تشير المعلومات الواردة من العاصمة اللبنانية بيروت الى كثرة الحديث في المناطق المسيحية عن تنامي قدرات “القوات اللبنانية” مقابل تراجع شعبية خصمها الابرز التيار الوطني الحر، او ما يعرف بـ”العونيين”. وهذا بالتزامن مع سيناريوهات “سبعين 7 ايار”، واجتياح لبنان من قبل مسلحي حزب الله، و”أمن المناطق المسيحية” المفترض في ظل إنحياز “العونيين” الى تحالفهم مع حزب الله وإصرار “القوات” على عدم التسلح، والتسليم بأن الامن في البلاد مسؤولية القوى الامنية من جيش وقوى امن يجب عليها ان تتحمل مسؤولية حماية المواطنين، سواء كانوا حزبيين كانوا ام غير حزبيين.
هذه الصورة تضع المناطق المسيحية بين فكي كماشة: أولاً، الامن المخترق من قبل عناصر حزب الله، الذين اعتقدوا لوهلة ان بامكانهم الاختباء في المناطق المسيحية خلف مكاتب التيار العوني او “تيار المردة” في كسروان والحازمية، او تحت ستار محلات تجارية دفعوا ثمنها أضعافا مضاعفة في اماكن محددة لتشكل لاحقا مقرا ومنطلقا لتحركاتهم الامنية.
أما الفك الثاني للكماشة القاضي فهو إضطلاع الجيش اللبناني بالمهام الامنية في المناطق المسيحية مع ما للبنانيين من ملاحظات على آداء القوى الامنية خصوصا خلال احداث 7 ايار، حيث وقف الجيش متفرجا على عناصر حزب الله واتباعهم يحرقون المحطات التلفزيونية ويقتلون يميناً ويسارا في بيروت والجبل على مرأى ومسمع من الجيش المنتشر في الطرقات. إضافة الى عجز المؤسسة العسكرية عن ملاحقة قاتل الضابط الطيار سامر حنا وعدم قدرتها على ضبط الوضع الامني في اشتباكات برج ابو حيدر، الى آخر مسلسل العجز الذي أظهره الجيش اللبناني امام حملات التهديد والتهويل التي تطال المجتمع اللبناني كافة.
وإزاء ما سبق، تُثار التساؤلات في “المناطق المسيحية” عن هوية وانتماءات الضباط والعناصر الذين ينتشرون فيها، وحول ما يثار عن امن المناطق المسيحية، في وجه الانقلاب الموعود في ظل تأكد مخابرات الجيش والقوى الامنية كافة من ان القوات اللبنانية لا تعتزم التسلح، وانها تؤكد يوميا مراهنتها على مشروع الدولة وقواها الامنية لتمارس دورها في حفظ الامن؟!
وهنا تشير المعلومات الى ان معظم العناصر والضباط في الجيش في المناطق المسيحية هم من “العونيين”، ومن بينهم من شارك في معارك “الإلغاء” التي خاضها الجنرال عون في مواجهة القوات اللبنانية في اوائل تسعينيات القرن الماضي ومن بينهم ايضا فرق النخبة في الجيش اللبناني من “فرقة القتال الجبلي” الى “المغاوير” وسواهم.
ويضاف الى ما سبق العرف الذي بدأ يسود في البلاد لجهة إنتقال قادة الجيش الى رئاسة الجمهورية، من الحلم الذي لم ينطفئ بعد للعماد عون بكرسي الرئاسة في بعبدا الى الرئيس الحالي الذي تم تعديل الدستور لضمان انتقاله من اليرزة الى بعبدا ما أسس لطموح قائد الجيش الحالي ليعد العدة للإنتقال من اليرزة الى بعبدا.
وتشير المعلومات ان المعبر السليم لهذا الإنتقال هو السيطرة على المناطق المسيحية، وضبط إيقاع السياسة فيها، ما يعني حتما وضع حدٍّ لتنامي قدرة القوات اللبنانية ورئيس هيئتها التنفيذية الدكتور سمير جعجع، خصوصا ان حظوظ العماد عون في مقابل العماد قهوجي ليست مجال نقاش، وان المنافسة بينهما محسومة حتما لصالح العماد قهوجي.
وتضيف المعلومات ان العماد قهوجي الذي يطمح بدوره للوصول الى كرسي بعبدا عليه ان يثبت سيطرته على المسيحيين عموما والقوات تحديدا، ما يؤسس حكما لمشروع إلغاء رئيس الهيئة التنفيذية للقوات سمير جعجع من الطريق ما بين اليرزة وبعبدا، خصوصا ان تنامي قدرة القوات يعني مزيدا من السيطرة على المفاصل السياسية في المناطق المسيحية ما يعيق حكما طموح الجنرالات في كرسي بعبدا الرئاسي.
*
إقرأ أيضاً:
الجيش اللبناني ينفذ خطة امنية لحماية المناطق المسيحية و.. لبنان
بمعزل عن (أو بسبب) “الدس العوني” الصريح الذي يتضمّنه، ومحاولة التحريض الصريح لقائد الجيش ضد “القوات اللبنانية”، فإن المقال التالي في “الأخبار” يستحق القراءة: