عمان (رويترز) – قال شهود عيان يوم الاثنين إن قوات الأمن السورية طوقت مدينة بانياس الساحلية مساء الأحد بعد مظاهرات مؤيدة للديمقراطية وحوادث قتل قامت بها قوات غير نظامية موالية للرئيس السوري بشار الاسد.
وفي العاصمة قال طلاب بجامعة دمشق ان طلبة من كلية العلوم تظاهروا بالجامعة.
وذكر نشط أنه تلقى رسائل نصية عبر الهاتف المحمول تفيد بأن قوات الامن السورية قتلت طالبا وطوقت الحرم الجامعي. لكن صفحة تابعة للحكومة السورية على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي قالت ان قوات الامن سيطرت على هذا الانفلات الأمني ونفت سقوط أي قتلى.
وكان رد فعل الاسد في مواجهة احتجاجات غير مسبوقة ضد حكمه المستمر منذ 11 عاما هو استخدام القوة وفي الوقت ذاته وعود بالمضي في اتجاه الاصلاح بما في ذلك رفع حالة الطواريء المطبقة منذ نحو خمسين عاما.
واندلعت أعمال العنف في بانياس التي تضم احدى مصفاتي نفط في سوريا يوم الأحد عندما أطلقت قوات غير نظامية من العلويين تعرف باسم “الشبيحة” النار على السكان ببنادق آلية من سيارات مسرعة.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان أربعة أشخاص قتلوا في المدينة الساحلية. وذكرت السلطات أن جماعة مسلحة نصبت كمينا لدورية قرب بانياس مما أسفر عن مقتل تسعة جنود.
وذكر نشطاء ومحتجون ان الطرق الى بانياس أغلقت.
وقال أنس الشغري أحد زعماء المحتجين لرويترز من بانياس ان الكهرباء مقطوعة منذ يوم الأحد وان الناس خائفون جدا. وأضاف أن الجيش نشر أفرادا من المشاة في بانياس كما أنه وضع نقاط تفتيش داخل المدينة وحولها.
وفي مواجهة تحد غير مسبوق لحكمه الشمولي قال الاسد ان المحتجين جزء من مؤامرة خارجية لاذكاء الفتنة الطائفية.
واستخدم والده الرئيس الراحل حافظ الاسد لهجة مماثلة عندما قمع المعارضين من اليساريين والاسلاميين لحكمه في الثمانينات مما أسفر عن مقتل الالاف.
ويرفض زعماء الحقوق المدنية والشخصيات المعارضة هذه المزاعم وأصدروا اعلانا في الشهر الماضي ينبذون فيه الطائفية وأعربوا فيه عن التزامهم بالتغيير الديمقراطي السلمي وذكروا أن الشعب السوري كله يعاني من القمع.
وينتمي الاسد الى الاقلية من العلويين الذين يمثلون نحو 10 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 20 مليون نسمة.
وقال محام علوي نشط في مجال حقوق الانسان ان العلويين شأنهم شأن أقليات أخرى يعانون من الانظمة القمعية يخشون المجهول في حالة سقوط النظام. لكنه أضاف أن هذا لا يعني أنهم يؤيدون العنف الذي ينتهجه النظام.
وامتدت الاحتجاجات في أنحاء سوريا رغم محاولات الاسد نزع فتيل الاستياء من خلال اتخاذ خطوات تهدف الى تنفيذ مطالب مثل انهاء حالة الطواريء المستمرة منذ نحو 50 عاما واسترضاء الاقلية من الاكراد وكذلك المحافظين من السنة.
وفي تكثيف لحملة قمع للمعارضة الشعبية التي دخلت الان اسبوعها الرابع انتشرت قوات الامن في دبابات خلال الليل قرب مصفاة بانياس النفطية وحيث يقع المستشفى الرئيسي في المدينة.
وترددت أصداء اطلاق نار في المدينة يوم الأحد. وقال أحد نشطاء حقوق الانسان في بانياس لرويترز ان ثلاثة مدنيين على الاقل قتلوا عندما جاء “الشبيحة” من الجبال المجاورة التي تطل عليها بانياس.
وقتل 90 شخصا على الاقل في المظاهرات التي اندلعت لأول مرة في مارس اذار للمطالبة بالافراج عن تلاميذ مدارس كتبوا شعارات على جدران مدرستهم في مدينة درعا الجنوبية تدعو للديمقراطية ثم تطورت فيما بعد للدعوة الى حرية أكبر وانهاء حكم الاسد.
وسيكون لاي تغيير سياسي في سوريا تداعيات أوسع لانها تقع في قلب الصراع العربي الاسرائيلي. وتقيم عائلة الاسد الحاكمة في سوريا تحالفا مناهضا لاسرائيل مع ايران وتدعم كلا من حزب الله اللبناني وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) ولكنها ما زالت تسعى للتوصل لاتفاق سلام مع اسرائيل.
وأدان الغرب استخدام سوريا للعنف ولكن من غير المحتمل ان تواجه تلك الدولة الاستراتيجية التي تحدها كل من اسرائيل والعراق والاردن ولبنان وتركيا تدخلا اجنبيا مثلما حدث في ليبيا ما لم يصل معدل القتل الى ما شهدته الثمانينات.
وكانت قوات موالية للرئيس الراحل حافظ الاسد أغلبها من العلويين هاجمت مدينة حماة انذاك للقضاء على انتفاضة قادها الاخوان المسلمون. وسقط ما يصل الى 30 ألف قتيل.
وقال دبلوماسي “للأسف فان القوات الامنية في سوريا مرتبطة بالنظام أكثر مما هو الحال في ليبيا. المحتجون السوريون يتغافلون عن الاحتمال الواضح في أن النخبة الحاكمة ربما لن تتردد في قتل الالاف للتمسك بالسلطة.”
وكثفت السلطات من قمع الاعلام المستقل منذ بدء الاحتجاجات وطردت مراسل رويترز في دمشق واحتجزت أربعة اخرين من صحفيي رويترز لعدة أيام. وقالت وكالة اسوشيتد برس للانباء أن اثنين أيضا من صحفييها طردا.
وأنحت سوريا باللائمة في الاضطرابات التي لم يسبق لها مثيل على “جماعات مسلحة” تطلق النار بشكل عشوائي على المواطنين وعلى قوات الأمن على حد سواء ولا يسمح الا بوصول التلفزيون الحكومي الى المناطق المضطربة.
وتظاهر نحو ألفي شخص في بانياس يوم الجمعة رددوا خلالها “الشعب يريد اسقاط النظام” كما فعل المتظاهرون في ثورتي تونس ومصر.