وطنية – 8/9/2010 رد منسق اللجنة المركزية في حزب الكتائب النائب سامي الجميل على التصريحات التي طالته في الآونة الاخيرة، فاعتبر في مؤتمر صحافي عقده في دارة الرئيس أمين الجميل في بكفيا، ان “هناك امورا غير مقبولة في ما سمعناه في الايام الثلاثة الأخيرة”، مذكرا ب”الاوركسترا التي اعتدناها ايام الاحتلال السوري من شخصيات واسماء ظننا انها لزمن مضى”.
وإذ أشار الى انه “ابن حزب الكتائب والكنيسة المارونية والمقاومة اللبنانية والجبهة اللبنانية”، أعرب عن افتخاره “بما قامت به هذه المؤسسات من أجل المحافظة على لبنان والمسيحيين طوال 1600 سنة”.
وقال: “سبب هذه الحملة اشاحة النظر عن ارتكاباتهم واستعمال السلاح في الداخل اللبناني وكل ما يحصل في حق لبنان، كما انهم يريدون لفت الرأي العام الى مكان آخر”.
اضاف: “اختارونا لان كلمتنا تؤذيهم، وهي كلمة لبنانية صرف ومبنية على المنطق وعلى مصلحة لبنان فقط، وليست استنسابية. نحن لا نتحدث عن سلاح “حزب الله” لتغطية التوطين او العكس، بل عن الاثنين معا، مما يعطينا الصدقية التي يمكن ان تؤثر في الرأي العام في شكل كبير”.
وقال: “يحكى اننا نفتخر بتعاملنا مع اسرائيل، وهي كلمات وعبارات يستخدمها بعض الذين اعتادوا ربما التعامل مع من يتخلى عن تاريخه وهويته وما يمثل من اجل مصالحه الخاصة ومن يمشي مع الريح، فظنوا انهم يستطيعون دفعنا الى التنكر لتاريخنا وشهدائنا”.
واعتبر ان “بعض الشباب يخضع لغسل الدماغ وهو غير مطلع كفاية على تفاصيل تلك الفترة من التاريخ”.
وشدد الجميل على ان “الكتائب والمقاومة اللبنانية حملا السلاح عندما تلكأت الدولة عن القيام بواجباتها وعندما كانت هناك محاولة لفرض مشروع الوطن البديل للفلسطينيين في لبنان”، وقال: “تدخل الجيش السوري ومجموعة كبيرة من الجواسيس والافرقاء الاقليميين في لبنان وتدفق السلاح بطريقة هائلة في حين كانت المقاومة اللبنانية تعمل باللحم الحي في وجه كم الاموال والسلاح المؤمن من الاتحاد السوفياتي لكل الافرقاء الذين كانوا يعتدون على المقاومة اللبنانية التي سندت ظهرها الى الجدار وفي موقع “اما قاتل او مقتول”، ففتشنا عن أي مكان لاحضار السلاح للدفاع عن انفسنا. ونحن لن نخجل بأننا دافعنا بكل الوسائل المتاحة عندما وضع السكين على اعناقنا”.
وتمنى الجميل “لو لم تتم العودة الى ذلك الزمن”، وقال: “لكن رفعت اصابع الاتهام الى الأفرقاء الذين دافعوا عن منازلهم في تلك الفترة وحملوا السلاح للدفاع عن انفسهم، والى ذاكرة جامعة للمسيحيين حينها والى مجموعة كبيرة من الاحزاب والقادة الذين اعطوا حياتهم في سبيل لبنان. لم نكن نحب حمل السلاح ونحن من يسعى الى بناء الدولة، لكننا كنا ندافع عن انفسنا. في حين لم يكن نصف الشعب اللبناني متضامنا معنا والسلاح يرفع في وجهنا، وكنا في جانب والجميع في جانب آخر، وارتكبت مجازر في القاع والدامور وفي حق قرى مسيحية، وبالتالي لا يلومننا أحد على احضار السلاح من الشيطان للدفاع عن انفسنا، ولكن هذا الموضوع انتهى عندما انتهت الحرب اللبنانية عام 1990”.
المحاسبة تبدأ بعد عام 1990 وعندما أصبح هناك دولة وقانون
وتابع: “اذا ارادوا فتح تاريخ تلك المرحلة فليفتح كل التاريخ. هذا الموضوع لا يطرح عبر الاعلام وانما بالجلوس الى الطاولة والقيام بمصالحة ومصارحة بين ابناء الوطن للبحث في هذه الامور. وإذا كنا ندعو الى بناء الدولة ونتفهم الهواجس ولا نريد نكء الجروح، فهذا لا يعني اننا نخجل بأي شيء، واننا لا نريد حل هذا الموضوع مرة نهائية. ونحن ندفع اليوم ثمن عدم القيام بمؤتمر مصارحة ومصالحة وطني”.
واعتبر ان “المحاسبة تبدأ بعد عام 1990 وليس قبله وفي خلال الحرب اللبنانية حيث دافع كل فريق عن نفسه، كما ان المحاسبة الحقيقية تبدأ عندما قرر الجميع بناء الدولة حينها وعندما اصبح هناك دولة ودستور وقانون”.
وحدد معايير العمالة قائلا: “كل من عمل ضد مصلحة بلده مع دولة غريبة او مع افرقاء من دول اخرى، بغض النظر ان كانت صديقة او عدوة، يكون عميلا. كل من اوقف لبنانيا للسلطات السورية لانه كان يدافع عن سيادة بلاده واستقلالها هو عميل. وكل من يعتبر نفسه جنديا في ولاية فقيه هو عميل، وكل من تعامل مع اسرائيل لينقلب على مصلحة لبنان عميل”.
وأكد “أن أي اتهام لفئة او تاريخ على رأسه رجال عظام سنرد عليه بطريقة مباشرة”.
وأعلن الجميل ان من يدعو الى رفع الحصانة عنه ومحاسبته، “ستقام دعاوى ضده بتهمة تشويه الصورة وتأليب الرأي العام وإثارة فتن بين اللبنانيين، وإذا ارادوا دخول هذا النفق فنحن مستعدون لذلك”.
واوضح ان “حزب الكتائب يطلق مواقفه انطلاقا من مصلحة لبنان فقط وليس انطلاقا من مصالح اقليمية”، وقال: “منذ قيام الدولة نعتبر ان اي دولة تعتدي على اي لبناني وتنتهك سيادة لبنان هي عدوة، فعندما كان السوري ينتهك سيادتنا عملنا ضده، ويوم خرج من لبنان شجعنا بناء علاقة جيدة بين الدولتين اللبنانية والسورية”.
اضاف: “ان موقفنا من اسرائيل هو نفسه، فنحن ضدها ما دامت تنتهك الاجواء اللبنانية وسيادة لبنان وتعتدي على اللبنانيين وتنتهك القرارات الدولية”.
وتابع: “قمنا بنقد ذاتي لنا وللجميع، ونحن ندرك أن أزمة الثقة عند اللبنانيين منذ عام 1975 لا تزال قائمة، وقد تؤدي الى مشاكل جديدة مثل 7 ايار او برج ابي حيدر لاننا لم نتعلم من تجارب الماضي”.
ورد على موقف النائب نواف الموسوي قائلا: “انت رجل منطقي ومثقف ومتعلم وابن حزب مقاوم مثلنا، وبالتالي ليس بهذه الطريقة تعامل الناس. نحترمك ولا نحب تخوين بعضنا البعض”.
البيئة الحاضنة
اضاف: “في ما يتعلق بالبيئة الحاضنة، ثمة 144 اسما لعميل قدمتها الدولة الى الامم المتحدة، ينتمي 70 في المئة منهم الى الطائفة الشيعية، فهل اقول عنكم انكم بيئة حاضنة؟”. ودعاه الى “البدء بمحاسبة نفسه قبل الغير”. وقال: “نحن لا نخونكم ولا نفتري عليك بل نريد بناء البلد معكم ومع كل الافرقاء، انما ذلك يتطلب اعترافكم بغيركم وبنضالهم ورأيهم وبأنهم لا يفكرون مثلكم”.
ودعا الى “التخلص من هذا المنطق”، قائلا: “ربما اعتدت ان يرتعد بعضهم خوفا عندما تتحدث، لكننا نسير في قطار لا يتوقف هو قطار البلد الحضاري المتطور والعيش السلمي حيث تحفظ كرامة كل انسان فيه. وهذا القطار يسير معك ومن دونك”. وشدد على أن “الاعتدال هو الذي سينتصر وان احترام بعضنا البعض يحصننا ضد الخارج، والتخوين لن يؤدي الى اي مكان”.
وتابع: “ثمة مسيرة بدأت منذ العام 1990 هي مسيرة النهج الموحد والثقافة الواحدة مثل “تلازم المسارين” و”شعب واحد في بلدين” و”الضروري والشرعي والموقت” والتخوين لكل من قاوم الجيش السوري في ذلك الزمن. وهذا المنطق على مدار 15 سنة شوه صورة قادة مسيحيين ومسيرتهم ووضع المسيحيين على رف الحياة السياسية بنفي الرئيس امين الجميل والجنرال ميشال عون وسجن الدكتور سمير جعجع وقتل داني شمعون وبوضع الكتائب تحت الرقابة. هذه المسيرة خونت وشوهت وانما لا أحد يفكر في أنها نجحت، والدليل على ذلك نشوء مقاومة طالبية في المواجهة. وقد عادت هذه القيادات المسيحية والاحزاب المسيحية الى الواجهة متحملة المسؤولية الوطنية”.
ورأى أن “هناك محاولة إلغاء لم تنجح، كما ان منطق التفكير في أنه لا يحق لهذا الفريق التعبير عن رأيه زالت”، وقال: “سنقترح ما نريد تاركين القرار للشعب اللبناني، وسقفنا هو الدستور اللبناني والقوانين”.
وأشار الى أنه “بعد الفشل في تشويه هذه الصورة وابعاد المسيحيين واللبنانيين بعامة عن تاريخهم وثقافتهم، وجدوا طريقة اخرى هي مبدأ فرق تسد، ووجدوا بعض المواضيع من اجل تفريق اللبنانيين فنجحوا في دفع المسيحيين الى اعتبار ان جزءا منهم يريد سلاح “حزب الله” والجزء الاخر التوطين، عندها بات كل فريق يخون الاخر. لكن اذا اردنا الرجوع الى خطابنا التاريخي نجد ان المشروعين غير مقبولين يجب رفضهما في الوقت نفسه”. وحمل الجميل رسالتين الى اللبنانيين والمسيحيين، فقال: “رسالتي الى جميع اللبنانيين هي انه يجب عدم التخوف من حزب الكتائب لأنه لن يغلب مصلحة الاخر على مصلحة لبنان وهو في صلب الاعتدال ويريد بناء البلد مع كل اللبنانيين. وسنكون اول المدافعين عن اي لبناني يمس بكرامته وحريته، ونحن داعمون لمسيرة الاعتدال والكرامة والحرية في لبنان ولكن في الوقت نفسه ليس على حساب كرامتنا ولا تاريخنا ولا شهدائنا”.
واستشهد بعبارة للمفكر شارل مالك: “ان الطريقة الوحيدة لإلغاء شعب هي ان تنسيه تاريخه”. واضاف: “لا يمكن ان ننسى تاريخنا والتخلي عن شهدائنا ولن نتخلى عن بناء الدولة وعلاقتنا مع سائر اللبنانيين، ولكن احدا لا يطلب منا التخلي عن تاريخنا وشهدائنا”.
وتوجه الى ابناء الجنوب والطائفة الشيعية: “اطلب منكم ان تدركوا ان هذا الموقف الذي توضع فيه الكتائب غير صائب، وكأننا ندعم ما يحصل من تعديات ضدكم ترتكبها اسرائيل. بالنسبة الينا، نحن نرفض التعدي على اي لبناني ومجبرون الدفاع عمن يعتدى عليه”.
أما للمسيحيين، فقال: “يحاولون بكل الوسائل تشريدكم من الذاكرة الجماعية التي تجمعكم. ويحاولون ضرب معنوياتكم ويشعرونكم بأن هذا البلد ليس لكم. بصراحة ووضوح هذا البلد لنا ولغيرنا، ولكن احدا لا يمكنه إلغاء المعادلة المسيحية وتاريخهم ولا ان يجعل من البطولات خيانات لا اليوم ولا غدا، وسنظل نمارس طريقة عيشنا وثقافتنا، فلا تتأثروا بالتهويل وبكل ما نسمعه يوميا”.
وتابع: “لا تستحوا بشهدائنا وعلى رأسهم بشير الجميل وبشهداء الجيش اللبناني في وجه الاحتلالين الاسرائيلي والسوري، ولا بالقيادات المسيحية ولا بمفكرين عظام امثال شارل مالك وفؤاد البستاني وعظماء الجبهة اللبنانية”.
أسئلة
وردا على سؤال، قال: “ليس لأننا نرفض التوطين سنقبل بسلاح “حزب الله” ويوم نفشل نظرية الربط بينهما نكون قد اتحدنا. واعتبر ان السلاح لا يبرر السلاح وان مشروعا سيئا يجب الا يواجه بمشروع سيئ في المقابل”. وأشار الى ان “سلاح “حزب الله” ليس الرادع للتوطين”، مجددا المطالبة بأن يكون السلاح “بيد الشرعية اللبنانية التي تتولى قرار السلم والحرب”.
وفي موضوع آخر، قال: “بدأنا نلمس الكوارث في كتاب التاريخ الذي يبحث حاليا، فالشجاعة هي بالاعتراف بالاخطاء التي ترتكب في الحرب وهذه الاخطاء صادرة من كل الاطراف. واذا كانوا يريدون التحدث عن صبرا وشاتيلا يجب التحدث عن الدامور والقاع. ولكن نرفض التحدث عن مجازر من طرف واحد لأن الاستنسابية تضر الفريق المتحدث فيها، لأنها تعني رفض الاخر. الرأي العام اللبناني يرى ذلك ويرى من الذي يستعمل السلاح في الداخل ويخون ويطلق الاتهامات ويفرق اللبنانيين ويحمل الصواريخ ويقصفهم على عاليه والشوف وبيروت، واحد ليس غبيا من اللبنانيين”. وأشار الى أن “هذا الفريق يريد ان يسير اللبنانيون معه بالقوة والترهيب وليس بالقناعة”.
واشار الجميل الى ان من دعا الى محاسبته ورفع الحصانة عنه “هو مهندس الاحتلال الاسرائيلي في العام 1982 وهو من كان ينقل ارييال شارون في سيارته”، داعيا الى “التحاور مع الشرفاء الذين يريدون بناء الوطن وليس مع المستزلمين الذين ينقلون السلاح من كتف الى اخر”.
وسأل: “هل انا من فتح الملفات؟ وتحدثت عن تواصل “حزب الله” مع اسرائيل ضد حركة “امل” في الثمانينات؟ وهل تحدثت عمن استقبل الضباط الاسرائيليين في الشوف وهلل لهم في 1982 في الجنوب؟ وهل تحدثت عمن صوت في مجلس النواب مع اتفاق 17 ايار؟ أو ليس بشير الجميل هو من رفض توقيع السلام مع اسرائيل؟ أليس امين الجميل هو الذي رفض التوقيع على 17 ايار في حين لامه بعض المتغنين اليوم بإسقاط هذا الاتفاق؟”.
وقال: “اذا ارادوا فتح تاريخ مرحلة معينة نحن جاهزون لفتحها بهدوء وبطريقة ايجابية لبناء بلد وفتح صفحة جديدة”، محذرا من “اللعب بالمحرمات”. وأكد ان “موضوع الحرب اللبنانية يفتح بهدوء وبوعي وبرعاية من الدولة اللبنانية”، متوجها الى الفريق الآخر الذي يخونه بالقول: “على الاقل يجب استخدام اشخاص لديهم القدر والقيمة لمهاجمتي”، مشيرا الى انه استغرب “ما صدر عن مسؤولي “حزب الله” تجاهه ولاسيما انه لا يمكن خروج حديث بهذه الخفة منهم”.
وختم الجميل: “لنهدأ ولنتعامل في ما بيننا بإيجابية ونرح الناس، وليحترم بعضنا البعض الآخر، ولنعد الى الخطاب الطبيعي المنطقي والى ثوابت بناء الدولة ونوقف تلك المسخرة”.