتيازات النخبة العسكرية. بمنطق العسكر “إقمع الأقباط لكي يفهم المسلمون”! الأنباء السابقة كانت أشارت إلى أن الجيش يريد “ضمانات” (!!) وأنه لا يقبل أن يقوم رئيس مدني بتعيين قيادات القوات المسلحة! أي أن الجيش يريد لنفسه دوراً يفوق دور الجيش التركي. وهذا غير مقبول من شباب الثورة.
المواجهة الآن، في مصر، مع الجيش. وقد أحسن شباب الثورة بالمطالبة بمحاسبة “المسؤولين العسكريين” عن المجزرة.
*
شارك قرابة ثلاثة الاف شخص الخميس في وسط القاهرة في سهرة على ضوء الشموع بعد المواجهات الدامية التي اوقعت 25 قتيلا الاحد بين متظاهرين اقباط وقوى الامن، كما افاد مراسلو فرانس برس.
وشارك في التجمع بميدان طلعت حرب مسلمين ومسيحيين للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن العنف الذي تسبب كذلك باصابة 300 شخص بجروح.
وحمل نحو 200 شخص الشموع تكريما لذكرى “الشهداء”.
وطالب المشاركون على لافتة بتوقيف الضباط المسؤولين عن “مجزرة ماسبيرو” حيث حصلت المواجهات امام مبنى اتحاد الاذاعة والتلفزيون.
وهتف المشاركون “هذه ليست حربا طائفية وانما مذبحة عسكرية”، و”الشعب يريد اسقاط المشير” حسين طنطاوي، قائد القوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحي حسني مبارك في شباط/فبراير.
وطالب المتظاهرون كذلك بمحاسبة وزير الاعلام اسامة هيكل على تغطية الاحداث في التلفزيون المصري والتي اعتبروها منحازة وتحض على الفتنة.
واكد عدد من الشهود ان الجنود اطلقوا النار على المتظاهرين وان العديد من الاشخاص قتلوا دهسا تحت عجلات المدرعات.
ونفى الجيش المصري خلال مؤتمر صحافي الاربعاء استخدام القوة المفرطة في تصديه للتظاهرة القبطية.
واتهم بيان وقعه 17 حزبا مصريا وعدد من الشخصيات العامة المجلس العسكري الحاكم الخميس بارتكاب “مذبحة ماسبيرو”، واعتبروا ما حصل “مؤامرة مكتملة الاركان قادها المجلس الاعلى للقوات المسلحة لذبح متظاهرين سلميين مسيحيين ومسلميين خرجوا للمطالبة بالمساواة بين كل المصريين في الحقوق والواجبات”.
وضم الموقعون حزب الاشتراكيين الثوريين، وائتلاف شباب الثورة، واحد فصائل “حركة 6 ابريل” وكلها تمثل الشباب المؤيد للديموقراطية الذين اطلقوا حركة الاحتجاج مطلع 2011.
وطالب البيان، الذي القاه عضو حزب الاشتراكيين الثوريين هيثم محمدين، “بمحاكمة كل المتورطين في المذبحة بدءا من قائد الشرطة العسكرية اللواء حمدي بدين ومحافظ اسوان مفجر الازمة”، في اشارة الى الهجوم على كنيسة في قرية في محافظة اسوان والانتقادات التي وجهت للمحافظ لتعامله مع الحادث.
كما اتهم البيان الاعلام الحكومي “بطمس الحقائق وقلب الادوار ليصبح الجلاد ضحية ويصبح الضحايا هم المجرمون”.
وطالب البيان “بتطهير الاعلام الحكومي من كل المتورطين في خداع المواطنيين وتزييف الحقيقة بإلغاء وزارة الاعلام وتحويل المؤسسات الاعلامية الحكومية الى مؤسسات مستقلة.
واكد البيان على “ضرورة حل مشاكل المواطنين المسيحيين والاستجابة لمطالبهم العادلة بإصدار القانون الموحد لبناء دور العبادة وتغليظ عقوبات انتهاك حرمة دور العبادة والجدية في محاكمة كل المتورطين في اعتداءات سابقة”.
وافتتحت عضو المكتب التنفيذي الائتلاف “شباب الثورة” سالي توما المؤتمر الصحافي بكلمة قالت فيها “هذا اليوم ليس يوم حداد للمسيحيين المصريين لكن للمصريين جميعا.. يوم حداد على اعلامنا الرسمي وعلى العلاقة التي انتهت مع المجلس العسكري”.
وقالت ان الاحزاب المشاركة في التوقيع على البيان قررت عقد المؤتمر الصحافي الخميس للرد على المؤتمر الذي عقده المجلس العسكري الاربعاء “وما حمله من تزوير للوقائع”.
وخلال المؤتمر تحدثت عضو مركز النديم لحقوق الانسان الطبيبة ماجدة عدلي التي راقبت تشريح ثمان من جثث القتلى ان “بعضها (اصيب) بطلق ناري واحد ما يدلل على احتراف بالقتل لا يستطيعه الانسان العادي، وكذلك الى جثث تعرضت للدهس بمركبات ثقيلة”.
تلا ذلك تقديم شهادات محامين وشهود، وعرض شريط فيديو ظهر فيه عسكري يركب حافلة نقل عام يقول لجمهور يقف خارج الحافلة انه اطلق ثلاث رصاصات في صدر احد المتظاهرين المسيحيين.
وقد ازدادت في الايام الاخيرة التصريحات التي تعبر عن القلق على سلامة الاقباط ومستقبل العملية الانتقالية في مصر، بدءا بالرئيس الاميركي باراك اوباما وصولا الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، فضلا عن دعوة البابا بنديكتوس الى “الحفاظ على التعايش السلمي”.
وتعد اعمال العنف التي وقعت الاحد هي الاكثر دموية منذ تنحي مبارك، وقد جرت قبل اسابيع من اول انتخابات نيابية مقررة في 28 تشرين الثاني/نوفمبر.