إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
ليس سرّاً أن القضاء اللبناني يتعرّض لضغوط جماعة 8 آذار للعودة إلى “عهد عضّوم” والعدالة “الإستنسابية! وليس سرّاً أن سلوك بعض القضاة اللبنانيين في بعض القضايا السياسية يثير أكثر من تساؤل! وهذا خطير في بلد مثل لبنان يُفتَرَض أن تكون فيه العدالة “مستقلة” و”نزيهة” و”محايدة”، حتى لا توصَم بأنها عدالة “على الطريقة العربية” السائدة في المنطقة.
محامو لبنان ينتخبون غداً 4 أعضاء جدد، سيكون أحدهم حتماً عضوا في “حركة أمل” التي تُعرَف بفهمها “التقريبي” و”الإستنسابي” للقوانين. (أعلن المحامي ابراهيم عواضة، مرشح “حزب الله” الى عضوية مجلس نقابة المحامين، في بيان اليوم، انسحابه من الترشح، “حفاظا على وحدة الصف ودعما للائحة المعارضة، شاكرا الزميلات والزملاء وكافة القوى النقابية والوطنية والقيادات السياسية على تأييدهم ودعمهم لترشحه، متمنيا من جميع الزملاء المشاركة الكثيفة غدا لمصلحة لائحة المعارضة من أجل نقابة رائدة في الدفاع عن كرامة المحامي ووحدة وعزة لبنان”.)
لكن ذلك قد لا يكون الأهم. فنقيبة المحامين اللبنانيين، التي رحّبت بها الصحافة يوم انتخابها قبل سنة لأنها “أول إمرأة نقيبة”، أعطت مثلاً سيّئاً جداً على ما تمثّله هذه النقابة التي يُفتَرَض أن تكون في طليعة “هيئات المجتمع المدني” في لبنان، لأنها معنية بالعدالة وبالقانون.
قبل أسابيع نشرت النقيبة أمل حدّاد في جريدة “السفير” (“الغرّاء”، هكذا يُسمّونها!!) المقال “الفضائحي” التالي ترحيباً بنقابة المحامين السورية التي تضم السجون السورية عدداً “لا يُحصى” من أعضائها!
وليس هنا “الأدهى” في الموضوع.
فالنقابة التي رحّبت بها نقيبة المحامين اللبنانيين (“أيها الآتون من ضفاف بردى، ومن كل عرائن سوريا ومنابرها ونقاباتها لكم من زملائكم في بيروت ولبنان «سلام من صبا بردى أرقّ…».”) لا تكتفي بالصمت على اعتقال أعضاء بارزين فيها (من أنور البنّي ‘إلى هيثم المالح وإلى مهند الحسني وغيرهم كثيرون)، بل إنها تشارك أجهزة المخابرات في عزلهم وزجّهم في السجون.
لم تكتفِ نقابة المحامين السورية بعدم الإحتجاج على اعتقال أي واحد من أعضائها. فقد قرّرت “طرد” المحامي مهنّد الحسني لأنه “يرأس منظمة حقوقية” ولأنه “حضر جلسات محاكمات مع أنه لم يكن مكلّفاً”!! وهذا، في حين كان مهنّد الحسني في السجن!
نعيد نشر مقال نقيبة المحامين اللبنانية، أمل حداد (مع التحية لأنور البنّي وهيثم المالح ومهنّد الحسني في.. زنزاناتهم) نقلاً عن “السفير” التي لا نستغرب أن تنشر مثل هذا “المقال الفضيحة”! ومع المقال روابط لبعض إنجازات المحامين السوريين “الآتين من ضفاف بردى” (أو من “ريف دمشق”، برئاسة رستم غزاله)!
مقال نقيبة المحامين في لبنان يذكّرنا بتصريح المرشّحة الإشتراكية لانتخابات الرئاسة في فرنسا، “سيغولين رويال”، التي أبدت إعجابها بـ”العدالة الصينية”!!
وقد يكون أسوأ منه ما يُقال في بيروت من أن النقيبة “محسوبة على 14 آذار”!! كنا نفضّل أن تكون محسوبة على.. “حركة أمل”!!
*
كلنا لكلنا حام وظهير
امل حداد
يأتوننا من رحبات سوريا، المِنبات رجالاً وعزائم، ينبت لمقدمهم الشوق وتختلج لمرآهم الجوارح، وتنتشي لأحاديثهم الآذان، وتطمئن بلقائهم الخواطر.
ألا حدثونا، يا أحب الأشقاء وأقرب الأهل، حدثونا عن دارتكم، وعمن يعمرها من اهل واحباء، في دمشق، وحلب، وحمص، وحماه، والحسكة، ودير الزور، ودرعا، والسويداء، والنبك، ومعلولا، واللاذقية، وبانياس، وطرطوس، ومنبج، ومعرة النعمان.
تعالوا نتحادث عن أحوالنا والهموم، عن طموحاتنا والمشاغل، عن كلّ ما يفرح أو يكدّر، عن كلّ ما يسرّ او يشجي.
الكلمة التي تغمس الجارحة بالجارحة وتتناول حروفها ما ينبض به القلب، هي الكلمة التي تنشق الغالية من تراب لبنان العزيز الأبي نحو تراب سوريا الذي تفتقت ذراته عن أصالة مجيدة من تاريخ الأمة العربية.
تعالوا نتعاون تعاون الزملاء. هلموا نتعاضد تعاضد الرصفاء. إقبلوا نتآزر تآزر النظراء. دعونا نتفاهم لا نتتاهم. ذرونا يتشاك بعضنا إلى بعض، فلا يشتكينّ أحدنا من الآخر، ولا يتخذنّ له عليه زاجراً أو نصيراً، ولنصر، كلنا لكلنا، حامياً وظهيراً.
هذا، ما كان عليه طلائع محاميكم، أيها السوريون، الأخوان، والخلان والأخدان، يأتون، منذ العام 1913، (من دمشق، وحلب، وحماه، واللاذقية، وبانياس، وطرطوس، وصافيتا)، ينهلون من معهد الحقوق الفرنسي في بيروت، ويؤوبون إلى بلاد الشام بشهادات الآباء اليسوعيين.
بل هذا، ما كان عليه متقدمون من بلادي، يتعلمون في مكتب الحقوق العربي الذي أنشئ في دمشق، في الربع الأول من القرن العشرين، الفقه والقانون، باللغة العربية.
ولكم يطيب لي، كما يطيب لكم، أن أستخرج بعض الأطياب من كتاب زميلنا الدكتور دياب يونس المعنون «الخطابة القضائية». يحدثنا الكاتب والكتاب عن النابغة السوري، الدكتور إدمون رباط، الآتي من حلب، يصير أحد أكبر محامي لبنان، ومرجعاً دستورياً، ذا مهابة ورفعة. يحدثنا الكتاب عن العلمين اللبنانيين لويس زيادة وإلياس نمور، تطير لهما شهرة في سوريا، فينتخب كل منهما هناك، نقيباً للمحامين غير مرة. يحدثنا الكتاب كيف كانت سوريا أفضل ميادين فرساننا المترافعين، من أمثال إميل إده، كميل إده، ميشال قشوع، إميل لحود، جان جلخ، حبيب أبي شهلا، يوسف جرمانوس، بهيج تقي الدين، إدمون رباط، عبد الله اليافي. يحدثنا الكتاب والكاتب عن أيام غراء جعلت دمشق فردوس الفصاحة.
كيوم، من اوائل الثلاثينيات، خفّ فيه إلى عاصمة الأمويين عبد الله اليافي وحبيب أبي شهلا وجان جلخ وإميل لحود للمرافعة في قضية اغتيال أحد أركان الكتلة الوطنية السورية سعيد الغزي، فتدفقت إلى محكمة الجنايات الجماهير من مختلف المدن السورية، ما اضطر الحكومة إلى أن تستخدم مكبرات الصوت في ساحة المرجة التي ضاقت بالحشد العرم، فيما كانت الإذاعة السورية تنقل المرافعات من قاعة المحكمة.
وكيوم، استدعي فيه يوسف جرمانوس للدفاع عن الدكتور امين رويحة المتهم في محاولة اغتيال رئيس الدولة السورية أمام المجلس العرفي في دمشق، فألقى خطبة قضائية وسياسية استمت بالجرأة والبلاغة، وأفضت إلى تبرئة موكّله.
وكيوم، جعلت فيه السلطات السورية مجلس النواب مكاناً لمحاكمة قتلة عبد الرحمن الشهبندر، وصفقت فيه الحشود المزدحمة المستهامة بالبلاغة، لمرافعات إميل لحود وبهيج تقي الدين.
إنّ أروع ما في لقائنا اليوم هو تكريس هذه المآثر والقيم والاستمرار في التواصل والتــعاون والتبادل وتأدية الأدوار الحضارية الثقافية على مسرح الوطن التي بهــا تتجلى البطــولة، تجــرداً ونزاهة وجرأة ووطنية، يشهد لها التاريخ إعزازاً وإكباراً.
فإن لنقابة المحامين التي تمثلون في سوريا قدرها الكبير في الحرص على كفتي ميزان العدالة، قضاء ودفاعا، ونشر المعرفة الشاملة في الاشتراع ـ والاجتهاد، مما تسطع به أنوار الحق ويأنس به الآخرون تكشيحاً للغياهب وهتكاً للظلام. هذه هي المحاماة التي نحرص عليها في لبنان، رسالة لا مهنة، ونسعى أبداً لترسيخ الأركان التي بناها أسلافنا وإعلاء أسوارها التي تصان بها حرمتها وهيبتها ونزاهتها».
أيها الآتون من ضفاف بردى، ومن كل عرائن سوريا ومنابرها ونقاباتها لكم من زملائكم في بيروت ولبنان «سلام من صبا بردى أرقّ…».
سلام من النهر الكبير، والعاصي، وقاديشا، ونهر الجوز، وأفقا، والصفا، سلام من المكمل، وصنين، وعامل، فنلتقي جميعاً في جبل الشيخ، كما نلتقي في دمشق وبيروت، فنعمق بيننا أخوات وصداقات، ونرسم لأنفسنا ولبلدينا دروب التاريخ والمستقبل، ونعتمد المؤسسات التي تجلببها الثقة المتبادلة، والمحبة الصافية، والكلمة الصادقة.
أيها الآتون من ضفاف بردى لتقيموا في شغاف قلوب محامي لبنان، تعالوا نجعل ما بين نقابات المحامين في لبنان وسوريا من ود، وإخاء، وصفاء، وصدق، قانون إيمان، وفعل محبة ورجاء، ومثالاً أسمى لما تكون عليه سائر الأمور ما بين سوريا ولبنان.
أيها الأهل القادمون من سهول الخصب في الداخل أهلاً بكم في لبنان، وسهلاً.
كلمة نقيبة المحامين في بيروت في استقبال وفد من نقابة محامي سوريا في بيروت
أيلول/سبتمبر
23 2010
نقلاً عن “السفير”
*
نقابة المحامين تشطب المحامي والناشط الحقوقي السوري مهند الحسني من قيودها
بطلب من “أمن الدولة”: “فرع” نقابة محامي دمشق “يحاكم” المحامي مهنّد الحسني لأنه يرأس منظمة حقوقية!
“بعث لا تعالج”: نقابة المحامين السوريين ترفع دعوى على محامي معتقل بدلاً من الدفاع عنه
إنتخابات نقابة المحامين في بيروت: الفساد في الرأس..!
محامي بالإسنخفاف — moonlife@hotmail.com
سلام من بيار ورفيق، سلام من جبران وباسل، سلام من جورج حاوي، نعم من جورج، إلى كل محامي دمشق الأبطال، الذين يقفون كل يوم في وجه آلة الموت التي تحكم بلدهم، يقفون في كل حين بوجه الطاغية، ونظامه البائد… تحية من هؤلاء إلى نقيبة لبنان، التي ليس لها سوى أن تتغزل بطبيعة الشام ومناخها.. تحية، ألف تحية للأحرار من بلادي.. وأحرار بلادي ليس من بينهم من يدعى أمل حداد..