تدور داخل الأوساط الشيعية اللبنانية نقاشات وحوارات معمقة حول التطورات الجارية في الوطن العربي عامة وفي سوريا على الأخص، ويدور السؤال الأساسي حول الموقف الذي يجب اتخاذه من هذه التطورات. ومع ان الأوساط الإسلامية الشيعية، وخصوصاً حزب الله، رحبت بقوة بالثورات الشعبية في تونس ومصر والبحرين وليبيا واليمن، فإنها أبدت بعض التحفظ ازاء ما يجري في سوريا نظراً إلى الدور السوري في دعم قوى المقاومة في لبنان وفلسطين وخوفاً من انجرار الأوضاع هناك الى صراعات طائفية أو مذهبية. وقد أدت مواقف الحزب الداعمة للنظام (رغم تأييد الاصلاح والتغيير السياسي)، الى بروز انتقادات قاسية للحزب وأمينه العام السيد حسن نصر الله في أكثر من دولة عربية، وجرت للمرة الأولى عمليات احراق لأعلام الحزب في بعض المدن السورية.
وفي موازاة مواقف الحزب المعلنة برزت بعض الأصوات الشيعية المستقلة التي تدعو لدعم الشعب السوري في تحركاته الاحتجاجية وللتوقف عن دعم النظام، وذلك استكمالاً للمواقف الداعمة للتحركات العربية ومن أجل التأسيس لعلاقات مستقبلية مع الشعب السوري بغض النظر عن حصول أي تغيير في النظام القائم.
وقد عمد أصحاب هذه المواقف الى نشر مقالات في بعض الصحف والمشاركة في بعض التحركات الداعمة للشعب السوري، اضافة الى بدء النقاش مع شخصيات لبنانية اخرى لتشكيل اطار جديد يكون مستقلاً عن حركة أمل وحزب الله تحت عنوان «التجمع المدني اللبناني»، وقد عقدت سلسلة لقاءات تحضيرية لبحث هذا الملف خلال الأسابيع الماضية.
فما هي طبيعة الاشكالات التي يطرحها الشيعة المستقلون بشأن الموقف من الوضع السوري؟ وما هو موقف حزب الله من هذه الاطروحات؟ وهل سيستطيع الحزب تقديم رؤية جديدة تجاه الوضع السوري؟
الأصوات المستقلة
بداية ما هي وجهة نظر الأصوات الشيعية المستقلة تجاه التطورات في سوريا التي يعبرون عنها من خلال مقالات تنشر في بعض الصحف أو عبر لقاءات وحوارات خاصة أو من خلال المشاركة في التحضير لاقامة تجمع سياسي مستقل تحت اسم «التجمع المدني اللبناني»؟
يعتبر هؤلاء المستقلون «انه لا يمكن ان يكون هناك موقفان تجاه الثورات العربية، فمن يدعم الثورة الشعبية في مصر وتونس والبحرين واليمن وليبيا، لا يمكن ان يقف مكتوف الأيدي أمام التحرك الشعبي في سوريا الذي يهدف إلى إقامة دولة ديمقراطية والحصول على الحريات وانهاء نظام حكم الحزب الواحد. لذا، لا بدّ من دعم الشعب السوري وعدم القبول بأي استهداف أمني أو عسكري له».
ويضيفون «ان المطلوب عدم ربط الموقف الشيعي بالنظام السوري الحالي برئاسة الدكتور بشار الأسد رغم الدعم الذي قدَّمه لقوى المقاومة في لبنان وفلسطين، بل المطلوب العمل لاقامة علاقة مع كل الشعب السوري لأن هذا الشعب سيقف دائماً الى جانب المقاومة بغض النظر عن تغير النظام أو الحكام، وان سوريا تاريخياً كانت الى جانب القضية الفلسطينية وفي مواجهة المشروع الصهيوني، وأي تغيير سيحصل سيكون لصالح المقاومة وليس العكس».
أما عن التخوف من حصول احداث طائفية أو مذهبية بسبب التطورات في سوريا فيعتبر هؤلاء المستقلون «ان المطلوب العمل لعدم تحوير التحركات الشعبية في سوريا نحو الاتجاه المذهبي أو الطائفي، وهذه مسؤولية جميع القوى أيضاً مسؤولية حزب الله وحركة أمل وايران وذلك من خلال دعم الحراك الشعبي السوري وعملية التغيير والاصلاح وبذلك يتم تجنيب المنطقة الصراعات الطائفية والمذهبية والمساهمة في اقامة دولة ديمقراطية ومدنية تتسع لكل أبناء الشعب السوري بدون تمييز».
رؤية حزب الله
لكن ماذا يقول المسؤولون في حزب الله حول الموقف مما يجري في سوريا؟ وهل يمكن ان تتغير رؤية الحزب تجاه الوضع السوري؟
المسؤولون في حزب الله سواء في مواقفهم العلنية أو في اللقاءات الخاصة يؤكدون انهم مع عملية الاصلاح والتغيير السلمية في سوريا والاستجابة للمطالب الشعبية وان الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد أبدى استعداده للاستجابة لهذه المطالب وبدأ تحقيق بعضها، لكن تحوُّل التحركات الشعبية الى احداث مسلحة وبروز مخاوف من تدهور الأوضاع في سوريا نحو حرب اهلية ونزاعات طائفية ومذهبية، قد يكونان السبب في بطء عملية الاصلاح ولجوء النظام الى الاسلوب الأمني والعسكري لمواجهة التحركات الشعبية.
ويبدي المسؤلون في الحزب تخوفاً كبيراً من بعض المواقف اللبنانية التي تدعو لمواجهة النظام السوري والتي قد تؤدي الى نتائج سلبية على لبنان واللبنانيين، لأن أية احداث أمنية أو عسكرية كبرى قد تحصل في سوريا سيكون لها نتائج سلبية في لبنان.
وقد لوحظ ان مواقف المسؤولين في الحزب العلنية بدأت تشهد بعض المرونة والايجابية تجاه التحركات الشعبية السورية وذلك عبر التأكيد أن الحزب يدعم عملية التغيير والاصلاح وانه ضد استخدام العنف ضد المدنيين من أية جهة أتى وان الحزب مع الحوار لأنه الطريق الوحيد للاصلاح السياسي ولمنع تدهور الأوضاع نحو اتجاهات خطيرة. وقد تزامنت مواقف المسؤولين في الحزب مع بعض المواقف الايرانية الرسمية والشعبية التي تؤكد دعم خيارات الشعوب، وقد نفى حزب الله كل الأخبار والتقارير التي لمحت الى مشاركة عناصره في قمع المحتجين في سوريا واعتبر ان نشر هذه الأخبار يهدف للاساءة للحزب ولبث أجواء الفتنة.
اذن، حزب الله أمام منعطف حساس وخطير في ظل ما يجري في سوريا والنقاشات داخل الأوساط الشيعية مستمرة وهناك دعوات واضحة لضرورة ان يكون الموقف الشيعي مما يجري في سوريا منسجماً مع رغبات الشعب السوري، وإن كان حزب الله وحلفاؤه يوازنون كثيراً بين دعم المطالب الشعبية في الاصلاح وبين الخوف من انجرار الوضع السوري نحو مشاكل أمنية وعسكرية. وازاء كل ذلك تصبح هناك حاجة كبرى لبلورة خطاب جديد أو رؤية جديدة لدى حزب الله تكون قادرة على المواءمة بين علاقته التاريخية مع النظام السوري الداعم للمقاومة وبين ضرورة دعم عملية الاصلاح والتغيير السياسي في كل الدول العربية بدون أي استثناء.
kassem_1960@hotmail.com
كاتب لبناني
مجلة الأمان
نقاشات في أوساط شيعية: هل يستطيع حزب الله تقديم رؤية جديدة تجاه الوضع السوري؟
ماشاء الله …شو هالتربية والاخلاق يلي بدن ايانا نتعلمها…. الغدر …التخلي عن الصديق في وقت ضيقه… هذا غباء….ذكرني المقال بالمثل ( أكلت يوم أكل الثور الابيض )
نقاشات في أوساط شيعية: هل يستطيع حزب الله تقديم رؤية جديدة تجاه الوضع السوري؟ حزب الله ذراع ايراني على المتوسط ، لن تتخلى طهران عنه ، ولن يتخلى هو عن دمج متاولة عاملة في ” الدور الطبيعي لتفكيرهم”.وسورية هي خط الامداد الذي اقره الغرب عندما اكتفى بالمراقبة البحرية ،كون البحر متصل بالشواطىء الاوربية!أي ان المهمة البحرية للمتعددة الجنسيات هي منع خروج السلاح الى اوربا.( كما فهمتهامن نتائج ممارساتها).وبالتالي فما يتردد عن تفاهم هلالين على سورية ، وينعكس لبنانيا، كما استشفيته من التسريبات ،معها و ضدها، وما فسرته من تظاهرة اخوان لبنانأما السفارةالسورية و التي تمت بعد زيارتهم لحزب الله، ظهر… قراءة المزيد ..