مراسل “الفيغارو” في القاهرة “تانغي سالون”
الملياردير القبطي نجيب ساويريس، الذي يرأس مجموعة “أوراسكوم تيليكوم” هو أحد مؤسسي “مجلس الحكماء”، وهو عبارة عن مجموعة تضمّ عشر شخصيات قامت في الأسبوع الماضي بالتفاوض مع نائب الرئيس عمر سليمان حول سُبل إيجاد حل سلمي للإنتفاضة المصرية. ويؤيد ساويريس بقاء الرئيس حسني مبارك في منصبه حتى انتهاء ولايته لأنه يعتقد أن ذلك هو السبيل الوحيد لضمان “إنتقال ديمقراطي” للسلطة في مصر. وقد أعطى هذه “المقابلة الأخيرة” لجريدة الفيغارو قبل أن يسافر إلى مصيف على البحر الأحمر، ومعه “عشرون كتاباً”، أي ما يكفي لتمضية الوقت إذا ما أعلنت السلطات “القانون العُرفي” في البلاد.
الفيغارو: يبدو أن التعبئة التي يقوم بها المناوئون لمبارك قد بلغت مستوى أعلى. كيف تقيّم الوضع؟
نجيب ساويريس: الوضع يتدهور، لأن المتظاهرين قاموا بتوسيع تحركاتهم من ميدان التحرير إلى جوار البرلمان ومكتب رئيس الحكومة. هذا يعني انهم يشلّون إدارة البلاد، وهذا تصعيد خطير. وبناءً عليه، فأنا شخصياً أتوقّع أن يتدخّل الجيش في أي وقت.
الفيغارو: هذا يعني أن وساطة “مجلس الحكماء” قد فشلت؟
ساويريس: لقد أسّسنا تلك اللجنة لأننا اعتقدنا، أنا وشخصيات أخرى، أنه كان ممكناً التوصل إلى حل وسط بين مطالب المتظاهرين ومواقف النظام. وانطلقنا من مبدأ أنه المهم في نظرنا هو الوصول إلى ديمقراطية حقيقية وأنه ليس مهماً ما إذا كان الرئيس سيرحل الآن أو بعد ستة أشهر. لقد دفعت البلاد ثمناً باهظاً لهذه الإنتفاضة الديمقراطية، من ماليّتها العامة، ومن إقتصادها، ومن عدد الناس الذين قُتلوا، ولكن.. (هنا توقّف للإستماع إلى تصريح لعمر سليمان على التلفزيون) هنالك ثلاثة أسباب وجيهة ضد مطلب الرحيل الفوري للرئيس. الأول، هو أن الدستور لا يسمح لشخص آخر بإدارة عملي الإنتقال. والثاني هو أنه إذا رحل مبارك فإن المتظاهرين لا يملكون أية خطة لتأمين المرحلة الإنتقالية. والثالث، هو أن الجيش يعتبر مبارك أحد أبطال الحرب ولن يقبل أبداً بإذلاله.
الفيغارو: المعارضة تعتبر وعود الإصلاحات غير كافية…
ساويريس: صحيح أننا لم نحصل على كل ما طالبنا به. ولكننا حققنا خطوات كبيرة: فالرئيس لن يترشّح مجدداً للرئاسة، وإبنه انتهى، ومعه الحزب الحاكم، وهنالك قدر أكبر من الحريات الصحفية ومن حريات التعبير. الصحف تكتب ما تريد. بل إن الصحافة الحكومية نفسها غيّرت ولاءاتها.
الفيغارو: ولكن الشارع ليس راضياً….
ساويريس: الشارع مغتبط بنجاحه إلى درجة أنه يبالغ في تقدير قوّته وأنه ينتقل من تصعيد إلى آخر. إنه مثل لاعب قمار ربح مالاً كثيراً وراهن على كل ما ربحه فخسر كل ما لديه في النهاية. هذا هو الوضع الذي وصلنا إليه.
إن من الممكن الآن أن يعلن الجيش القانون العرفي وأن يقوم بانقلاب عسكري.
الفيغارو: ألا يوجد مخرج آخر؟
ساويريسي: كلا، لأن أحداً لم يعد يُنصِت. لقد أتيحت لنا فرصة لاستعادة حرّيتنا، ونحن نقوم الآن بإضاعة هذه الفرصة. إن كل التضحيات التي قدّمها الناس ستذهب هباءً.
الفيغارو: هل يمكن أن يستولي الجيش على السلطة ثم يسلّمها للمدنيين بعد فترة إنتقالية؟
ساويريس: أين شاهدت ذلك؟ في باكستان، أم في التشيلي؟ إذا ما وصل شخص من نوع “بينوشيه” أو “مشرّف” إلى السلطة، فسيكون علينا أن ننتظر عشر سنوات لكي نستأنف معركة الديمقراطية من حيث توقّفت…