في العام 2006، أتلف 50 جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم في منشأة “نطنز” الإيرانية حينما انفجرت تجهيزات كهربائية كانت إيران قد اشترتها في السوق السوداء. وكانت هنالك تكهّنات، في حينه، أن الحادث كان جزءاً من الحرب السرية التي تشنّها أميركا وإٍسرائيل ضد إيران عبر بيع قطع غير صالحة لأجهزة الطرد المركزي أو عبر إجراء تعديلات في المستندات الفنية على نحو يؤدي لإتلاف الأجهزة.
ويبدو أن هذا النوع من “التخريب” التقني يسير بالتوازي مع برنامج “نزف الأدمغة” الذي يرمي إلى إقناع مسؤولين في البرنامج النووي، أو في الباسداران (على غرار الجنرال علي أصغري) بالفرار إلى الغرب وإطلاع الأجهزة الغربية على ما يعرفونه عن مدى تقدّم برنامج إيران النووي العسكري.
وفي هذا الإطار يأتي الهجوم الذي تتعرّض له أجهزة كومبيوتر تتحكم بمرافق صناعية ونووية في إيران.
ومن المؤكد أن تدهور علاقات إيران مع روسيا، التي تملك خبرات وخبراء أعلى مستوى بكثير من مستوى الخبراء الإيرانيين، لن يساعدها في التصدّي للهجوم الإلكتروني الجديد الذي يرتقي إلى مرحلة حرب إلكترونية.
وقد اعتبر أحد مسؤولي مكافحة الفيروسات في “مختبرات كاسبرسكي” أن الفيروس الجديد يشكّل “إختراقاً اساسياً”، إلى درجة أن “فيروس أورورا” الذي استولى على شبكات “غوغيل” قبل أشهر كان “لعب أطفال” بالمقارنة معه.
وحسب وكالة “رويترز”، قالت شركات غربية في مجال أمن الانترنت يوم الجمعة ان أحد فيروسات الكمبيوتر التي تهاجم برمجيات صناعية واسعة الاستخدام يستهدف ايران بشكل أساسي على ما يبدو وان تعقيد الفيروس يشير الى احتمال أن تكون احدى الدول ربما متورطة في انشائه.
وقال كيفين هوجان مدير الاستجابة الامنية في شركة “سيمانتيك” لرويترز ان 60 في المئة من أجهزة الكمبيوتر المصابة بالفيروس المعروف باسم ستكسنت في العالم موجودة في ايران مما يشير الى أن المنشآت الصناعية الايرانية هي الهدف.
وقالت شركة كاسبرسكي لابس الاوروبية المتخصصة في الامن الرقمي ان هذا الهجوم لا يمكن أن يحدث الا “بدعم من دولة”.
وأضافت الشركة في بيان حول الفيروس الذي يهاجم أنظمة التحكم الصناعية التي تنتجها شركة “سيمنس ايه.جي” واسعة الاستخدام “ستكسنت هو نموذج فعال ومخيف من أسلحة الانترنت التي ستؤدي الى خلق سباق جديد للتسلح في العالم.”
وتصريحات الشركات هي الاحدث في سلسلة من التصريحات لمتخصصين فيما يتعلق بفيروس ستكسنت أثارت تكهنات بأن المحطة النووية الايرانية الاولى في بوشهر ربما استهدفت بمحاولة تخريب أو تجسس تدعمها دولة.
وقال هوجان عن الفيروس “من الواضح تماما بناء على نمط الاصابة ان منشآت ايرانية مستهدفة.”
وأضاف ان أعداد أجهزة الكمبيوتر المصابة كبيرة جدا وقال ان سيمانتك حددت أماكن الاجهزة المصابة وتتبعت الانتشار الجغرافي للشفرة الخبيثة.
وتقول مصادر دبلوماسية وأمنية ان حكومات غربية واسرائيل تعتبر ان التخريب وسيلة من وسائل ابطاء البرنامج النووي الايراني الذي يشك الغرب في أنه يستهدف صنع قنبلة نووية بينما تصر طهران على أنه يستهدف توليد الكهرباء.
وقال هوجان ان من المستحيل التحدث بشكل قاطع عن فئة الكمبيوترات المستهدفة. وقال ان الهدف قد يكون منشأة تكرير للنفط أو محطة للصرف الصحي أو لتحلية مياه الشرب أو مصنع.
لكن الواضح أن صناع هذا الفيروس يمتلكون الكثير من الموارد.
وتابع قائلا “لا يمكننا أن نستبعد الامكانية (أن تكون دولة ما وراء هذا الفيروس). لانه مبني بشكل كبير على الموارد والتنظيم والمعرفة العميقة في مجالات متعددة بما في ذلك معلومات محددة عن منشآت في ايران فمن الممكن أن تكون دولة أو جهة ليست دولة ولكنها تملك هذا النوع من الانظمة.”
وشاركت سيمنس في التصميم الاصلي لمفاعل بوشهر في السبعينات عندما وافقت ألمانيا الغربية حينها وفرنسا على بناء محطة للطاقة النووية في ايران أثناء حكم الشاه قبل أن تطيح به الثورة الاسلامية في عام 1979.
وتقول سيمنس أكبر منتج في العالم لانظمة التحكم الصناعية والتي تعتبر هذه الانظمة أكبر مصادر عائداتها انها لم تزود ايران بأي أنظمة تحكم صناعي يمكن استخدامها في المنشآت النووية.
غير أن خبراء يقولون ان مثل هذه الانظمة يمكن شراؤها من الاسواق.
وانتقدت دول غربية مشاركة روسيا في استكمال مفاعل بوشهر الذي توقف العمل فيه طويلا. وتقول موسكو ان المفاعل مدني تماما ولا يمكن استخدامه في اي برنامج للتسلح النووي.