أشرقت شمسنا تملأ أرضنا ضياءً، وتنادي على كل الطيبين من أهل سورية الأحرار: لكل أجل كتاب، ولكل ظالم يوم، ولكل ليل نهاية، وقد طلع فجرنا وانطلقت انتفاضة شعبنا، وهديرها لاأحلى ولاأجلّ: الشعب السوري مابينذل، ونحن كلنا إخوة طلّ. ورسالتها إلى من يهمه الأمر: البقاء لله.
قالوا: لسنا تونس ولسنا مصر، وفي البلدين سقط النظام ورحل الديكتاتور. واشتعلت الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى وكان ظنهم ألا تشتعل لأنها غير تونس ومصر كما يظن السورييون بأنفسهم. وبما أن نظام ملك ملوك أفريقيا أقرب ما يكون إلى النظام السوري شبهاً وتشابهاً، فاعتصموا بالصمت وما قالوا أنهم ليسوا ليبيا وليسوا القذافي الذي بدا في غاية التناحة والغباوة، ومتوحشاً في مواجهة شعبه قتلاً وإبادة، بل اعتبروا ما يحدث في الجماهيرية شأناً داخلياً يستوجب عدم التدخل الخارجي حرصاً على ليبيا شعباً وأرضاً وعروبة، رغم أن الديكتاتور القذافي لم يُبق منها شيئاً، ولم يقصّروا أيضاً بإرسال مساعدات لوجستية خفية له فضلاً عن السلاح والعتاد والذخائر والطيّارين مما يدفع به أكثر وأكثر إيغالاً في التوحش والإبادة، لأنها بعض معركتهم مع الشعب السوري على أرض ليبيا، ولتُري السوريين – فيما لو انتفضوا – المصير الذي ينتظرهم في النموذج الليبي.
والحقيقة أن النظام السوري بما فعل ويفعل، ورغم المطالبات الكثيرة والدائمة بالإصلاح فهو يؤكد دائماً باختلاقه الأعذار المختلفة عجزه عن إصلاح نفسه رغم حكمه المديد، وذلك لأعطال بنيوية وطبائع شمولية في تركيبته تذكّر ببعض أنظمة الدول الشرقية مما باد من سنين وسنين وبات من التاريخ. وإلا، فهل من المعقول والناس في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين والرئيس يتكلم عن الإصلاح ومشاريع الإصلاح في كل مناسبة، ونحن مانزال في دولةٍ محكومة باستحضار أرواح أموات من خلال نصب وتماثيل موضوعة على مداخل ومخارج المدن السورية، تخصص لها المئات من عناصر المفارز الأمنية والحراسات البوليسية التي تتناوب القيام على خدمتها آناء الليل وأطراف النهار على مدار الساعة، والتي بدورها تتطلب نفقات باهظة من رواتب وصيانات وغير ذلك مما يقتطع من قوت الفقراء وعرق الكادحين.
وعليه، فإننا بمناسبة استمرار اعتقال السلطات الأمنية لعدد من أطفال مدينة درعا منذ أكثر من أسبوعين ممن هم بين العاشرة والرابعة عشرة من العمر بتهمة كتابة بعض شعارات على جدران مدينتهم مما يرونه يومياً من أخبار العرب العاربة والمستعربة المنتفضة والثائرة على ظالميها وفاسديها على القنوات الفضائية من مثل الشعب يريد إسقاط النظام، وجعلها إطلاقَ سراحهم محور بحث ومساومة بين السلطة والأهالي لإخضاعهم وإذلالهم مما له في الحقيقة مدلولات كثيرة.
وإننا أيضاً بمناسبة استمرار رؤية الناس جميعاً ومعهم بالتأكيد الجهات الرسمية ما تنقله الفضائيات مع هذه الانتفاضات امتهان الجماهير لنصب وجداريات وصور عملاقة للرؤساء الحالقين والراحلين والمتنحين بمن فيهم الرئيس القذافي والعياذ بالله، صُرف عليها الملايين من قوت الشعب وممن لم يكن يجرؤ أحد على مسها بسوء، وهي تُكسّر وتُحطّم، أو تُضرب بالأحذية والنعال أو تُمزّق وتُشوّه في العديد من بلاد العرب ممن كان يُهتَف لأصحابها نفديك بالروح والدم، وممن كانوا يُنعتون قبل أيام قليلة بأوصاف العظمة وألقاب الفخامة، فإننا نجد أن الجهات المعنية مدعوة إلى تدارك الأمر إما بقطع الكهرباء عن عموم البلدان بحيث لايستطيع بعدها أحد من الناس صغيرهم وكبيرهم أن يرى شيئاً مما يحصل حوله من جديد الحياة ومستجدات الأمور، وهو أمر بات في حكم المستحيل لأسباب كثيرة، أو أن يقوم من يهمه الأمر وهو الأسهل والأفضل برفع تلك التماثيل واللوحات والنصب، تمثالاً تمثالاً، وإزالتها بنفسه لوحةً لوحة وتوضيبها على طريقته قطعة قطعة، ليمنع عنها السوء والبهدلة وقبل فوات الأوان، ولتكون جاهزة مع ماوضّبه ويوضّبه من مقتنيات وأموال وشنط وعفش ومتاع من مستلزمات الرحلة والرحيل، لترحيله مسبقاً أو جاهزيته ساعة الزنقة مما قد ينسى معها الإنسان الضروري من أشيائه وحاجاته، وتضيع عليه حاجات كثيرة.
نأمل لدعوتنا إلى المعنيين أن تجد آذاناً صاغية، تتفهمها في إطارها من النصح الأمين والنيّة الحسنة.
السيد الرئيس ..!! ساعة الفرج دقّت، وانتفاضة الياسمين السورية تحركت، وجماهيرها الغاضبة انطلقت، ورسالتها إليكم تأكّدت: البقاء لله.
cbc@hotmailme.co
* كاتب سوري