إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
سواء طالب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أو لم يطالب بتشكيل لجان لدراسة الأسباب التي تقف وراء الهجمات الارهابية ضد الزوار الشيعة في المناسبات الدينية، إلا أن الجانب الأمني لا يستطيع وحده أن يعالج موضوع الإرهاب الديني في العراق، بل تقع المسؤولية الأكبر في تقديري على عاتق رجال الدين من السنة والشيعة، وترتبط في كيفية التقليل من الخسائر البشرية. وهنا أريد أن أركز على دور رجال الدين الشيعة ومسؤوليتهم في هذا الإطار.
فمواجهة الإرهاب الديني المجرم لا يمكن أن يواجَه بعناد ديني يسقط خلاله عشرات بل ومئات من الضحايا الأبرياء، بمعنى أن رجال الدين الشيعة مصرّون على عدم الإشارة إلى مسؤولية بعض تلك الشعائر، ومنها شعيرة “المشاية”، في زيادة عدد أرقام الضحايا، حيث يفضلون استمرارها حتى لو أدى ذلك إلى سقوط الأبرياء، وكأنهم يضحون بهم من أجل تأكيد عنادهم الديني. فالمشهد الإرهابي هو بمثابة عناد طقوسي شيعي مهلك في مقابل إرهاب سني متطرف.
ولا يمكن الشك ولو للحظة بأن المسؤولية الأكبر في ارتكاب تلك الجرائم تقع على عاتق الجانب السني المتطرف. لكن الإصرار الشيعي على ممارسة التعبّد بتلك الصورة الخطيرة يعكس قصر نظر ديني تجاه مصير ومستقبل الأسر التي تفقد أفرادها وتعيش بعدهم بصورة مأساوية مريعة. فمواقف رجال الدين الشيعة تؤكد على ضرورة ممارسة الطقوس والشعائر بتلك الصورة غير الآمنة وكأنها تلقي بالشيعة البسطاء إلى التهلكة، في حين نهى النص الديني عن أي تهلكة.
إن قضية بعض الشعائر والطقوس التي يقتل بسببها الكثير من الناس، ترتبط بدور رجال الدين الشيعة في جر البسطاء نحو الموت دون ان يتحملوا مسؤولية ذلك المصير ودون أن يوضحوا بأن الإمام الحسين لم يلق نفسه في التهلكة وإنما أجبروه على الهلاك.
وعلى الرغم من ضرورة الإشارة إلى حق الشيعة في ممارسة طقوسهم وشعائرهم في إطار مفهوم الحرية الدينية، إلا أن ذلك الحق لا يمكن أن يكون فوضويا ومبررا في ظل استمرار الصورة الطقوسية المميتة البعيدة عن أي عقلانية ومنطق.
وفي حين يعتقد البعض بأن رجال الدين الشيعة لا حول لهم ولا قوة لوقف زحف مئات آلاف الشيعة من مدنهم نحو كربلاء مشيا على الأقدام، إلا أننا نجد أن بعضهم كمقتدى الصدر قادر على أن يجر الملايين كيفما يسعى، ويوجههم نحو أي طريق سياسي أو ديني مجهول يريده، فهل ذلك دليل على صحة موقف مقتدى أم دليل على وجود أزمة في الوعي الثقافي والاجتماعي والديني؟
إن أي رجل دين شيعي (وبالذات حينما يكون مرجعا) يستطيع أن يفتي لأتباعه ومقلديه – على سبيل المثال – بتحريم شعيرة ضرب الرؤوس بالسيوف (التطبير)، أو بتحريم شعيرة المشي التي سهلت العمليات الإرهابية ضد البسطاء. لذلك، بدلا من أن ننشغل بالصراع حول إمكانية أو عدم إمكانية منع طقس “المشاية”، فلنساهم في الضغط من أجل تقليل الخسائر البشرية. فالغالبية العظمى ممن تستهدفهم العمليات الارهابية هم من فرق “المشاية”. فرجال الدين يستطيعون التأثير في هؤلاء ويمنعونهم من القيام بهذه الشعيرة الخطيرة من خلال فتوى واحدة صغيرة. وبالطبع، هذه الفتوى لايمكن أن تأخذ أبعادا في معناها بحيث تعني السعي لإلغاء بقية الشعائر والطقوس، إنما تؤكد على دور رجال الدين ومسؤوليتهم في غربلة بعض الطقوس المسببة للضرر والهلاك.
فالبسطاء المشاركون في طقس المشي لا تحركهم إلا الفتاوى، وقد يغرر بهم تحت شعار الشهادة دون أدنى اهتمام بالحياة. والأسئلة المطروحة: من يتحمل انتشار مثل تلك الثقافة غير المبالية بالعيش بصورة طبيعية في الحياة؟ ومن المسؤول عن طرح الشعار الديني القائل بأن الإمام سوف ينقذ المشاية من كل سوء أثناء مشيهم؟ وهل يمكن الاعتقاد بأن طريقة ممارسة بعض الشعائر والطقوس هي أهم من حياة الإنسان؟ وهل ممارستها ستكون ضرورية إذا كانت تؤدي إلى التهلكة؟ ففي الفقه – مثلا – ان الصائم يحرم عليه الصيام إذا كان ذلك يؤدي إلى الضرر، فما بالك إذا كان ذلك يؤدي إلى التهلكة؟
وإذا كان في الفقه إمكانية لتعليق بعض الواجبات الدينية والتعبدية استنادا إلى “المصلحة” التي يقررها المرجع الشيعي، فهل هناك صعوبة في أن يأمر المرجع بإلغاء بعض الشعائر المميتة، التي هي في الأساس شعيرة غير دينية وتاريخية؟ هل الشعائر أهم أم حياة الناس؟ هل الواجبات الدينية أهم أم الشعائر؟ هل المطالبة بإلغاء طريقة المشاية يعني إلغاء جميع الشعائر، أم يعني إلغاء طريقة معينة قد تفضي إلى إنقاذ حياة الكثير من الأبرياء البسطاء؟ فنحن نتحدث هنا عن كيفية تقليل الخسائر البشرية جراء العمليات الإرهابية، مما قد يشير إلى خوف رجال الدين المراجع من الإقدام على خطوة تحريم شعيرة “المشاية”، لما لذلك من ضرر على مكانتهم الاجتماعية والدينية. وجميعنا يعلم كيف تضرر بعض المراجع الشيعة حينما طالبوا بتحريم شعيرة التطبير.
ففي أغلب المناسبات الدينية الشيعية في العراق، يقوم الإرهابيون باستهداف الشيعة البسطاء في المناطق التي تكون مكشوفة وغير مسيطر عليها أمنيا. وعلى الرغم من أن البسطاء لا يعاندون بل ينفذون شعيرة تقليدية قديمة لعلهم يحصلون من خلالها على أمانيهم الدينية والدنيوية، إلا أن العناد والتخلف يرتبطان بموقف رجال الدين وبمسؤوليتهم في إنقاذ حياة الناس.
إن ممارسة الشعائر والطقوس تهدف إلى تهذيب النفس لا إلى إزهاق الأرواح، ومن ثمّ فإن إنقاذ أرواح الناس الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة أمام جبروت العادات غير الدينية وفتاوى رجال الدين هي مسؤولية إنسانية بحتة.
كاتب كويتي
ssultann@hotmail.com
مسؤولية رجال الدين الشيعة
وسام السيد طاهر — sedwessa30@gmail.com
استغرب اسلوب الطرح هذا لانك لا تلوم الذين يفجرون بقدر تحميلك الضحايا وزر ايمانهم مهما يكن موقفنا منه كان الافضل ان تنادي من يصدرون فتاوي شيطانية بقتل الانسان ما دام يحمل فكرة تختلف عنهم هذه العقدة التي يجب الوقوف عندها وليس ان يتواجد الانسان بالشارع مما يسهل على المجرمين استهدافه
هنالك اناس في بيوتهم قتلوا بالتفجيرات ماذا تقترح من حل لامثالهم هل نقول لهم احملوا بيوتكم معكم وارحلوا الى اماكن اخرى
اتمنى ان يكون مقالك القادم حول مسئولية رجال الدين
مسؤولية رجال الدين الشيعة
سوري قرفان
أرى أن كل المظاهر الاستعراضات الدينيه تكون بمثابة تحدي للاخر قولاً وفعلا، هي تعطي اشاره واضحة للاخرين وكأنها تقول ليس فقط أنا لست منكم وإنما تذهب أبعد من ذلك لتقول بل أنا أفضل منكم.
من المفترض أن يكون الدين روحانيا أكثر من استعراضي والمذهب الشيعي هو أكثر المذاهب أستعراضيه. إضافة إلى التجهيل المبرمج الذي مارسه الطاغيه صدام على الشعب العراقي المسكين.
موضوع جد مهم تناوله السيد فاخر السلطان الذي عودنا على موضوعيته في تناول قضايا شائكه